بحثا عن مكان مولد الرسول الكريم

مكتبة مكة المكرمة
مكتبة مكة المكرمة تتوسط المكان الذي كان يُسمى شعب بني هاشم (الجزيرة نت)
أمين محمد حبلا-مكة المكرمة
يحرص الحاج البنغالي حسين محمود على المجيء والبقاء قريبا من مبنى مكتبة مكة المكرمة الواقع في الجهة الشرقية من ساحة المسجد الحرام، إذ يعتقد اعتقادا لا يخالجه شك بأن هذا المكان هو الذي ولد فيه النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ويقول ما معناه إن هذا مكان مقدس ومبارك، ففيه وضعت والدته صلى الله عليه وسلم (آمنة بنت وهب) أفضل الخلق. ومن هذه البقعة تحديدا شعت أنوار الكرامة المحمدية.

ورغم أن المكتبة مغلقة هذه الأيام بسبب ضغط مناسك وأعمال الحج، يحرص كثير من الحجاج على زيارتها والتبرك بها اعتقادا منهم بأنها بُنيت على أنقاض البيت الذي ولد فيه نبي الرحمة محمد صلى الله عليه وسلم.

يلامس حسين حيطان المكتبة ويتجول في ساحاتها ويتنفس هواءها، فتسمو روحه وتعود به الذكريات لأيام طفولة الحبيب وأيام بعثته الأولى حين كان يقيم هناك "هنا كل شيء مبارك حتى الهواء الذي أتنفسه جميل وعاطر، لأنه ينطلق من المكان الذي ولد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم".

بعض الحجاج الحادبين على المكان يخشون أن تصله التوسيعات الجارية حاليا في الحرم المكي، إلا أن الأمين العام للعاصمة المقدسة مكة المكرمة أسامه بن فضل البار أكد للجزيرة نت أن التوسيعات الجارية لا تشمل المكتبة، وحتى إذا امتدت مستقبلا إلى تلك المنطقة فسيتم الحفاظ عليها.

اختلاف الروايات
ولئن كان الاختلاف قائما حول دقة المعلومات التي تؤكد أن مكتبة مكة المكرمة هي مكان مولده صلى الله عليه، فإن الثابت أنه ولد صلى الله عليه وسلم بتلك الناحية التي كانت تسمى شعب بني هاشم، كما تؤكد ذلك المصادر التاريخية.

‪الحاج البنغالي محمود حسين لا يخالجه شك في أن مكتبة مكة المكرمة تقع بالمكان الذي وُلد به المصطفى‬ صلى الله عليه وسلم 
‪الحاج البنغالي محمود حسين لا يخالجه شك في أن مكتبة مكة المكرمة تقع بالمكان الذي وُلد به المصطفى‬ صلى الله عليه وسلم 

وباختلاف الروايات حول التحديد الدقيق لمكان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم تختلف أيضا أهداف مرتادي هذا المكان الكريم، بين من يسعى لأن ينقل الخطى على آثار ميلاد الحبيب صلى الله عليه وسلم وآخرين يسعون للحصول على بعض الكتب والمطبوعات الدعوية والعلمية التي توزع هناك عادة.

بادرْنا أحد الحجاج وهو يتنزل من عتبات المكتبة بالسؤال عما إذا كان جاء للتبرك من هذا المكان، فرد قائلا "لا معلومات لديَّ بشأن طبيعة المكان، جئت هنا لأتسلم بعض الكتب والمطبوعات المتعلقة بالحج.. وهو نفس حالة حاج آخر بدا مستغربا حين طرحنا عليه السؤال، وأكد أنه لم يخطر بمسامعه قط أن هذا مكان مولده صلى الله عليه وسلم.

تشكيك
وحين سألنا أحد رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (هاني الطرشي) -الذي كان مع عدد من رجال الهيئة يشرفون على توزيع الكتب والمطبوعات العلمية والتوجيهية للحجاج على مرتادي المكان- حول حقيقة الأمر، قال إنه لم يثبت مطلقا أن هذا المكان هو الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم تحديدا.

وأضاف "صحيح أن المكتبة تقع ضمن شعب بني هاشم الذي ولد فيه النبي صلى الله عليه وسلم وعاش فيه الجزء الأكبر من حياته، ولكن لم تردنا روايات موثوقة تؤكد تلك المعلومات التي لم تنتشر قبل فترة العصر العباسي" ويضيف الطرشي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل يوم الفتح: أين تنزل غدا؟ فقال "وهل ترك لنا عقيل منزلا؟ قَال: وَنَحْنُ نَازِلُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِي كِنَانَةَ، يَعْنِي الْمُحَصَّبُ".

وبغض النظر عن صحة المعلومات المتعلقة بمكان مولده صلى الله عليه وسلم، فالثابت أن موقع مكتبة مكة المكرمة غاية في الأهمية والخصوصية، فهي في وسط الشعب الذي حاصرت فيه قريش بني هاشم.

يرتبط عدد غير قليل من مرتادي المسجد الحرام بعلاقة وجدانية مع منطقة مكتبة الحرم، فما بيديهم من آثار يؤكد لهم أن المكان المذكور هو مكان مولد النبي صلى الله عليه وسلم، وما بقلوبهم من حنين وشوق يدفعهم إلى التردد مرات ومرات إلى تلك المنطقة التي تقع ضمن المسجد الحرام، وربما ما بألسنتهم من دعاء وبعيونهم من دموع كفيل بأن يكون مجاديف لسفينة الأشواق وهي تمخر بحر الأنوار بين المسجد العتيق والبيت الحرام.

المصدر : الجزيرة