انتخابات الكويت والتطلع نحو مرحلة من الاستقرار

أمير الكويت يحل مجلس الأمة
انتخابات الكويت تشهد تنافس 287 مرشحا على 50 مقعدا بمجلس الأمة (الجزيرة)
زهير حمداني

تدخل الكويت السبت في استحقاق انتخابي جديد، يأمل الكويتيون أن يكون بوابة عبور نحو مرحلة جديدة من الاستقرار السياسي، والخروج من "نفق" الصراع المستمر بين السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وتأتي انتخابات مجلس الأمة الجديدة بعد أن أصدر أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي قرارا بحل المجلس إثر اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء بحث فيه التوتر الحاصل مع البرلمان، على خلفية تقديم عدد من النواب استجوابا لكل من وزيري المالية والعدل.

وفي خطاب الحل، قال الأمير"إن العمل البرلماني انطوى على انتهاك للدستور وللقانون، وتجاوز لحدود السلطات الأخرى، وتدني لغة الحوار على نحو غير مسبوق تحقيقا لغايات قصيرة ضيقة على حساب مصلحة الوطن".

وكان من المفترض أن تنتهي الفترة القانونية للمجلس المنحل ومدتها أربعة أعوام في يوليو/تموز 2017.

ومنذ عام 2006 شهدت الكويت سلسلة من الأزمات السياسية الحادة، شملت حل مجلس الأمة خمس مرات بقرار من أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح عقب خلافات سياسية، ومرتين أخريين بحكم القضاء.

‪انتخابات مجلس الأمة لسنة 2012 شهدت مقاطعة قوى المعارضة‬  انتخابات مجلس الأمة لسنة 2012 شهدت مقاطعة قوى المعارضة (الجزيرة)
‪انتخابات مجلس الأمة لسنة 2012 شهدت مقاطعة قوى المعارضة‬  انتخابات مجلس الأمة لسنة 2012 شهدت مقاطعة قوى المعارضة (الجزيرة)

خلاف السلطتين
وتميزت العلاقة بين أعضاء مجلس الأمة المعارضين والحكومة بالتوتر خاصة في استجوابات النواب المحسوبين على التيار الإسلامي. وشهد البرلمان الكويتي صدامات مع الحكومة بعد قرارات اتخذها مجلس الوزراء، تهدف إلى تقليص النفقات بالميزانية الجديدة.

وأدى قرار الحكومة رفع الدعم عن المشتقات النفطية وتحرير سعر البنزين إلى احتجاجات برلمانية واستجوابات، انتهت بقرار قضائي ابتدائي يقضي ببطلان قرار الحكومة برفع سعر البنزين، وإعادة السعر القديم في حكم قابل للاستئناف.

وتقضى المادة 107 من الدستور الكويتى -التى اعتمدت فى أمر حل مجلس الأمة السابق- أن تقام انتخابات مبكرة فى مدة لا تتعدى الشهرين من تاريخ الحل، وإن لم تقم الانتخابات خلال شهرين يعاد المجلس المنحل بكامل أعضائه.

تجري انتخابات المجلس وفقا للمرسوم رقم 20 لسنة 2012 المعدِّل للقانون رقم 42 لسنة 2006 القاضي بإعادة تجديد الدوائر الانتخابية لعضوية مجلس الأمة، حيث "تنتخب كل دائرة عشرة أعضاء للمجلس، على أن يكون لكل ناخب حق الإدلاء بصوته لمرشح واحد بالدائرة المسجل بها".

وبلغ عدد المرشحين لانتخابات مجلس الأمة, وفق وزارة الداخلية في الدوائر الخمس 455 مرشحا، انسحب منهم 128، وشطب أربعون آخرون، ليبلغ العدد النهائي للمرشحين 287 منهم 15 امرأة، بينما يبلغ عدد الناخبين 483 ألفا.

وأصدرت محكمة التمييز الكويتية أحكاما بشطب 47 مرشحا لأسباب مختلفة، على رأسهم النائبة السابقة صفاء الهاشم، وأحد أفراد الأسرة الحاكمة مالك المالك، وأحد أبرز مرشحي المعارضة بدر الداهوم لصدور حكم بحقه بعقوبة جنائية (الحبس عامين مع وقف التنفيذ)، كما أيدت محكمة الاستئناف قرار شطب النائب السابق عبد الحميد دشتي.

