مظاهرات تركيا.. بوادر الانقسام وتحديات السلام
عمر أحمد-إسطنبول
وعمت بعد ذلك موجة من الغضب ونظمت مظاهرات ومسيرات استهدفت مقرات حزب الشعوب الديمقراطي الكردي، وبعض الصحف وممتلكات بعض المواطنين الأكراد.
ولا يتوقف التهديد الذي يواجه تركيا على الهجمات التي يقوم بها العمال الكردستاني والعمليات العسكرية التي تقوم بها الحكومة ضده بل هناك استقطاب اجتماعي، وظهرت بوادر انقسام شعبي على أساس العرق، وإن كانت خلفياته سياسية.
وبشأن المظاهرات التي شهدتها إسطنبول، يقول طالب الدكتوراه في مجال الإعلام تاركان كلج إن الدول الديمقراطية تسمح لمواطنيها بتبادل المعلومات والحصول عليها بحرية "والإعلام أيضا له صلاحيات العمل بشكل مستقر وحر، وللجميع الحق في التظاهر والاعتراض".
وأضاف أن هذه المظاهرات يجب أن تحدث تحت سقف الديمقراطية وقوانينها ومحدداتها، ويجب ألا تتحول إلى العنف. ومن هذا الإطار فإن التظاهر ضد صحيفة حرييت أمر مشروع إلا أن "تطوره إلى هجوم أمر مستهجن فهناك أرواح في الداخل، وهي حادثة يحب أن تدان من مختلف الأوساط السياسية والإعلامية".
تطور خطير
واعتبر أن الهجوم على مقرات حزب الشعوب الديمقراطي أمر غير سليم لأنه مكون سياسي فاز بالانتخابات ونال ثمانين مقعدا بالبرلمان، مما يعني أن خلفه ستة ملايين ناخب.
ورأى أن "الاعتداءات تمثل تطورا خطيرا في بلد يوصف بأنه ديمقراطي، ونفس الأمر ينطبق على حرية المعتقد والاعتداءات عليها".
أما آرزو إيفا أوغلو -وهي موظفة في إحدى شركات القطاع الخاص- فاعتبرت أن "الهجوم على مقر الصحف أمر خاطئ، والجميع يعلم بأن هناك خصومة بين الحكومة وجماعة آيدن دوغان مالكة المجموعة، ولكن لا يمكن تحويل الصراع السياسي إلى هجوم يهدد أرواح عمال يكسبون لقمة عيشهم".
وعن الهجمات على مقرات حزب الشعوب الديمقراطي ذهبت إلى القول إن "لجوء العمال الكردستاني للتسلح، ووجود التفاف من الشعوب الديمقراطي حوله جعلا القوميين يهاجمون مقرات الحزب رغم أن مسيرة السلام كانت لها فرص بالاستمرار".
وأضافت أن العمال الكردستاني يستفيد من القضية الكردية في تركيا، لذلك على الحكومة أن تسأل نفسها كيف نجح هذا الحزب في تجنيد المزيد من الشباب على الرغم من عملية السلام.
درع حماية
وقال التاجر أحمد شيرين إن دفاع حزب الشعوب الديمقراطي عن "العمال الكردستاني الإرهابي" ومحاولة تشكيل درع حماية له واتهام الحكومة دوما باستهداف الأكراد عوامل تزيد الاحتقان والشعور القومي التركي، خاصة مع التهديدات والتطورات الأخيرة في شمال سوريا.
ولفت إلى أن نوابا من حزب الشعوب الديمقراطي أبدوا تعاطفهم مع مهاجمين أكراد قبل أيام، وهو ما التقطته عدسات الكاميرات، فضلا عن سعيهم إلى كسر حصار مفروض على عناصر إرهابية في بلدة جيزرة، على حد قوله.
وشدد على أن الهجمات التي يقوم بها العمال الكردستاني والدعم الذي يحصل عليه من حزب الشعوب الديمقراطي تهدف إلى تمزيق الدولة "وهو أمر مرفوض تماما وبالتالي جاءت موجات الغضب التي تخللها بعض العنف".
أما المتقاعد خليل أوزدمير فقد اعتبر أن الاعتداء الأخير على صحيفتي "حرييت" و"صباح" غير مقبول، "فالصحافة حرة دائما وستبقى كذلك ولا تجوز مهاجمتها".
وأضاف أن نفس الأمر يتعلق بالهجوم على مقر حزب الشعوب الديمقراطي فهو أمر غير صائب، قائلا "تجب هزيمة الإرهاب تحت البرلمان وليس عبر الهجوم والعنف، مما يسفر عن الفرقة بين المواطنين الأتراك".