هل كسب الإعلام معركة مضايا؟

A Syrian girl waits with her family, who say they have received permission from the Syrian government to leave the besieged town, as they depart after an aid convoy entered Madaya, Syria January 11, 2016. An aid convoy entered a besieged Syrian town on Monday where thousands have been trapped without supplies for months and people are reported to have died of starvation. Trucks carrying food and medical supplies reached Madaya near the Lebanese border and began to distribute aid as part of an agreement between warring sides, the United Nations and the Red Cross said. REUTERS/Omar Sanadiki
طفلة سورية تغادر مضايا رفقة عائلتها بعد وصول قافلة المساعدات الإنسانية (رويترز)

أمين الفراتي

أدى الإعلام دورا مهما في كسر جزئي للحصار الذي تفرضه قوات النظام السوري وحزب الله اللبناني على بلدة مضايا في ريف دمشق منذ أكثر من سبعة أشهر، وسمح تسليط الضوء على الكوارث الإنسانية الناتجة عن الحصار في تحريك الضمير العالمي لإغاثة أكثر من أربعين ألف مدني.

وتحركت أغلب المنظمات الدولية إثر ضغط إعلامي غير مسبوق مع توارد الصور ومقاطع الفيديو التي أظهرت حجم المأساة، حيث تسبب الجوع والبرد في وفاة أكثر من ثلاثين مدنيا، وتحوّل جزء من سكان البلدة إلى هياكل عظمية يتربص بهم الموت في أي لحظة.

وقام نشطاء إعلاميون بحملات على مواقع التواصل مطلقين عدة وسوم (هاشتاغات) استطاعت لفت أنظار المجتمع الدولي إلى ما يحدث في مضايا من انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم في حق الإنسانية، ويرى الإعلامي السوري أيمن عبد النور في حديث للجزيرة نت أن تلك الحملات كان لها الدور الأبرز في التأثير على النظام وحزب الله وإجبارهما على إدخال المساعدات.

واعتبر أن الإعلام نجح في إجبار النظام السوري وحزب الله على الرضوخ للمجتمع الدولي، إثر حملة متكاملة لعب فيها نشطاء الداخل دورا مهما من خلال بث صور ومقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي وصلت إلى الإعلام الغربي والأميركي على وجه الخصوص.

عبد العزيز: الإعلام أحرج النظام وحزب الله فحاولا تشكيل رأي عام مضاد وفشلا (الجزيرة نت)
عبد العزيز: الإعلام أحرج النظام وحزب الله فحاولا تشكيل رأي عام مضاد وفشلا (الجزيرة نت)

نصر إعلامي
واستطاعت المعارضة السورية تحريك الرأي العام العالمي، حيث اهتمت محطات تلفزيونية عربية ودولية، وصحف ذات شهرة واسعة بمأساة مضايا.

ويرى الصحفي السوري فؤاد عبد العزيز أن ذلك بمثابة نصر إعلامي تجسد على أرض الواقع من خلال إجبار النظام وحزب الله على إدخال مساعدات للمدنيين المحاصرين داخل البلدة.

وأعرب عبد العزيز في حديث مع الجزيرة نت عن اعتقاده أن الحملة الإعلامية حركت المنظمات الدولية من خلال التواصل المباشر معها، وظهور متحدثين على وسائل الإعلام أوضحوا للرأي العام العالمي الجرائم التي ترتكب  في حق الأطفال والنساء.

واعتبر أن الإعلام أحرج النظام وحزب الله فحاولا تشكيل رأي عام مضاد لكنهما فشلا في ذلك، وأدانا نفسيهما بسماحهما بدخول المساعدات، حيث تحدثت جهات أممية عن أن المأساة أفظع مما تم الحديث عنه في وسائل الإعلام.

الطحان طالب بمواصلة الحملات الإعلامية لفك الحصار عن مدن سورية أخرى (الجزيرة نت)
الطحان طالب بمواصلة الحملات الإعلامية لفك الحصار عن مدن سورية أخرى (الجزيرة نت)

استثمار للنجاح
وذهب الكاتب والأكاديمي السوري محمد جمال الطحان إلى القول إن "القلم والكاميرا أكثر فاعلية من البندقية، لكونهما يلعبان دورا في تكوين الاتجاهات، وصنع الحدث، وحشد الرأي العام خلف قضية ما لكسب التأييد والدعم لها".

وأشار الطحان في حديث للجزيرة نت إلى أن دور الإعلام المهم اتضح أكثر في إسهامه في حملة فك الحصار عن مضايا، وطالب بمواصلة الحملات الإعلامية لفك الحصار عن مدن سورية أخرى كداريا ومعضمية الشام ودير الزور وحلب وحمص، ودعا إلى تكثيف الجهود لتبيان أن "الدولة المستبدة هي التي تصدر الإرهاب ولا يمكن أن تكون محاربة له".

ويعتقد الصحفي ثائر الزعزوع أن ما حدث في موضوع حصار مضايا كان بمثابة "مواجهة حقيقية" بين النظام ومليشيات حزب الله وبين "جيش" من الإعلاميين الذين تمكنوا من نقل صورة ما يحدث إلى المجتمع الدولي، الذي مارس ضغطا أثمر إدخال المساعدات، وقال إن هزيمة النظام انعكست على وجه مندوبه في الأمم المتحدة بشار الجعفري الذي "لم يجد وسيلة للدفاع إلا الكذب".

المصدر : الجزيرة