ورغم قرارات الشطب هذه، يشير إنهاء حركات وشخصيات سياسية من إسلاميين وليبراليين مقاطعتها للانتخابات -بينهم من كانوا خارج الكويت خلال انتخابات عام 2012- ملامح تنافس انتخابي كبير على المقاعد الخمسين للمجلس، الذي يتوقع محللون سياسيون أن يشهد تغييرات كبيرة في تركيبته، وعودة نواب سابقين ومرشحي المعارضة.

‪انتخابات الكويت ستكون ساخنة مع عودة المعارضة للمشاركة‬ (الجزيرة)
‪انتخابات الكويت ستكون ساخنة مع عودة المعارضة للمشاركة‬ (الجزيرة)

جدل الإصلاحات
يحظى البرلمان الكويتي (مجلس الأمة) بصلاحيات تشريعية ورقابية، كمساءلة رئيس الحكومة والوزراء، وحجب الثقة عنهم بشكل فردي لا يشمل إسقاط الحكومة.

وطالب تحالف من أطراف معارضة بإصلاحات جذرية تتيح تشكيل أحزاب سياسية، وتشكيل حكومة يقودها الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية، والحد من صلاحيات الأسرة الحاكمة. لكن تلك المطالب لم تتحقق.

وفي حين يحظر تشكيل الأحزاب والتجمعات السياسية في الكويت، ظهرت التكتلات السياسية في البلاد منذ تسعينيات القرن الماضي، خاصة التيار الإسلامي بشقيه السني والشيعي، وهما من أوسع التيارات السياسية.

ومن مكونات التيار الإسلامي السني الحركة الدستورية، وهي منبثقة عن جمعية الإصلاح الاجتماعي وتمثل تيار الإخوان المسلمين في البلاد، "جمعية إحياء التراث" و"الحركة السلفية" وتمثلان الاتجاه السلفي. أما "الائتلاف الإسلامي الوطني" فيجمع الشيعة بمختلف تياراتهم.

وأبرز تجمعات التيار الليبرالي "المنبر الديمقراطي"، الذي يعده المراقبون وجه اليسار الآخر ويعرف أيضا بالطليعة، والتجمع الشعبي الليبرالي الذي ظهر عام 1999.

ويمثل "التجمع الدستوري" -الذي تأسس عام 1992- التيار السياسي التاريخي لغرفة تجارة وصناعة الكويت. وعلى الساحة السياسية أيضا التيار الناصري الذي خبا منذ انتخابات 1992، وأيضا ما يعرف بتكتلات "المصلحة الواحدة" التي تمثل طبقة التجار.

يركز المرشحون على الجانب الاقتصادي في حملاتهم، وتبرز فيه مشكلة البطالة التي وصلت نسبتها إلى 14.9% -وفق أرقام لوكالة الأنباء الكويتية (كونا)- والانكماش الاقتصادي، حيث تراجعت إيرادات البلاد من النفط بنحو 46%، بينما سجلت الموازنة عجزا بنحو 15 مليار دولار في السنة المالية 2015- 2016.

وتعد التجربة البرلمانية الكويتية الأقدم في دول الخليج العربي، فقد جرت أول انتخابات برلمانية عام 1963، بعد انتخابات المجلس التأسيسي في العام 1962، ويعول الكويتيون على ذلك الإرث، وعلى الانتخابات الحالية للقطع مع حالة "الشلل" السياسي والتناكف المستمر بين الحكومة والبرلمان.

ويؤكد وزير الإعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح سالم الحمود الصباح، أن انتخابات السبت "تمثل مرحلة جديدة للتجربة الديمقراطية الكويتية ودولة المؤسسات"، وتقول وزارة الداخلية إنها نشطت في ملاحقة المخالفات الانتخابية، خاصة ظاهرة "المال الانتخابي" و" الانتخابات الفرعية" من أجل اقتراع شفاف يفرز "مجلس أمة" يتصدى للمشكلات خاصة الأمنية والاقتصادية منها.

المصدر : الجزيرة + وكالات