إصلاح المناهج يستهدف الإخوان والثورة بمصر

Egyptians celebrate on Tahrir Square in Cairo, Egypt, 25 January 2016, on the eve of the fifth anniversary of the 25 January uprising. Egyptians are planning protests to mark the 2011 uprising known as the Arab Spring will commit a 'crime' and must be punished, Minister of Religious Affairs Mohammed Mokhtar said earlier this month. The warning came after Egyptian secular activists and backers of the banned Muslim Brotherhood group called on Egyptians to hold massive a
مصريون في ميدان التحرير يحتفون بذكرى ثورة 25 يناير (الأوروبية)

دعاء عبد اللطيف-القاهرة

لم تتحمل السلطة في مصر بيت شعر يحمل كلمة "إخواني" ضمن نشيد يتعلمه تلاميذ المرحلة الابتدائية فعدلتها إلى "خلاني" ليصير بدلا من "هيا هيا يا إخواني.. نبني وطنا للإنسان" إلى "هيا هيا يا خلاني.. نبني وطنا للإنسان".

ووفق متابعين تحدثوا للجزيرة نت، فإن السلطة في مصر لم تدخر منذ الانقلاب العسكري يوم 3 يوليو/تموز 2013 جهدا في تعديل المناهج الدراسية على مستوى كل المراحل التعليمية بما يتناسب مع مخططها لإعادة كتابة التاريخ وفق رؤيتها.

واستهدفت السلطة ثورة 25 يناير وجماعة الإخوان المسلمين بشكل أساسي في التغييرات بمناهج التعليم، حيث اختزلت الثورة اختزالا في أسباب اندلاعها وأحداثها، كما مس الإخوان التشويه.

وحذفت وزارة التربية والتعليم فصلا كامل من منهج التاريخ للصف الثالث الثانوي يتحدث عن فساد الرئيس المخلوع حسني مبارك خلال فترة حكمه، والذي أدى إلى اندلاع الثورة.

كما أسقطت ذكر الحركات والحملات التي رفعت لواء المعارضة ضد نظامه مثل حركتي "6 أبريل" و"كفاية" وتعامل قوات الأمن بالقوة مع المتظاهرين وسقوط قتلى خلال المظاهرات.

حذف وتشويه
وفي تقرير لها، قالت صحيفة واشنطن بوست إن السلطة في مصر تعمدت حذف كل ما له علاقة بثورة 25 يناير من المناهج الدراسية بحيث لا يكاد يُلحظ اليوم وجود لها في المناهج.

وبنفس أسلوب إخفاء الأحداث، عمدت وزارة التربية والتعليم إلى قص شخصيات لها دورها السياسي خلال السنوات الماضية مثل حذف اسم د. محمد البرادعي -الحاصل على جائزة نوبل للسلام عام 2005- من المناهج الدراسية للصف الخامس الابتدائي.

وكان البرادعي استقال من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية احتجاجا على مذبحة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة المؤيدين لشرعية الرئيس المنتخب محمد مرسي.

‪فاطمة عبد الرؤوف: هناك تلاعب بعقول الأطفال خدمة لمصالح سياسية‬ (الجزيرة)
‪فاطمة عبد الرؤوف: هناك تلاعب بعقول الأطفال خدمة لمصالح سياسية‬ (الجزيرة)

وأمام ذلك، دفع النظام بشخصيات جديدة صورها على أنها أبطال مثل محمود بدر مؤسس حركة "تمرد" التي تولت جمع توقيعات لسحب الثقة من الرئيس المعزول، وزميله محمد عبد العزيز، وكذلك المستشارة تهاني الجبالي وهي من معارضي مرسي.

غير أن وزارة التربية تراجعت وحذفت ما يتعلق بشخصيات حركة "تمرد" من مناهج العام الدراسي الحالي.

أما جماعة الإخوان، فنالت نصيبها من التشويه في المناهج الدراسية، إذ قُدمت باعتبارها جماعة استبدت بالحكم وكانت تحمي مصالحها فقط وتعاقب معارضيها ولم تجسد أيا من المطالب الشعبية في الحرية والكرامة والعدالة.

كما حذفت أسماء وصور قادتها مثل د. سعد الكتاتني -الذي كان رئيسا لبرلمان 2012 المنحل- والنائب د. محمد البلتاجي، من منهج التربية الوطنية للثانوية العامة.

وذكر كتاب التاريخ للثانوية العامة الرئيس المعزول (مرسي) بأنه "انحرف عن مسار ثورة يناير فثار الشعب في 30 يونيو/حزيران لتعديل مسار الثورة".

‪محمد فتح الله: تعديلات المناهج عبث وتتم بطريقة غير مهنية‬ (الجزيرة)
‪محمد فتح الله: تعديلات المناهج عبث وتتم بطريقة غير مهنية‬ (الجزيرة)

في المقابل، لم يحدث أن أقدمت جماعة الإخوان على تغيير المناهج التعليمية خلال فترة حكمها، وفق تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (منظمة حقوقية).

تزييف التاريخ
من جهتها، اتهمت الكاتبة الصحفية فاطمة عبد الرؤوف وزارة التعليم المصرية بالتلاعب بعقول الطلاب وتزييف التاريخ لخدمة مصالح سياسية ضيقة.

وقالت الكاتبة للجزيرة نت إن العقلية التي يبدو عليها الخضوع للتوجيهات الأمنية تقف وراء الفلسفة العقيمة لواضعي المناهج، بحيث تتوهم أن حفظ الطلاب للقراءة التاريخية المنحازة للتاريخ كفيل بخلق جيل مسالم مهادن للسلطة القائمة.

 وتابعت "ما لا يعرفونه أن الكثير من المدرسين رفض شرح الأجزاء المتعلقة بأحداث 30 يونيو" مضيفة أن كثيرا من الطلبة عاشوا الأحداث المزورة "ولا جدوى من التعديلات بالمناهج لكن الخوف على الأجيال القادمة".

أما الخبير بمركز الامتحانات والتقويم التربوي د. محمد فتح الله، فاعتبر التعديل الجاري في المناهج نوعا من "العبث وعدم المهنية".

وتساءل مستنكرا "ما هي المرجعية التي يتم على أساسها الحذف أو الإضافة في المناهج التعليمية؟" منتقدا اتخاذ النظام السياسي كمعيار تبنى عليه عملية تطوير المناهج.

وقال فتح الله للجزيرة نت إن تعديل أو تطوير المناهج التعليمية الذي يتركز على العمل الفردي ووفق الأهواء الشخصية يؤثر سلبا على المنظومة التعليمية بشكل عام، ويؤدي إلى فقدان الطالب الثقة بها.

المصدر : الجزيرة