رفع العقوبات يوسّع أدوار إيران

From left to right, Chinese Foreign Minister Wang Yi, French Foreign Minister Laurent Fabius, German Foreign Minister Frank Walter Steinmeier, European Union High Representative for Foreign Affairs and Security Policy Federica Mogherini, Iranian Foreign Minister Mohammad Javad Zarif, Head of the Iranian Atomic Energy Organization Ali Akbar Salehi, Russian Foreign Minister Sergey Lavrov, British Foreign Secretary Philip Hammon, U.S. Secretary of State John Kerry and U.S. Secretary of Energy Ernest Moniz pose for a group picture at the United Nations building in Vienna, Austria, Tuesday, July 14, 2015. After 18 days of intense and often fractious negotiation, world powers and Iran struck a landmark deal Tuesday to curb Iran's nuclear program in exchange for billions of dollars in relief from international sanctions ó an agreement designed to avert the threat of a nuclear-armed Iran and another U.S. military intervention in the Muslim world. (Carlos Barria, Pool Photo via AP)
القوى الكبرى توصلت إلى اتفاق مع إيران يقيد برنامجها النووي بعد جولات طويلة من التفاوض (أسوشيتد برس)

منذر خوري

يبدأ خلال أيام على الأرجح مسار تخفيف العقوبات عن إيران تنفيذا للاتفاق النووي المبرم الصيف الماضي لتخرج طهران فعليا من حصار غربي استمر 13 عاما تقريبا, وليصبح الطريق أمامها ممهدا على ما يبدو لتغنم مكاسب اقتصادية وسياسية تدعم ما حققته من نفوذ في المنطقة وخارجها.

وبما أن الاتفاق الذي وقعته إيران مع مجموعة الدول الست (أميركا وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا) في يوليو/تموز الماضي بفيينا يقتصر فقط على تقييد أنشطتها النووية, ولا يضع عليها أي التزامات سياسية بخصوص ما يجري في المنطقة من أحداث, خاصة في سوريا, فإن ذلك يعني أن إيران ستحصل على مقومات مالية وعسكرية وسياسية أكبر قد تساعدها على توسيع أدوارها, خاصة في أزمات المنطقة الملتهبة, مضيفة إليها مزيدا من التعقيد.

و"يكافئ" اتفاق فيينا النووي إيران بقدر التزامها بتنفيذه, ويشمل ذلك الإفراج عن جزء مهم من أموالها المجمدة في الخارج بمقتضى العقوبات الدولية والغربية. وبعد توقيع اتفاق فيينا النووي مباشرة، قدر مسؤول في البنك المركزي الإيراني حجم الأموال المجمدة التي سيُرفع عنها الحظر خلال خمسة أو ستة أشهر من تنفيذ الاتفاق بنحو ثلاثين مليار دولار.

وفي الوقت نفسه سينتعش قطاع النفط والغاز الإيراني لترتفع الصادرات الإيرانية. وتتوقع طهران زيادة صادراتها النفطية في مرحلة أولى بنصف مليون برميل إلى ما يقرب من أربعة ملايين برميل يوميا.

ورغم أن العائدات الإيرانية لن تكون عالية جدا في الأشهر القليلة التالية لبدء رفع العقوبات بفعل تراجع أسعار الخام العالمية إلى ثلاثين دولارا للبرميل, فإن الاستفادة من رفع الحظر قد تتحقق في المدى المتوسط عندما تعود الأسعار إلى مستويات أعلى.

وربما سيكون الكسب الإيراني الأكبر من خلال عودة الشركات العالمية إلى الاستثمار في قطاع النفط والغاز وقطاعات أخرى مهمة, وكانت علامات "التطبيع" الاقتصادي بين إيران والغرب ظهرت عقب الاتفاق النووي مباشرة عندما سافر ممثلو شركات عالمية كبرى إلى طهران للبحث عن استثمارات ومشاريع مشتركة.

كما سافر إلى طهران مسؤولون أوروبيون كبار من فرنسا وبريطانيا وألمانيا لإعادة العلاقات الاقتصادية إلى وضعها السابق, وتعد زيارة المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر إلى العاصمة الإيرانية الأحدث بين تلك الزيارات.

وعلى الصعيد العسكري, تقول طهران إنها تسعى إلى توقيع عقود أسلحة بقيمة عشرين مليار دولار, وكانت تسلمت بالفعل مؤخرا أنظمة "أس 300"  الروسية المضادة للطائرات.

‪مفاعل أراك من المنشآت المشمولة بتحييد الأنشطة النووية الإيرانية وفق اتفاق فيينا‬ (أسوشيتد برس-أرشيف)
‪مفاعل أراك من المنشآت المشمولة بتحييد الأنشطة النووية الإيرانية وفق اتفاق فيينا‬ (أسوشيتد برس-أرشيف)

وضع متوتر
ويأتي الإعلان عن قرب الشروع في تنفيذ الاتفاق النووي وسط توتر بالمنطقة بعد قطع السعودية علاقاتها بإيران عقب الاعتداءات التي تعرضت لها سفارة المملكة في طهران وقنصليتها العامة في مدينة مشهد قبل أقل من أسبوعين.

ورغم أن إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما سعت مرارا, خلال اجتماعات أميركية خليجية في واشنطن والرياض العام الماضي, إلى طمأنة دول الخليج العربي بشأن سلوك إيران بعد الاتفاق النووي, فإن طبيعة هذا السلوك كشفتها بوضوح الردود الإيرانية على الأحكام القضائية الأخيرة في السعودية, والتي تعدت المواقف السياسية إلى اعتداءات أفضت إلى قطيعة دبلوماسية.

وما يدعم القول بأن إيران مهيأة لتحصيل مغانم كثيرة هو الانكفاء الملفت لإدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في آخر ولايته الرئاسية الثانية والأخيرة عن أزمات المنطقة, وسكوتها عن التدخلات الإيرانية المباشرة في سوريا والعراق واليمن ولبنان, إلى الحد الذي جعل حلفاء تقليديين للولايات المتحدة في الخليج العربي يرون أنها أخلت بالتحالف الأميركي الخليجي لمصالح قادمة مع إيران.

وبدا موقف أوباما تجاه إيران أكثر ضعفا بعد احتجاز الحرس الثوري عشرة بحارة أميركيين في زورقين بمياه الخليج, رغم أن الصور التي نشرتها طهران عن احتجاز البحارة واعتذارهم وصفت بأنها "مهينة" لواشنطن.

وكان أوباما عبّر عن مواقف "مرتبكة" في السابق, خاصة عندما هدد الرئيس السوري بشار الأسد بالقوة العسكرية بعد قصف بلدات في ريف دمشق بالأسلحة الكيميائية في أغسطس/آب 2013,  وتراجع لاحقا عن ذلك.

المصدر : الجزيرة