مظاهرات بيروت.. توحدت الساحات وتعددت المطالب

علي سعد -بيروت

توحدت ساحتا الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت لتشهدا على واحدة من أكبر المظاهرات في تاريخ لبنان، خارج القيدين الطائفي والحزبي، اللذين نجحا على مدى أعوام طويلة في احتكار الساحات لمصلحة مطالب آنية وفئوية.

وعبرت الشعارات والهتافات التي رددت طوال مدة المظاهرة -التي نظّمتها السبت حملة "طلعت ريحتكم" وحملات أخرى- عن حالة الملل التي وصل إليها غالبية اللبنانيين، حيث علت صرختها في وجه نظام "لم يعد يعبر عنها".

ونجحت المطالب المعيشية للمتظاهرين اللبنانيين في كسر الاصطفاف الطائفي، الذي غطى -وفق متظاهرين- سنوات الهدر والفساد وتضخم الثروات في يد فئة صغيرة، مقابل ازدياد مستويات الفقر والبطالة بين الشباب، الذين شكلوا عصب مظاهرات السبت، دون أن يحجبوا التنوع الذي تميزت به المظاهرات.

‪العلم اللبناني غلب في سماء المظاهرة‬ (الجزيرة)
‪العلم اللبناني غلب في سماء المظاهرة‬ (الجزيرة)

مطالب متنوعة
وتنوعت مطالب المتظاهرين بين إسقاط النظام، رغم إقرار عدد كبير بعدم واقعية هذا المطلب، واستقالة الحكومة وتغيير الطبقة السياسية، واستقالة وزيري البيئة محمد المشنوق والداخلية نهاد المشنوق، لتطول كل الحاجات الحياتية من مياه وكهرباء وهاتف وفرص عمل، والمطالبة بحرية وديمقراطية حقيقيتين.

ورفع أحد المتظاهرين يافطة كتب عليها "ارفعوهم عني ليبقى لبنان.. فساد صفقات سرقات هدر طائفية"، في حين رفعت إحدى الحملات الكثيرة المشاركة في المظاهرة شعار "نريد دولة ديمقراطية تضمن العدالة الاجتماعية".

متظاهرة أخرى كتبت على ورقة "أنا مندس وأفتخر" في إشارة الى مثيري الشغب الذين يشتبكون مع القوى الأمنية، في حين دخلت الطرافة على خط الشعارات مع رفع أحدهم صورة لوزير الداخلية إلى جانبه فتاة أجنبية وكتب عليها "طلعت ريحتكم من اليونان".

وقالت إحدى المتظاهرات للجزيرة نت إنها تعيش في نيجيريا ورغم كل مصاعب الاغتراب فهي باتت أفضل من العيش في لبنان، حيث لا كهرباء ولا ماء والنفايات تملأ الطرقات، مضيفة أن  السياسيين "هم أنفسهم فاسدون لا يتغيرون".

في حين عبر متظاهر آخر عن غضبه من النظام و"المسؤولين الفاسدين" في لبنان، لكنه أقر في حديث للجزيرة نت، بصعوبة مطلب إسقاط النظام وتغييره، داعيا إلى تغيير الطبقة السياسية عن طريق انتخابات على أساس قانون انتخابي عادل.

‪مجموعة من الملثمين تخطت السياج الشائك قبل أن تفرقهم القوى الأمنية‬ (الجزيرة)
‪مجموعة من الملثمين تخطت السياج الشائك قبل أن تفرقهم القوى الأمنية‬ (الجزيرة)

مشاركة حاشدة
وقدر حسن شمص وهو أحد منظمي حملة "طلعت ريحتكم"، الأعداد المشاركة بنحو 250 ألف متظاهر، مثنيا على النجاح الباهر الذي أمنته الحملة على مستوى التنظيم والحشد، "حيث أثبتت أنها قادرة على جمع اللبنانيين أكثر من أي حزب أخر".

وأشار في حديث للجزيرة نت إلى أن أمن المظاهرة وحمايتها كان ذاتيا وفرته الحملة عبر متطوعين بلغ عددهم أكثر من أربعمئة شاب، وبالتنسيق مع باقي الحملات.

وأعطت الحملة الحكومة مهلة 72 ساعة قبل العودة إلى الشارع، وطالبت باستقالة وزيري البيئة والداخلية، ومحاسبة المسؤولين عن الاعتداء عن المتظاهرين، وتسليم البلديات أموالها لكي تتولى هي مسؤولية إزالة النفايات وجمعها والتخلص منها.

وقال شمص إنه بعد تحقيق هذه المطالب ستكون هناك عودة مع مطالب أخرى، كون موضوع النفايات ليس إلا جزءا بسيطا من أزمات اللبنانيين، للوصول إلى الهدف الأكبر وهو تنظيم انتخابات نيابية جديدة.

ولم تغب أعمال الشغب والاحتكاكات مع القوى الأمنية رغم أنها تأخرت حتى رحيل معظم المشاركين، حيث بدأ بعض الملثمين بإلقاء الحجارة والمفرقعات النارية على رجال الأمن وحاولوا إزالة السياج الشائك قرب السراي الحكومي.

وطالبت القوى الأمنية المتظاهرين السلميين بإخلاء الساحة قبل أن تتخذ الإجراءات اللازمة بحق من وصفتهم بمثيري الشغب، الذين عملت قوات مكافحة الشغب على تفريقهم ثم اعتقال عدد منهم.

المصدر : الجزيرة