روسيا تنكأ جراح السوريين بهدايا الأطفال

Children sit in a car as they wait to be evacuated from a rebel-held sector of eastern Aleppo, Syria December 16, 2016. REUTERS/Abdalrhman Ismail
أطفال سوريون خلال إجلائهم من شرقي حلب منتصف الشهر الحالي (رويترز)

سلافة جبور-دمشق

في سوريا، يتداول الأهالي مثلا شعبيا قديماً يقول "يقتل القتيل ويمشي بجنازته" بقصد الاستهزاء من القاتل ووقاحته في المشاركة بمراسم دفن ضحيته، وهو مثل يراه سوريون اليوم ملائماً لبعض ما تقوم به روسيا في بلدهم.

فمنذ أيام، أعلنت إدارة شؤون الإعلام بوزارة الدفاع الروسية عن "إرسال أكثر من 45 طنا من الهدايا لأطفال سوريا، من الأطفال الروسيين لأقرانهم السوريين بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة".

واحتفت وسائل إعلام ومواقع تواصل اجتماعي رسمية ومؤيدة للنظام السوري بهذا الحدث الذي اعتبرته "تتويجا لأعمال روسيا الإنسانية في سوريا وجهودها المخلصة التي تقدمها للشعب السوري في كافة المجالات".

غير أن سوريين آخرين لا يرون في أيٍّ مما تقوم به روسيا عملا إنسانيا، وهي التي تسببت حتى اليوم بقتل وتشريد وتهجير الآلاف ودمار أجزاء واسعة من البلاد، مستعينة بترسانة أسلحتها التي تفوق أسلحة النظام فتكا وتدميرا.

‪آلاف الأطفال كانوا ضحايا لقصف النظام والقوات الموالية له‬ آلاف الأطفال كانوا ضحايا لقصف النظام والقوات الموالية له (رويترز)
‪آلاف الأطفال كانوا ضحايا لقصف النظام والقوات الموالية له‬ آلاف الأطفال كانوا ضحايا لقصف النظام والقوات الموالية له (رويترز)

أرقام ودلالات
ووفق الشبكة السورية لحقوق الإنسان، قتلت روسيا منذ بداية تدخلها بسوريا في سبتمبر/أيلول 2015 أكثر من 3500 مدني، متفوقة بذلك على تنظيم الدولة الإسلامية الذي قُتل على يده أقل من ثلاثة آلاف مدني منذ بداية ظهوره في سوريا.

ووقع ضحية الأعمال العسكرية الروسية خلال عام وثلاثة أشهر ما يقارب ألف طفل و650 امرأة وأربعين من العاملين في المجال الطبي وعشرة من المجال الإعلامي، وذلك وفق إحصائيات الشبكة التي وثقت كذلك ارتكاب القوات الروسية ما لا يقل عن 170 مجزرة منذ بداية تدخلها العسكري.

أرقام لم تفسح المجال أمام سوريين تحدثت إليهم الجزيرة نت للفرح بهدايا وألعاب يرسلها قاتل أطفالهم ومدمر منازلهم، ولسان حالهم يقول "إن لم تستح فافعل ما شئت".

فمن غوطة دمشق الشرقية المحاصرة، يرى محمد -الذي يعمل مهندسا- أن روسيا تسعى لتلميع صورتها أمام الشعب السوري بعد إجرامها بحقه "إلا أن هذه الخطوة لن تكسبها رضا السوريين في هذه المرحلة".

أثّر الصراع في سوريا بشكل سلبي على الأطفال
أثّر الصراع في سوريا بشكل سلبي على الأطفال

سعادة مفقودة
وتوافقه المدرّسة إسراء رأيه، حيث تؤكد أن "الأطفال لن يجدوا سعادتهم في هدايا لم يقدمها أهلهم ولم يصنعها السوريون لهم، فهل تريد روسيا أن تعيد إلينا الحياة بعد أن سرقتها منا؟ نحن وحدنا قادرون على أن نصنع سعادتنا بأنفسنا".

بدورها تتساءل أمل إن كان بمقدور روسيا أن تقدم أطرفا اصطناعية عوضا عن الهدايا، لعلّ من بترت أقدامهم وأيديهم بسبب القصف يجدون ما يعوضهم عنها.

ومن حي القابون المحاصر شرق دمشق، يستغرب جميل -وهو ممرض في واحدة من النقاط الطبية- تقديم روسيا الهدايا عوضا عن الصواريخ والقذائف "وكأنها تستخف بعقولنا بعد كل الخراب والدمار الذي ألحقته بنا".

أمنيات وأمل
ويضحك أبو حاتم لدى سماعه الخبر قائلا "شرّ البلية ما يضحك، بعد قصف الأطفال يوزعون الهدايا. خروج الروس من بلادنا أكبر هدية يمكن أن يقدموها لنا مع بداية العام الجديد".

أما أبو عمار من حي كفرسوسة غرب دمشق فيتمنى "لو أن روسيا ترسل بعض الهدايا لأطفال المناطق المحاصرة ما دامت ترغب بالظهور على أنها الأب الحنون للسوريين".

ولكل من هناء وأبو محمد الخولي من غوطة دمشق رأي آخر، حيث يرى أبو محمد بأن "فرح أطفال سوريا واحد أينما كانوا، ولا ضير بما يدخل القليل من السرور إلى قلوبهم".

أما هناء فتعتقد بأن "ألعاب الأطفال وإن قدمتها روسيا فهي تعطي بعض الأمل في وطن دمرته الحرب وفرقت أبناءه ولم يعد يملك أدنى قدرة على السعادة".

المصدر : الجزيرة