الأمطار تغرق خيام النازحين السوريين شمال إعزاز

رأفت الرفاعي-ريف حلب

بدت كأنها مراكب ترسو على شاطئ بحر.. هكذا بدت الخيام على جانبي الطريق في مخيم ياز باغ العشوائي شمال مدينة إعزاز قرب الحدود السورية التركية بعد ساعات فقط من أول هطول للمطر في شتاء هذا العام.

ويمتد المشهد الكارثي إلى أجزاء واسعة من المخيمات العشوائية والرسمية على السواء في المنطقة والتي شكلت ملاذا آمنا لنحو ربع مليون نازح سوري هربوا من جحيم القصف والتهجير.

بعد أن امتلأت المخيمات الرسمية السبعة في منطقة إعزاز انتشر النازحون فيما باتت تعرف بالمخيمات العشوائية في أراض زراعية وطبيعة جغرافية ضاعفت من المعاناة، فكثير من الخيام لم تكن لتصمد على أرض طينية تميد بها وبمن عليها، ناهيك عن صعوبة التنقل في أرض رخوة كهذه، خصوصا لمن كان يحاول يائسا إنقاذ ما يمكن إنقاذه من متاع أو نقل الأطفال والشيوخ إلى أماكن أخرى.

ويقول الحاج محمد -وهو نازح من ريف إدلب– والدموع في عينيه "هربنا من القصف وقتل اثنان من أبنائي، جئنا إلى هنا وكانت المخيمات ممتلئة، نصبنا خيمتنا هنا ورضينا وصبرنا، فكنا نطلب الأمان وحصلنا عليه، والرزق على الله، لكن الآن إلى أين نذهب؟". كانت الغصة والدعاء هما فقط ما يقطعان كلام الحاج محمد قبل أن يختم قائلا "ما جدوى الكلام؟ لقد تخلى الجميع عنا يا ابني".

الكثير من خيم النازحين لم تصمد أمام أول أمطار هذه السنة (الجزيرة)
الكثير من خيم النازحين لم تصمد أمام أول أمطار هذه السنة (الجزيرة)

قصة فراس
فراس من بلدة كفر نايا بريف حلب كان يحاول إقامة بعض السدود لتخفيف تدفق المياه إلى خيمته، قال "أيقظنا بكاء ابني وهو في العام الثاني من عمره، كانت المياه تتدفق تحته من الخارج، حملناه على عجل، ووقفنا جميعا لم نكن نستوعب ما يحصل، كان صوت المطر كصوت الرصاص، امتلأت قلوب أولادي بالرعب، وارتفعت أصوات الصراخ والبكاء، واستمرت المياه بالتدفق".

وتابع فراس قائلا إنه في القصف إما أن يموت المرء أو يبتعد عشرات الأمتار ويكون آمنا، لكن الآن ما العمل؟ واستطرد قائلا "خرجنا من الخيمة نبحث عما يشبه السقف لأضع عائلتي تحته، لاحقا وجدنا خيمة لم تصلها المياه، استقبلتنا العائلة هناك وجاء الرجال لمساعدتنا، وفي الصباح كانت النساء والأطفال من عائلات شتى في الخيام، بينما الرجال يعملون على توجيه المياه بعيدا عن الخيام".

وقال فراس بحرقة إن قريته لا تبعد سوى بضعة كيلومترات، مضيفا أنه والكثير من الأهالي في قرى بريف حلب الشمالي خرجوا من قراهم بعد سيطرة الوحدات الكردية عليها.

أرض إسمنتية
بعض العائلات النازحة كانت لا تزال في الخيمة تضع حصيرة عائمة وعازلة فوق الماء، وتأمل ألا يشتد المطر، فهذا هو عامها الثاني على التوالي في هذه المخيمات العشوائية حيث لم تتسع لها سوى أراض زراعية على طول الحدود لبناء خيمها.

ويقول النازحون إن جميع نداءاتهم لم تسمع، ومطلبهم لم يكن سوى أمتار مربعة قليلة من أرض إسمنتية ترفع خيامهم عن الأرض، لكن لم تستجب أي منظمة لنداءاتهم.

توقفت الأمطار بعد ظهر اليوم التالي، لكن تداعيات أول أيام الأمطار لم تنته، فقد تسببت في حالات مرضية كثيرة، خصوصا بين الأطفال، فلا يوجد في المخيم سوى مستوصف واحد، كما أن درجات الحرارة لم تنخفض بعد في هذه المنطقة التي يتدرج فيها انخفاض درجات الحرارة حتى تعيش أقسى اللحظات أثناء تساقط الثلوج في ديسمبر/كانون الأول، ويناير/كانون الثاني من كل عام.

المصدر : الجزيرة