لماذا صوّت اليونانيون بـ"لا"؟

ناخبون أمام مدخل مركز الاقتراع ويظهر نسبة كبيرة من كبار السن بينهم
ناخبون أمام مدخل مركز الاقتراع (الجزيرة)

شادي الأيوبي-أثينا

 

لم يقتنع الناخب اليوناني بأن التصويت بـ"لا" في الاستفتاء الذي جرى أمس الأحد يمكن أن يخرج البلد من منطقة اليورو، كما روج المسؤولون الأوروبيون لذلك، واعتبر الكثير من اليونانيين الاستفتاء مجرد مرحلة في حياة بلدهم، وليس مسألة مصيرية تخرج بلدهم من حزمة اليورو أو تودي بها إلى الإفلاس.

ولم تتوقف الضغوط الأوروبية على اليونانيين للتصويت بـ"نعم" على تصريحات المسؤولين الأوروبيين أو وسائل الإعلام الخاصة. وكشف موظفون في شركات أوروبية في اليونان أن رؤساءهم في العمل حاولوا التأثير عليهم للموافقة على خطة الدائنين.

وأوضح بعض هؤلاء أن رؤساءهم جمعوا الموظفين قبل التصويت، وحاولوا الضغط عليهم للتصويت بـ"نعم" بحجة أن ذلك يضمن استمرار العمل وتدفق السيولة إلى البنوك، كما حذروهم من أن حكومتهم اليسارية التي ستخرج اليونان من اليورو.

‪ناخبون يبحثون عن أسمائهم في اللوائح الانتخابية‬ (الجزيرة)
‪ناخبون يبحثون عن أسمائهم في اللوائح الانتخابية‬ (الجزيرة)

ويبدو أن التصريحات والمواقف الأوروبية ساهمت في رد فعل معاكس ونوع من التحدي لدى فئات واسعة من الشعب اليوناني. ففي أحد مراكز الاقتراع في العاصمة أثينا، قال المتقاعد ثاناسيس للجزيرة نت "التصويت مسألة مهمة للبلد، لكنه لن يوصلها إلى الخروج من حزمة اليورو مهما كانت النتيجة"، مضيفا أنه صوّت بـ"لا" لأنه لم يعد يستطيع أن يتحمل المزيد من تخفيض معاشه التقاعدي الضئيل.

أما الناخبة إيليني (28 عاما) فاعتبرت التصويت بنعم "ضمانة لاستقرار البلاد رغم أن ذلك يعني استمرار التقشف واستمرار معاناة الناس، وأوروبا تشكل ضمانة سياسية واقتصادية لليونان"، لكنها شككت بدورها في كون نتيجة الاستفتاء ستؤدي إلى خروج اليونان من منطقة اليورو.

وفي استفتاء أمس صوّت أكثر من 108 آلاف شاب وشابة لأول مرة بعد بلوغهم سن الثامنة عشر. ورجح المراقبون أن غالبيتهم صوتوا بـ"لا. وفي طراقيا الغربية شمال البلاد حيث تسكن الأقلية المسلمة التي يقدر عددها بنحو 200 ألف نسمة وجّه الأئمة ومسؤولو الأقلية الناخبين هناك للتصويت بـ"لا".

 كل الفئات شاركت بكثافة في الاقتراع (الجزيرة)
 كل الفئات شاركت بكثافة في الاقتراع (الجزيرة)

وكانت القنوات التلفزيونية اليونانية الخاصة قد شنت خلال الأشهر الماضية هجوماً حادا على الحكومة، وصورتها كأنها ستقود اليونان إلى الخراب والإفلاس، وهو ما نددت به الحكومة أكثر من مرة، مما جعل الجماهير اليونانية الرافضة للتقشف تتوجس من الصحفيين بشكل عام حتى الأجانب منهم. وقد تمّ طرد أكثر من صحفي من تجمعات شعبية كونه ينتمي إلى تلك القنوات.

وجاءت نتيجة الاستفتاء لتؤكد فشل رهان الدائنين على أصوات اليونانيين الذين وقفوا ساعات طويلة أمام آلات الصرف الآلي، كما فشلت مظاهرات التأييد التي خرجت الأسبوع الماضي في إقناع الطبقات الفقيرة من الشعب اليوناني بالتصويت بـ"نعم"، وبدت مظاهرات نخبوية جعلت أبناء الطبقات الفقيرة والعاملة يرون أن مصلحتهم كانت في الوقوف مع أصحاب الخيار الثاني.

المصدر : الجزيرة