خمس سنوات على ثورة يناير وصعوبة حسم الصراع
عبد الرحمن محمد-القاهرة
فمع سيولة الأحداث، وتفاقم الأزمات على المستويات السياسية والاقتصادية والأمنية في مصر، وتزامنها مع ارتباك في أداء معارضي النظام ورافضي الانقلاب، بات من الصعب ترجيح حسم الصراع القائم بين الطرفين لأي منهما خلال المرحلة المقبلة، ودفع ذلك مراكز بحثية ومراقبين إلى التحفظ في تبني أي تصور واضح للمرحلة المقبلة.
وفي دراسة صدرت منذ أيام، رأى المعهد المصري للدراسات السياسية والإستراتيجية، أنه من الصعب حاليا تصور قدرة جانبي الصراع (النظام الحاكم ومعارضيه) على حسم الصراع لصالح أي طرف، مما يرجح سيناريو استمرار الوضع القائم وإدارة الطرفين تحركاتهما من منطلق إدارة الأزمة.
وأشارت الدراسة -في هذا السياق- إلى أن ما يدعم هذا السيناريو وجود حالة كبيرة من "التخبط" في كافة نواحي إدارة شؤون الدولة، ومرور الإقليم بتغييرات حيوية وصراعات كبيرة تؤثر وتتداخل بشكل كبير مع الحالة المصرية بأشكال مختلفة.
كما رأت أن من مرجحات سيناريو استمرار الوضع القائم "عدم تحقق حالة الاصطفاف المنشودة" لمعارضي النظام، وعدم اكتمال الحاضنة الشعبية المطلوبة، إضافة إلى الأزمة الداخلية في جماعة الإخوان، وانخفاض وتيرة الحراك الشعبي نتيجة الممارسات "القمعية" للنظام وعدم وضوح أفق لحسم الصراع.
سيناريو الفوضى
ورأت الدراسة أن ما وصفته بتدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية، وتصاعد وتيرة أعمال العنف، وزيادة نفوذ الجماعات المتطرفة، وتوجه أعداد متزايدة من الشباب لتبني هذا النهج، مع عدم قدرة النظام على السيطرة، قد تصل بالبلاد إلى سيناريو الفوضى والعنف والاضطراب الأهلي.
بدروه، رأى أستاذ العلوم السياسية في معهد الدوحة للدراسات العليا خليل العناني أن مستقبل مصر لا يزال غامضا، خاصة في ظل استمرار الأزمة السياسية في البلاد، وفشل النظام الحالي في إيجاد مخرج لها.
وتابع في حديثه للجزيرة نت "شكليا تبدو الأوضاع مستقرة من فوق السطح، لكن فعليا فإن ثمة غليانا اجتماعيا واقتصاديا واحتقانا سياسيا قد يؤدي إلى الانفجار في أي لحظة".
ولفت إلى أن "الوضع الإقليمي بات مضطربا بشكل لم يحدث منذ نهاية الحرب العالمية الأولى، مشيرا إلى أن المنطقة لم تعد كما كانت قبل نحو خمس سنوات، وأن كل دولة تحاول أن تمنع نفسها من السقوط في فخ الفوضى.
وأضاف أن المنطقة تعيش صراعات "طائفية ومذهبية وجيوإستراتيجية" كانت كامنة بفعل التوازنات الدولية، أما الآن فقد أصبحت المنطقة كما لو أنها بركان انفجر ولا يستطيع أحد التحكم في شظاياه، وفق تعبيره.
أما الباحث المتخصص في العلاقات الدولية محمد محسن أبو النور، فرأى أنه من الصعب التنبؤ بنتائج تفاعلات الشارع المصري، لكن جل المصريين يستهدفون الاستقرار والتهدئة في المرحلة المقبلة.
هدوء الشارع
وقال للجزيرة نت إنه من المؤكد أن السياسة الخارجية المصرية الحالية تتصف "بالتنوع" بين المحورين الغربي والشرقي في ظل سياسة انفتاح التسليح التي تم اعتمادها في مرحلة ما بعد الربيع العربي.
ومضى قائلا "يمكن القول إن العلاقات المصرية الخارجية ستتعاطى مع المحيطين الدولي والإقليمي تعاطيا طرديا مع قدرة النظام الحالي على بسط سلطته على قطاعات الدولة، بعد أن شهد الشارع السياسي هدوءا حقيقيا في الأشهر الماضية".
بينما رأى الباحث والمحلل السياسي أسامة نور أنه لا أحد يهتم كثيرا بما يجري في مصر لوجود العديد من الأزمات والصراعات التي تشغل دول المنطقة، خاصة السعودية التي توترت علاقاتها كثيرا مع إيران على خلفية إعدام المرجع الديني الشيعي باقر النمر.
ولفت في حديثه للجزيرة نت إلى أن قيام أميركا برفع العقوبات الاقتصادية عن إيران ساعد في زيادة توترات المنطقة، لأنه سهّل على طهران الاستمرار في تمويل شركائها في المنطقة، وهو ما من شأنه أن يلقي بظلال كثيفة على ما يحدث في مصر.
ومضى قائلا "على الصعيد الدولي، الأمر قد يكون مختلفا، حيث إن مصر تحتل أولوية على سلم الاهتمامات الغربية لما لها من أهمية كبيرة في أمن واستقرار المنطقة وإسرائيل".