الزبداني في مواجهة الحسم العسكري

صور من القصف الذي يقوم النظام السوري للزبداني
قصف عنيف من قوات النظام على الزبداني (الجزيرة)

علي سعد-بيروت

لم تنجح المفاوضات التي خاضتها حركة أحرار الشام مع الإيرانيين في تركيا في تحويل وقف إطلاق النار في مدينة الزبداني بين مسلحي المعارضة السورية من جهة وقوات النظام وحزب الله من جهة ثانية إلى هدنة ثابتة. ولم يستفد المقاتلون والمدنيون في الزبداني من وقف النار الذي استمر 72 ساعة لإدخال المؤن أو الذخيرة بسبب الحصار المشدد على جميع مداخلها.

وقال مصدر في المعارضة السورية إن الإيرانيين "بالغوا في مطالبهم المتعلقة بتسليم مدينة الزبداني إلى جانب إخلاء بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين من قوات المعارضة، مقابل عدم التنازل اتجاه مطالب المعارضة التي كان بينها إطلاق سراح عدد من المعتقلين".

وأوضح المصدر للجزيرة نت أن الشروط التي أرسلها النظام عبر الوسيط الإيراني "قوبلت بالرفض القاطع من جميع فصائل المعارضة، خصوصا بعد شعورها بأن التفاوض يجري فقط على خروج المسلحين، وهو ما لا يحقق أي فائدة للفصائل".

وأضاف المصدر بأن الأمر "انعكس غضبا من النظام الذي صبّ براميله على الزبداني، في حين ردت المعارضة بمعركة لهيب داريا ومعركة تحرير إدارة المركبات وإعادة الهجوم على كفريا والفوعة، التي انهالت عليها الصواريخ بشكل جنوني لم يسبق له مثيل مباشرة بعد خرق الهدنة".

‪صور عبر الهاتف من داخل الزبداني لمشاهد الدمار التي أصابت المدينة جراء القصف المستمر‬ (الجزيرة)
‪صور عبر الهاتف من داخل الزبداني لمشاهد الدمار التي أصابت المدينة جراء القصف المستمر‬ (الجزيرة)

وقال أبو عبد الرحمن أحد المقاتلين في الزبداني إنه عند الثامنة من صباح اليوم انتهى وقف إطلاق النار الذي بدأ صباح الأربعاء بعدد من القذائف التي أطلقها الجيش السوري المدعوم من حزب الله، وسرعان ما أمطرت الزبداني بالقذائف من جميع المراكز التي تتمركز فيها قوات النظام السوري، إضافة إلى إلقاء أعداد من البراميل المتفجرة حيث عادت طائرة الميغ للتحليق في سماء الزبداني".

وقال أبو عبد الرحمن إن القرى المجاورة للزبداني والتي تعج بالمدنيين الذين فروا من المدينة إثر بدء المعركة الشرسة عليها قبل حوالي أربعين يوما، تعرضت أيضا لوابل من القذائف، علما أنه لا نشاط عسكريا للمعارضة ينطلق من تلك القرى.

وأضاف "يقاتل المسلحون في الزبداني اليوم تحت لواء واحد أطلق عليه اسم ثوار الزبداني، كون الجميع هناك أدرك أن المعركة معركة بقاء، والنصر لن يتحقق إلا بعزيمة ووحدة جميع الثوار".

وتحدث أبو عبد الرحمن عن "الوضع المأساوي" الذي تعيشه الزبداني بعد ثلاث سنوات من الحصار غير المباشر و40 يوما من الحصار المباشر، مشيرا إلى أن معظم الأهالي وحتى العسكريين الباقين في المدينة "لم يروا رغيف الخبز منذ شهر إلا عبر التلفزيون، فيما لا يجدون أحيانا حتى الفتات ليتغذوا به".

وقال إن حوالي خمسمئة مدني لا يزالون في المدينة، إضافة إلى أكثر من ألفي مقاتل، في حين نزح نحو أربعة آلاف نسمة في بداية المعركة إلى القرى المجاورة ويعاني معظمهم من نقص في المواد الغذائية، ناهيك عن الذين ينامون في الشوارع، لافتا إلى أن المدينة مدمرة بالكامل ولم يعد توجد أماكن يحتمون بها.

وقالت مصادر مطلعة قريبة من حزب الله إن وقف إطلاق النار "كان فرصة للمسلحين في الزبداني لمغادرة المدينة دون أن يضطر إلى استعمال الأسلوب الحربي لمواجهتهم"، مشيرة إلى أنه بعد عدم احترام شروط الهدنة، التي نصت على انسحاب المسلحين وإخلاء بلدتي كفريا والفوعة، لم يعد من خيار إلا اقتحام المدينة.

وتوقعت المصادر أن يكون الحسم لصالحها في الزبداني خلال مدة ليست طويلة، معتبرة أن تفويت فرصة الهدنة التي كانت لمصلحة الطرفين سينعكس على المقاتلين المحاصرين داخل المدينة منذ شهر ونصف الشهر.

المصدر : الجزيرة