لاءات الإخوان.. حديث المصالحة بمصر

المركز العام لجماعة الإخوان في حي المقطم بالقاهرة قبل حظر الجماعة
جماعة الإخوان المسلمين أكدت رفضها التصالح مع السيسي ونظامه (الجزيرة)
عبد الرحمن محمد-القاهرة

حسمت جماعة الإخوان المسلمين في مصر الجدل الذي أثارته تصريحات أحد قيادييها بشأن المصالحة مع النظام، بعدما أعلنت رفضها التصالح مع "خائن قاتل"، لكن الأمر لا يزال محل تساؤلات بعد لاءات الإخوان التي رسمت شروطا لأي مصالحة قادمة، ومع من ستكون.

وكان إبراهيم منير نائب مرشد جماعة الإخوان المسلمين أدلى بتصريحات في حوار صحفي أكد فيه أن الجماعة "جادة في إمكانية قبول مصالحة عن طريق حكماء"، وهو الأمر الذي تم تداوله بوصفه قبولا بمصالحة مع النظام الحالي، وأثار ردود فعل رافضة واسعة في صفوف الجماعة عبر منصات التواصل.

غير أن منير عاد وأوضح حديثه عن موقف الجماعة بأنها "مستعدة لسماع كل وجهات النظر من حكماء (لم يسمهم) لإتمام مصالحة في البلاد، لا تستبعد مرسي، وتضع في الحسبان جرائم الانقلاب"، مؤكدا أنه "مع جدية الجماعة في إيجاد مخرج إلا أنها لم تطلب المصالحة مع النظام ولن تطلبها".

وأعقب ذلك بيان نشرته الجماعة بصفحتها الرسمية على فيسبوك أعلنت فيه أربع لاءات رافضة لإجراء مصالحة مع النظام الحالي، حيث قالت "لا تنازل عن الشرعية، ولا تفريط بحق الشهداء والجرحى، ولا تنازل عن حق المعتقلين في الحرية، وحق الشعب في الحياة الكريمة، ولا تصالح مع خائن قاتل". 

‪سودان: الإخوان يبحثون عن مخرج‬ (الجزيرة)
‪سودان: الإخوان يبحثون عن مخرج‬ (الجزيرة)

إمكانية التغيير
ويرى القيادي بالجماعة وأمين لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية والعدالة محمد سودان أن "الجماعة يمكن أن تعدل أو تغير مواقفها السياسية طبقاً للظروف والأحداث المعاصرة، لكن مع تمسكها بمبادئها ونهجها وعقيدتها الإسلامية".

وأكد في حديثه للجزيرة نت أن الجماعة تبحث بالفعل عن مخرج لحلحلة الأزمة بمصر، بعد أن تبين للعالم أن "العسكر يقودون مصر للهاوية"، وأن البلد تسير تجاه ثورة جياع، وهو ما تأبى الجماعة حدوثه، وفق قوله.

وتابع سودان "مصر أصبحت مهددة بالانهيار نتيجة سياسات قائد الانقلاب، وكل ما حل فيها من كوارث ستكرس الحقد الطبقي وربما تعرض البلاد لحرب أهلية وهو ما نخشاه، لذلك ولغيره من أسباب قدم الإخوان مبادرتهم لكل حكماء الشعب المصري بالخارج أو الداخل للحوار للوصول إلى حل يحول دون هذا المصير".

وقال إن الجماعة تمد أياديها لمن يريد الخير لمصر، ويبدي استعداده لحلحلة الأزمة، لكن الحوار لن يكون مع "عصبة الانقلاب"، مؤكدا أن الجيش "ليس هم فقط عصبة العسكر، بل فيه شرفاء يعانون كما نعاني، وعند انهيار عصبة الانقلاب فلا مانع من الحوار مع هؤلاء لإنقاذ البلاد".

وشدد في هذا السياق على أن الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي "لن يكون جزءاً من الحل، لأنه الركن الرئيسي في الأزمة وجريمة الاستيلاء على السلطة"، بحسب وصفه. 

لا مصالحة
من جهته، رأى البرلماني السابق والقيادي بجماعة الإخوان حاتم عبد العظيم أن تصريحات منير حُمِّلت فوق ما تحتمل، فليس هناك مشروع مصالحة مطروح حتى يتم التعاطي معه قبولا أو رفضا.

وقال للجزيرة نت "لا يمكن ﻷي طرف داخل الإخوان تجاوز دماء آلاف الشهداء وتجاوز تلك الجرائم الهائلة بحق الوطن، وفى المقابل فليس هناك عاقل يرفض مخرجا كريما للوطن من أزمته لا يتغاضى عن محاكمة القتلة ولا يتجاوز عن دماء طاهرة أريقت ظلما وعن حق أصحاب المظالم باختلاف أنواعها".

وأمام هذه المعادلة الصعبة يرى عبد العظيم أن الحل هو تشكيل جبهة موحدة تضم القوى الرافضة للانقلاب ولا تقتصر على الإخوان، بما يُمَكِّن من إتاحة أفق جديد للمشهد قد يتطور تدريجيا نحو إيجاد مخرج يحقق الحد اﻷدنى من المطالب الوطنية. 

‪زهران: الإخوان يحتاجون المصالحة لرأب الصدع داخل الجماعة‬ (الجزيرة)
‪زهران: الإخوان يحتاجون المصالحة لرأب الصدع داخل الجماعة‬ (الجزيرة)

مصلحة للجميع
لكن الباحث المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية مصطفى زهران يرى أن المصالحة ضرورية للطرفين، الإخوان والنظام، كون الجماعة بحاجة إلى وضع مستقر تستطيع خلاله رأب الصدع الذي ظهر داخلها وتسيير أمورها مع أي سلطة سياسية قائمة بالبلاد، بحسب رأيه.

وأضاف للجزيرة نت "لا شك في أن المصالحة إن تمت ستلقي بظلالها الإيجابية على الإخوان الذين هم أحوج إليها، كما سيكون لها إيجابيات على المشهد السياسي الذي يدفع الجميع نحو وجود مساع حقيقية للوصول إلى حلحلة لهذه الحالة السياسية الخانقة".

ولفت إلى أن "السلطة السياسية هي الأقوى في المشهد، وأن ردود الأفعال الغاضبة الصادرة من شريحة داخل شباب الإخوان تجاه مبادرة منير لا تتسم بالعقلانية".

المصدر : الجزيرة