غضب تونسي لعدم اتهام إسرائيل باغتيال الزواري

جانب من المسيرة الاحتجاجية المتضامنة مع الشعب الفلسطيني عقب اغتيال المهندس التونسي محمد الزواري/العاصمة تونس/ديسمبر/كانون الأول 2016
جانب من الاحتجاجات تضامنا مع الشعب الفلسطيني عقب اغتيال الزواري (الجزيرة نت)
خميس بن بريك-تونس

لم ترتق تصريحات وزير الداخلية التونسي الهادي مجدوب بشأن ملابسات اغتيال مهندس الطيران محمد الزواري إلى تطلعات الرأي العام، حسب عدد من المراقبين اعتبروها ضعيفة ومستهلكة وتعكس خوفا في موقف الحكومة من اتهام إسرائيل.

وكان مجدوب عقد أمس الأول مؤتمرا صحفيا عرج فيه على تفاصيل اغتيال الزواري الخميس الماضي داخل سيارته وأمام منزله في محافظة صفاقس (جنوب)، وكشف أن عملية الاغتيال خطط لها أجنبيان قبل ستة أشهر خارج البلاد، وتحديدا من العاصمة فيينا.

ورغم أن كتائب عز الدين القسام التابعة لـحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كشفت أن الزواري أحد قادتها والعقل المدبر لتصنيع طائرات بلا طيار استخدمتها في المقاومة ضد إسرائيل، فإن مجدوب الذي أكد ضلوع طرف أجنبي في الاغتيال لم يتهم أي جهة.

‪المغزاوي: مؤشرات تتحدث عن تصفية الموساد للزواري‬ (الجزيرة)
‪المغزاوي: مؤشرات تتحدث عن تصفية الموساد للزواري‬ (الجزيرة)

تصريحات فاشلة
وخرجت مسيرة بـالعاصمة تونس أمس احتجاجا على اغتيال الزواري، شارك فيها سياسيون عبروا عن استيائهم من التعاطي الرسمي للحكومة مع اغتيال الطيار.

واعتبر المحتجون أن وزير الداخلية تعامل مع اغتيال الزواري كجريمة حق عام، رغم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية ألمحت إلى تصفيته.

وبهذا الصدد يقول النائب والأمين العام لحركة الشعب زهير المغزاوي للجزيرة نت إن وزير الداخلية "تحدث كي لا يقول شيئا في المؤتمر الصحفي الذي لم يأت بجديد، في وقت تحدثت فيه مؤشرات عدة عن تصفية جهاز الموساد الإسرائيلي للشهيد محمد الزواري".

من جهتها قالت النائبة والقيادية بحزب التيار الديمقراطي سامية عبو للجزيرة نت إن تصريحات وزير الداخلية لم تعد الاعتبار لسيادة الدولة بتوجيه الاتهام إلى إسرائيل التي تبجح إعلامها بتصفية الزواري، معبرة عن اعتقادها بأن هناك "خوفا" حكوميا من اتهام المخابرات الإسرائيلية.

من جانب آخر قال المتحدث باسم الحزب الجمهوري عصام الشابي للجزيرة نت إن "وزير الداخلية أغرق تصريحاته في التفاصيل التقنية لعملية الاغتيال ولم يقدم إضافة جديدة، كما لم يشر إلى تحمل الحكومة للمسؤولية السياسية عبر توجيه أصابع الاتهام للكيان الصهيوني".

‪عبو: تصريحات وزير الداخلية لم تعد الاعتبار لسيادة الدولة‬ عبو: تصريحات وزير الداخلية لم تعد الاعتبار لسيادة الدولة (الجزيرة)
‪عبو: تصريحات وزير الداخلية لم تعد الاعتبار لسيادة الدولة‬ عبو: تصريحات وزير الداخلية لم تعد الاعتبار لسيادة الدولة (الجزيرة)

ضبط النفس
غير أن الخبير الأمني والعسكري مختار بن نصر رأى أن تحفظات وزير الداخلية في تصريحاته تعكس خيار الدولة التونسية بانتهاج سياسة ضبط النفس والتريث لمزيد من التحري والتثبت وتجميع الأدلة قبل الإفصاح عن أي شيء وتوجيه الاتهام لطرف بعينه.

وقال للجزيرة نت إن توجيه الاتهام جزافا إلى أي طرف قبل انتهاء التحقيق قد يسبب أزمة دبلوماسية للبلاد إذا تبين في وقت لاحق أن تلك الاتهامات باطلة، وفق تعبيره.

ودعا الخبير العسكري إلى تشكيل لجنة تبحث في ملابسات اغتيال الزواري لتجميع الأدلة وتحديد المسؤوليات.

وعن رأيه في الخطوات القانونية التي يمكن أن تنتهجها الحكومة إن ثبت تورط جهاز الموساد في عملية الاغتيال، قال بن نصر إن الإجراء القانوني والدبلوماسي المعمول به هو "لجوء تونس إلى منظمة الأمم المتحدة لإدانة جريمة الاغتيال وتحميل المجتمع الدولي مسؤوليته".

حلول قانونية
أما القانوني والخبير في العلاقات الدولية عبد المجيد العبدلي فقال إن المسؤول الأول عن توجيه الاتهام للأطراف المتورطة في عملية الاغتيال هو القضاء التونسي، حتى لو كان مرتكبو الجريمة من جنسيات أجنبية وخارج حدود البلاد.

‪بن نصر: تونس تنتهج سياسة ضبط النفس‬ (الجزيرة)
‪بن نصر: تونس تنتهج سياسة ضبط النفس‬ (الجزيرة)

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن تونس يمكن أن تطلب تسليم المجرمين الهاربين -الذين أودع طلب للإنتربول الدولي للقبض عليهم- لمحاكمتهم أمام قضائها مع وجود اتفاقيات مشتركة وقعت عليها تونس مع الدول الأوروبية والعربية تتعلق بتسليم المجرمين.

وأوضح العبدلي أن أمام تونس لمحاكمة الضالعين في عملية الاغتيال عدة حلول قانونية، منها أن تطلب من المحكمة الجنائية الدولية -التي انضمت إليها تونس في عام 2011- محاكمة المتورطين في الاغتيال بناء على الحجج التي ستقدمها.

ولفت إلى إمكان أن تتوجه تونس بشكوى للجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة عملية الاغتيال، مثلما فعلت عقب القصف الإسرائيلي على مدينة حمام الشط بالعاصمة تونس عام 1985 الذي استهدف الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات وراح ضحيته عشرات الفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة