المهاجرون ببدروم التركية تحت رحمة المهربين

لاجئون سوريون في ساحة بلدية مدينة بدروم التركية
لاجئون على أرصفة محطة النقل العام في بدروم التركية (الجزيرة نت)

شادي الأيوبي-بدروم التركية

شأن أقرانهم في المدن البلقانية الأخرى، يفترش مئات اللاجئين ساحات وشوارع مدينة بدروم التركية المقابلة لجزيرة كوس اليونانية استعداداً ليوم المخاطرة بحياتهم نحو الجزيرة المقابلة.

الجزيرة نت زارت المدينة حيث يعيش أعداد من هؤلاء في محيط منطقة الميناء موزعين بين ساحة البلدية وباحات المساجد الصغيرة المحيطة بها وساحات مواقف النقل العام.

ويقول أحمد القادم من العراق "نحن هنا نتنقل بين ساحة البلدية وباحات المساجد القريبة، فكلما أخرجتنا الشرطة من مكان، انتقلنا لمكان آخر"، مضيفاً أن الشرطة لا تتعامل دوماً بلطف مع اللاجئين.

وأوضح أحمد للجزيرة نت أن مواطنين من المدينة يقدّمون المساعدات للاجئين، مما يهون عليهم صعوبة التشرد، في حين يعاملهم آخرون معاملة عنصرية.

ويقول إن عمليات الخروج السري تنشط في مناطق مثل بدروم ومرمريس وإزمير في تركيا، وحين تضغط السلطات على المهربين في منطقة من المناطق المذكورة، ينقلون نشاطاتهم إلى منطقة أخرى، وهكذا دواليك.

لاجئون سوريون في إحدى حدائق بدروم (الجزيرة)
لاجئون سوريون في إحدى حدائق بدروم (الجزيرة)

أحاديث اللجوء
ويستطيع الزائر سماع مئات الأشخاص العرب وهم يتحدثون أو يتهامسون في شوارع وأزقة المدينة عن عمليات الخروج ومخاطرها، وعن المهرب الفلاني وكم يتقاضى على كل شخص، أو المهرب الآخر الذي أخذ مبلغاً من المال من إحدى الأسر ثم اختفى دون أن يقوم بالعمل المطلوب.

المسافة البحرية التي يقطعها مئات السياح يومياً مقابل 15 يورو، يدفع اللاجئون لاجتيازها بقارب مطاطي نحو 1400 دولار للشخص الواحد، في وقت يصل السعر إلى 2500 دولار عند الخروج في يخت سياحي. أما مدة الانتظار فتتراوح ما بين أسبوعين وأشهر عدة.

وفي باحة مسجد مصطفى باشا القريب من المرفأ، التقت الجزيرة نت بالمهاجر السوري هاشم ملاّ وهو يجلس مع زوجته وابنتهما ذات الست سنوات.

شرحت الأسرة للجزيرة نت كيف وقعت ضحية عملية نصب على يديْ أحد المهربين العرب. "كنا طُعماً سهلاً للرجل. لم نسأل ولم نطلب ضمانات. وثقنا بكلامه المعسول وأعطيناه ألفي دولار لم يكن في حوزتنا غيرها. اليوم اختفى ولم يعد يجيب على الهاتف، مع أنه أكد لنا أنه سيعيد لنا المبلغ".

ورغم إدراك هاشم أن المهرب قد سرق ماله، لا يزال يتصل به عشرات المرات يومياً، آملاً في صحوة ضميرٍ للأخير تعيد له المبلغ أو جزءا منه. ويشير هاشم إلى جاره أحمد، الشاب العراقي الذي كان أكثر حذراً، حيث اشترط دفع المبلغ للمهربين بعد وصوله إلى جزيرة كوس.

كانت الأسرة تقيم في إحدى العواصم الخليجية، لكن الظروف كانت صعبة هناك لقلة العائد المادي وارتفاع تكلفة المعيشة، لذلك فضل الزوج ترك عمله والقدوم إلى إسطنبول لسلوك طريق الهجرة نحو أوروبا. كما قررت الزوجة مرافقته واصطحبت طفلتها معها.

‪(الجزيرة‬ لاجئون سوريون في بدروم
‪(الجزيرة‬ لاجئون سوريون في بدروم

وبينما تطلب الزوجة العودة إلى العاصمة الخليجية، يصرّ هاشم على مواصلة الطريق، موضحاً أنه بلغ سن الثامنة والخمسين من عمره، ولا أمل له في أي عمل براتب جيد في أي دولة عربية. في المقابل يبدو موضوع اللجوء أكثر إغراءً وأضمن لمستقبل ابنته.

كل تفصيل في حياة أسرة هاشم متعب، ابتداءً من المبيت والطعام والشراب، وليس انتهاء بشحن الهاتف المحمول. يقول هاشم إن شحن الهاتف مشكلة يومية، حيث يستعمله بكثرة للتواصل مع أقربائه وأقرباء زوجته.

ويضيف "حتى في المسجد لم يعودوا يسمحون لي بشحن الهاتف، وصرت أعطيه لزوجتي لتشحنه في مصلى النساء".

لا تصوير
معظم اللاجئين، خاصة الأسر، يتخوفون من الحديث إلى الصحافة، ويندر أن يقبل شخص أو أسرة بالتقاط صورة لها، وعادة ما يتلقى الصحفي جواباً متوقعاً "لو سمحت لا تلتقط أي صورة لنا. هذا سيؤذي أهلنا في اليرموك، أو في منطقة أخرى".

وبالطبع لا يخفى في بعض الأحيان أن الأسر لا ترغب في التقاط صور لها وهي تفترش الساحات العامة، خاصة أن الكثيرين منهم كان سابقاً من الموسرين مادياً.

المصدر : الجزيرة