الزبداني.. بوادر معركة استنزاف طويلة

إحدى المدرعات التي اغتنمها الثوار في الزبداني
إحدى المدرعات التي سيطر عليها الثوار في الزبداني (الجزيرة)

علي سعد-بيروت

دخلت معركة الزبداني في ريف العاصمة السورية دمشق يومها الثاني والخمسين بتقدم مقاتلي "أسود الزبداني" وجبهة النصرة الذين أعلنوا بدء معركة فك الحصار عن المدينة، بعدما فشل وقف لإطلاق النار الأسبوع الماضي في إرساء هدنة في المدينة.

وشهدت الزبداني يوما حافلا الخميس لمصلحة المعارضة المسلحة التي شنت هجوما مباغتا من الجبل الشرقي وكمنت لقوات النظام وتمكنت من السيطرة على بعض النقاط وإيقاع خسائر في صفوف الجيش السوري وحزب الله، بحسب مصادر المعارضة.

أما الجيش السوري وحزب الله فردا بقصف متقطع استهدف تجمعات عديدة داخل المدينة ومحيطها. ونعى حزب الله ستة من عناصره يعتقد أنهم قتلوا في هجوم المعارضة على الزبداني، لكن الحزب لم يحدد المكان الذي قتلوا فيه.

ويؤشر الهجوم الذي بدأته قوات المعارضة إلى قدرات تكتيكية متوفرة، في وقت تشيع وسائل إعلام موالية للنظام السوري أن الزبداني سقطت عسكريا وأن اقتحامها واحتلالها مسألة ساعات.

لكن التطورات على أرض المعركة تشي بغير ذلك، فمقاتلو المعارضة بيّنوا أن قدرتهم على المبادرة لا تزال موجودة بعد 52 يوما على إغلاق كافة مداخل ومخارج المدينة، وسيطروا في هجوم أمس على دبابة وصواريخ وأسلحة متوسطة وخفيفة ستعزز قدرتهم على الصمود.

ويدرك مسلحو المعارضة الذين يبلغ عددهم نحو ألف ومعظمهم من أبناء الزبداني، أنهم غير قادرين وحدهم على فك الحصار عن المدينة.

‪قصف متواصل لقوات النظام على مدينة الزبداني‬ (ناشطون)
‪قصف متواصل لقوات النظام على مدينة الزبداني‬ (ناشطون)

وتشير مصادر المعارضة المسلحة إلى أن إستراتيجية هذه الفترة وبانتظار تطورات تأتي من خارج المدينة، ستكتفي بهجمات متفرقة مباغتة على حواجز ومراكز للجيش السوري وحزب الله، وإيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر ثم الانسحاب إلى مواقعهم.

وتقول مصادر المعارضة السورية إن مقاتلي الزبداني ينتظرون تطورات متوقعة على ثلاث جبهات خلال الأيام القليلة المقبلة، سيكون لها تأثير مباشر قد يقلب موازين المعركة أو على الأقل يعيد التوازن إليها إذا حصلت.

وبحسب المصادر فإن أبرز التطورات المتوقعة سيكون التصعيد على محور المناطق المحيطة بالزبداني والتي يشهد بعضها مفاوضات، يضاف إلى استعدادات تجري لمعركة مفتوحة في كفريا والفوعة في إدلب للسيطرة على البلدتين، مع وعود بالتدخل من أكثر من جبهة لدعم مقاتلي الزبداني.

أما في حال تأخر هذه التطورات، فتؤكد المصادر أن المسلحين لن يسلموا الزبداني، وأن الاقتحام من قبل الجيش السوري سيكون عملا انتحاريا، معتبرة أن المعركة إذا استمرت على سيرها الحالي ستكون معركة استنزاف لا غالب ولا مغلوب فيها.

وعلى مستوى المدنيين، تشير مصادر المعارضة إلى أن أعدادا كبيرة منهم نجحت في الخروج من المدينة مما يخفف الضغط عن المسلحين.

‪لم يبق للمدنيين منازل يلجؤون إليها في الزبداني‬ (الجزيرة)
‪لم يبق للمدنيين منازل يلجؤون إليها في الزبداني‬ (الجزيرة)

أما رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات هشام جابر فلا يرى أن المسلحين الموجودين في الزبداني قادرون على تحقيق خرق يؤدي إلى فك الحصار والدخول في معركة تشبه ما يجري في داريا، لأسباب عديدة أبرزها أن "الزبداني محاصرة من كل الجهات، كما أن القرار باستعادتها من قبل الجيش السوري وحلفائه اتخذ ولا عودة عنه".

لكن العميد المتقاعد يبدي في حديث للجزيرة نت ثقة بأن المعركة ستستمر لأسابيع إضافية خصوصا أنها باتت حرب عصابات تتنقل من شارع إلى آخر ومن مبنى لآخر، معتبرا أن "الخيارات كلها من أرض محروقة أو مواجهة مباشرة مع الثوار ستأخذ وقتا طويلا، لأنه لا يمكن بسهولة استعادة منطقة يقاتل فيها أبناؤها الذين يعرفون الأرض جيدا ويتمسكون بها ولا خيار آخر لديهم سوى القتال".

وقال جابر إن "الأيام القليلة المقبلة قد تشهد هدنة جديدة في الزبداني تكون مثل مقايضة بين المدينة ومناطق ثانية في ريف دمشق الغربي، وهي مصلحة للجيش السوري الذي سيريح نفسه ويريح المدينة".

المصدر : الجزيرة