قراءات مختلفة في قرار جوبا التطبيع مع الخرطوم

البشير وسلفا كير ... أرشيفية الجزيرة نت
سلفا كير والبشير خلال أحد اللقاءات السابقة بالخرطوم (الجزيرة)

عماد عبد الهادي-الخرطوم

فاجأ رئيس دولة جنوب السودان سلفا كير ميارديت الكثير من المتابعين بإصداره أوامر لجيشه بالانسحاب الفوري من الحدود مع السودان وفقا لحدود 1956 بخمسة أميال جنوبا، قبل أن يعلن استعداد جوبا للتطبيع الكامل مع الخرطوم، وتفعيل اللجان المشتركة التي تم تشكيلها بعد انفصال بلاده في 2011.

ونجحت الخطوة الجديدة لسلفا كير في فتح الباب للتكهن بإمكانية عودة العلاقات والتعاون بين السودان وجنوب السودان لحاجة النظامين لبعضهما البعض في كثير من المواقف والقضايا المشتركة.

وكان رئيس جنوب السودان أعلن أنه قرر بعد عطلة أعياد الميلاد تطبيع العلاقات مع من وصفهم بإخوته في جمهورية السودان، مؤكدا أنه أوفد مبعوثا خاصا إلى الخرطوم نهاية ديسمبر/كانون الأول المنصرم "لمناقشة المسائل المتعلقة بتطبيع العلاقات الثنائية ومناقشة قضايا الحدود".

وقال في كلمة أبرزها الإعلام السوداني الثلاثاء الماضي "نحن بحاجة إلى العمل بشكل وثيق مع إخواننا وأخواتنا في الخرطوم، لتطبيع كل علاقاتنا، وبالتالي سنقوم بإعادة تنشيط جميع اللجان المعنية بهذا المسائل".

أبو خريس: قرار سلفا كير ينقصه إجماع داخل دولة جنوب السودان(الجزيرة)
أبو خريس: قرار سلفا كير ينقصه إجماع داخل دولة جنوب السودان(الجزيرة)

خطوة إيجابية
وربط محللون سياسيون سودانيون بين الخطوة الجنوبية وقرار الرئيس السوداني عمر البشير بداية الأسبوع الحالي قبول طلب جوبا تخفيض رسم عبور النفط الجنوبي عبر منشآت السودان.

ورأى هؤلاء أن قرار التطبيع مع الخرطوم خطوة إيجابية ينقصها إجماع قوى الجنوب المختلفة، كون التطبيع سيفيد طرفي المعادلة: السودان وجنوب السودان.

ويؤكد أستاذ العلاقات الدولية في معهد الدراسات الدبلوماسية بالخرطوم عبد الرحمن أبو خريس أن أهمية خطوة جوبا تتمثل في إدراك الأخيرة حاجة البلدين للتطبيع الكامل وإزالة كل أسباب الاحتقان الناجمة عن عدم تنفيذ الاتفاقيات الموقعة منذ انفصال الجنوب السوداني.

لكن أبو خريس يرى أن القرار ينقصه إجماع عام داخل دولة جنوب السودان، "لأن الواقع هناك يؤكد وجود جماعات وكيانات سياسية متصارعة تعمل ضد توجهات الرئيس".

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى أن قراءة الحكومة السودانية لمطالب جوبا كانت صحيحة، لذلك وفقت في إصدار قرارها قبول تخفيض رسوم عبور النفط الجنوبي، "ما أملى على الجانب الآخر الحفاظ على الحدود آمنة، والاستماع لنصائح المجتمع الدولي بتحسين العلاقات مع السودان".

أما أستاذ العلوم السياسية في جامعة زالنجي ياسر ساتي فلم يستبعد تأثر توجهات الرئيس سلفا كير بالمتغيرات الإقليمية والدولية "والتطورات داخل دولة جنوب السودان تحديدا".

ياسر ساتي أكد أن المتغيرات الإقليمية والدولية أسهمت في قرار سلفا كير (الجزيرة)
ياسر ساتي أكد أن المتغيرات الإقليمية والدولية أسهمت في قرار سلفا كير (الجزيرة)

عوامل داخلية
وأكد ساتي في حديثه للجزيرة نت أن العوامل الداخلية بدولة جنوب السودان، ومنها المشكلات التي تواجه تطبيق اتفاق المصالحة بين فرقاء الجنوب وتنفيذ بنوده على الأرض، فرضت على سلفا كير فتح المسارات السياسية مع الخرطوم بشكل أفضل.

وشكك ساتي في قدرة جوبا على تنفيذ ما طرحته من خطوات، "لأن سياسات النظام في جوبا وليدة اللحظة"، وبالتالي فإنه لا يمكن التأسيس عليها بشكل كامل".

من جانبه، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخرطوم صفوت فانوس أن ما طرحه سلفا كير
"مجرد إعلان سياسي في شأن العلاقة مع السودان، وبالتالي لا يمكن الاعتداد به ما لم تظهر الخطوات العملية المطلوبة فعلا".

وأكد فانوس في حديث للجزيرة نت أن مواقف الخرطوم تجاه جوبا "تظل على حالها بسبب دعم الأخيرة متمردي السودان في قطاع الشمال وحركات دارفور المسلحة".

وأشار إلى أنه ما لم يتوقف الدعم الجنوبي لتلك المجموعات ستستمر العلاقة المتأرجحة بين الطرفين رغم ظهور إشارات إيجابية بين الفينة والأخرى".

المصدر : الجزيرة