عزل أمنيين بتونس .. هاجس الإرهاب ومطلب العدالة

رجال شرطة يربضون في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس سبتمبر 2015
رجال شرطة يرابضون في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

تحولت حياة رجل الأمن التونسي السابق حسان النوي إلى كابوس بعد قرار وزارة الداخلية عزله إداريا عن العمل لمجرد الاشتباه في علاقته مع مجموعة "إرهابية" دون إحالة ملفه إلى القضاء.

اشتغل حسان في سلك الأمن منذ 27 عاما، لكن مسيرته المهنية الطويلة انقلبت رأسا على عقب بعد قرار مجلس الشرف بوزارة الداخلية ببلاده في أبريل/نيسان الماضي طرده نهائيا عن العمل.

وقتها تظلم حسان إلى المحكمة الإدارية نافيا التهم الموجهة إليه، بيد أن طول الإجراءات القضائية ودخوله في مواجهة قاسية مع البطالة لتوفير لقمة عيش له ولأولاده الثلاثة جعلت حياته صعبة.

يقول حسان إن أول تهمة وجهت له بالتعامل مع الإرهابيين كانت قبل عامين في حكم الترويكا السابقة التي كانت تقودها حركة النهضة، إلا أن غياب أي دليل ضده جعل وزارة الداخلية تكتفي بنقله.

تم تغيير مكان عمل حسان من العاصمة إلى جزيرة قرقنة (جنوب) في ذلك الوقت، لكن عقب تسليم حركة النهضة الحكم إلى حكومة مهدي جمعة السابقة تقرر إحالته من جديد على مجلس الشرف ثم طرده.

التهم الموجهة لهذا الأمني الذي شمله العزل تتمثل في الاشتباه بعلاقاته مع "متشددين"، وهي تهم يقول حسان للجزيرة نت إنها ملفقة.

فيصل الشريف: عزل الأمنيين ينم عن إرادة لإصلاح مؤسسة الأمن (الجزيرة نت)
فيصل الشريف: عزل الأمنيين ينم عن إرادة لإصلاح مؤسسة الأمن (الجزيرة نت)

استغراب
بكثير من الاستغراب يتساءل هذا الأمني المعزول "لماذا لم تقع إحالتي إلى العدالة إن كانت هناك براهين تثبت تورطي حقا في الإرهاب؟"، مؤكدا أنه "بريء من التهم براءة الذئب من دم يوسف".

في الأثناء تباينت الآراء في تونس بشأن قرار وزارة الداخلية عزل أمنيين بتهمة التورط بالإرهاب، بين من رأى الخطوة إيجابية لإصلاح مؤسسة الأمن ومن عدها "متعسفة".

وأعلنت وزارة الداخلية في خطوة غير مسبوقة مؤخرا عن عزل 110 أعوان أمن من شرطة وحرس وجمارك بتهمة التورط مع شبكات تهريب والرشوة وتجاوز القانون والإخلال بواجب التحفظ وعدم الانضباط بالعمل.

وقد كان الأخطر تأكيد مصادر رسمية من داخل المؤسسة الأمنية على تورط بعض الأمنيين في تعاملهم مع خلايا إرهابية ومدهم بالمعلومات، وهي تهم إن ثبتت ضدهم ستجعلهم يواجهون عقوبات قاسية.

وليد الوقيني المستشار الإعلامي لوزير الداخلية أكد للصحفيين أن قرار عزل 110 أعوان أمن لم يكن متعسفا بل جاء نتيجة رصد عدة تجاوزات لهؤلاء الأمنيين من قبل مجلس الشرف طيلة عام مضى.

لكن الغريب في الأمر هو أن وزارة الداخلية لم تحل سوى ملفين اثنين فقط على القضاء بتهمة الإرهاب، في حين اكتفت باتخاذ قرارات تأديبية في حق بقية الأمنيين بعزلهم إداريا عن العمل.

وفي رده على ذلك أوضح الوقيني أن مجلس الشرف دأب سنويا على اتخاذ إجراءات تأديبية في حق أمنيين "مارقين" عن القانون على حد تعبيره، داعيا إلى عدم تهويل الأمر، لأن الاستبعاد طال عددا قليلا من الأمنيين.

اختراق
يرى الخبير الأمني فيصل الشريف أن قرار عزل أمنيين بتهم منها التورط في الإرهاب دليل على اختراق بعض العناصر الإرهابية المؤسسة الأمنية بعد الثورة من أجل الاطلاع على المعلومات وتسريبها.

بيد أنه قال للجزيرة نت إن توجه وزارة الداخلية نحو عزل الأمنيين المتورطين في تهريب الأسلحة أو الإرهاب -حسب وصفه- ينم عن إرادة لإصلاح مؤسسة الأمن وتأمين هذا الجهاز من أي اختراقات مع تعزيز دوره.

ولفت إلى أن اختراق المؤسسة الأمنية من قبل بعض العناصر "المتورطة في الإرهاب" تم عقب سقوط النظام السابق وما تبعه من حل جهازي أمن الدولة وشرطة الشرطة التي كانت ترصد تجاوزات الأمنيين.

ورغم إشادة البعض بقرار عزل أمنيين تحت شبهة الإرهاب تتساءل نقابات أمنية بدورها باستغراب عن سبب عدم إحالة المتورطين في قضايا الإرهاب إلى القضاء والاكتفاء بطردهم من عملهم.

في هذا السياق يقول الناطق باسم نقابة قوات الأمن الداخلي والجمارك المعزولين محسن قفصاوي للجزيرة نت إن عدم إحالة الأمنيين المتهمين في قضايا الإرهاب للقضاء دليل على عدم وجود أدلة ضدهم.

المصدر : الجزيرة