الصين.. معضلة إغلاق مناجم الفحم

أدى التلوث الناجم عن الفحم إلى مقتل نحو أربعمئة ألف صيني خلال الأعوام الماضية.
التلوث الناجم عن الفحم أدى إلى مقتل نحو أربعمئة ألف صيني خلال الأعوام الماضية (الجزيرة)

علي أبو مريحيل

أعاد حادث انفجار بمنجم للفحم في مقاطعة "خه بي" وسط الصين ومحاصرة 11 عاملا داخله، تساؤلات عن معايير السلامة بالمناجم، لتجنب وقوع أي كوارث في المستقبل، مع تعالي أصوات تطالب الحكومة بتحمل مسؤولياتها تجاه هذه الحوادث.

وقالت الشرطة الصينية إن الانفجار وقع مساء الاثنين بمنجم "شين جيا" للفحم في بلدة بادونغ، وهو الأحدث في سلسلة من الانفجارات شهدتها الصين خلال الأيام القليلة الماضية وأسفرت عن مقتل أكثر من ستين شخصا.

ورغم توقيع الصين على اتفاقية باريس للمناخ التي دخلت حيز التنفيذ الشهر الماضي، فإنه يبدو من الصعب على الحكومة الصينية أن تلتزم بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى مستويات متدنية، وإن كانت في وقت سابق قد أعلنت إغلاق بعض المصانع التي تعمل بالفحم المسبب الأول لظاهرة التغير المناخي.

وأوضح مدير معهد السياسة العامة في جامعة جنوب الصين للتكنولوجيا لي مينغ بو أن صناعة الفحم تمثل نحو ثلثي استهلاك الطاقة في الصين، وبالتالي فإن إغلاق مزيد من المصانع وتقليل الاعتماد على الفحم كمصدر أساسي للطاقة قد يؤدي إلى تحول اقتصاد الصين بشكل تدريجي إلى اقتصاد استهلاكي وهو ما يتناقض مع توجه البلاد الاقتصادي القائم على الصناعات الثقيلة.

وأضاف لي مينغ بو للجزيرة نت أن هناك مشكلة أخرى تفوق المشكلات المترتبة على التلوث، وهي أعداد العاطلين عن العمل بسبب إغلاق المصانع وتسريح العمال، مشددا على أن الفحم لا يزال يمثل أهم مصدر للطاقة المحركة لعجلة التنمية الاقتصادية في الصين، سواء على مستوى الإنتاج أو تشغيل القوى العاملة.

‪الضباب الدخاني الناجم عن الصناعات الثقيلة يغطي سماء العاصمة الصينية‬  (الجزيرة)
‪الضباب الدخاني الناجم عن الصناعات الثقيلة يغطي سماء العاصمة الصينية‬  (الجزيرة)

خطة حكومية
من جهته، قال أستاذ الاقتصاد في جامعة الشعب الصينية جنغ تشاو يو إن توقيع الصين على اتفاقية باريس للمناخ يتناسب مع أهداف الصين المستقبلية للتنمية، ويعزز توجه البلاد نحو التطوير في الإنتاج، خاصة وأن السياسات الحالية تتجه نحو تنمية قطاع الخدمات.

وأكد أن السلطات الصينية بدأت بالفعل في خفض إنتاج الفحم، وأنها ستلتزم بخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو 60% حتى عام 2030.

وأضاف للجزيرة نت أن ارتفاع نسبة الوفيات بين العمال بسبب الانفجارات التي حدثت في مناجم الفحم كانت دافعا قويا لاتخاذ إجراءات تحول دون تكرار مثل تلك الحوادث، مشيرا إلى أن التلوث الناجم عن الفحم إضافة إلى الحوادث التي شهدتها المناجم أدت إلى مقتل نحو أربعمئة ألف صيني خلال الأعوام الماضية.

ويرى مراقبون أن الصين اكتفت بإغلاق بعض مناجم الفحم الصغيرة المملوكة للقطاع الخاص، كما خفضت الإنتاج في المناجم الكبيرة، لكنها أبقت على المناجم المملوكة للدولة، وكان إعلان إغلاق تلك المصانع سببا في ارتفاع أسعار الفحم بالصين، وهو ما صب في مصلحة الحكومة.

يشار إلى أن الدول الأعضاء في الأمم المتحدة كانت قد أعلنت بموجب اتفاق باريس للمناخ بوضع إستراتيجيات وطنية تهدف إلى تثبيت تركيز غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي عند مستويات تحول دون إلحاق الضرر بالنظام المناخي للأرض.

المصدر : الجزيرة