جدل بشأن لقاء حزب معارض بالسلطة بالجزائر

لقاء سابق لمجلس شورى حركة مجتمع السلم الجزائرية وهو المجلس الذي اتخذر قرار بمباشرة مشاورات مع الطبقة السياسية في يناير 2015
مجلس شورى حركة مجتمع السلم اتخذ قرارا بمباشرة المشاورات مع الطبقة السياسية (الجزيرة نت)

ياسين بودهان-الجزائر

أثار لقاء جمع رئيس حركة مجتمع السلم المعارضة في الجزائر بمدير ديوان رئاسة الجمهورية الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، واعتبر البعض أن انفتاح السلطة على المعارضة مجرد "مناورة" لاحتوائها من أجل مواجهة هزات اجتماعية واقتصادية محتملة.

ومنذ انتخاب عبد الرزاق مقري على رأس حركة مجتمع السلم (حزب إسلامي معارض) عام 2013 خلفا لأبو جرة سلطاني، تبنى سياسة المقاطعة وعدم المشاركة في السلطة، بينما شاركت الحركة من قبل في عدة حكومات، مما جعلها محل جدل واسع وعرضة لانتقادات أدت إلى انقسام داخلي.

وكان بيان للرئاسة الجزائرية صدر الخميس الماضي، قد أشار إلى أن مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى التقى مقري الذي سلم له نسخة من وثيقة ندوة الانتقال الديمقراطي التي تمخضت عن مؤتمر جمع أحزاب المعارضة في يونيو/حزيران 2014.

وكان مقري أعلن رفضه المشاركة في المشاورات التي دعت إليها السلطة العام الماضي حول وثيقة التعديل الدستوري المرتقب، وهو الموقف الذي أثار في حينه تضاربا داخل الحزب نفسه، ولم تستسغه بعض القيادات، في مقدمتها رئيس الحركة السابق سلطاني.

‪سفيان: اللقاء قد يكون مناورة من السلطة‬  (الجزيرة)
‪سفيان: اللقاء قد يكون مناورة من السلطة‬  (الجزيرة)

علامات استفهام
وبسبب سياسة مقري المناوئة والمعارضة بقوة للسلطة، طرح اللقاء الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام، وكان محل انتقادات العديد من الأحزاب المعارضة التي يشكل معها تحالفا، ويتعلق الأمر بهيئة التشاور والمتابعة التي تضم مجموعة من الأحزاب والشخصيات الوطنية المعارضة.

وهذا ما ذكره المرشح الأسبق للرئاسيات ورئيس حزب "الجيل الجديد" جيلالي سفيان في تصريحه للجزيرة نت، وقال "صحيح أن الإخوة في حركة مجتمع السلم أعلنوا عن مبادرة لفتح نقاش سياسي في يناير/كانون الثاني الماضي، لكن تلك المشاورات لن تكون بشكل رسمي، وتبقى محدودة".

ويعتقد سفيان أن اللقاء قد يكون مناورة من السلطة تجاه المعارضة، ورغم أنه لم يبين طبيعة هذه المناورة فإنه أكد أن المعارضة ستناقش خلال الأيام القادمة هذا الموضوع وستتخذ موقفا بشأنه.

ورغم إقراره بأن حركة مجتمع السلم كحزب سياسي حر في القيام بأنشطة يراها مناسبة، فإن رئيس حزب "الفجر الجديد" (حزب معارض) الطاهر بن بعيبش يعتقد أن لقاء مقري مع السلطة قد تكون له تداعيات سلبية على العمل الجماعي للمعارضة مستقبلا.

وأكد بن بعيبش في حديثه للجزيرة نت أنه مؤمن بمبدأ الحوار بشرط أن يكون جادا ويؤدي إلى مخرج لما تعانيه البلاد، "أما الشكل الذي تتعامل به السلطة مع المعارضة من خلال إرسال وثيقة لمناقشتها أحيانا، أو إرسال ممثل عنها للحوار أحيانا أخرى، فهو سلوك عبثي ومضيعة للوقت، وتهدف من خلاله إلى ربح الوقت لا غير".

وفي بيان صدر اليوم الاثنين ونشر على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، نفى حزب "طلائع الحريات" صحة معلومات تفيد بتقديم رئيس الحزب علي بن فليس طلبا لإجراء لقاء مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.

وكشف البيان أن هيئة التشاور والمتابعة طرحت مسألة طلب وفد من المعارضة لقاء مع رئيس الجمهورية، وهو الاقتراح الذي لم يحظ بموافقة غالبية الأعضاء.

‪مقري: هناك أحزاب أخرى التقت في السابق أويحيى وسلال دون أن يثير ذلك نقاشا‬ (الجزيرة)
‪مقري: هناك أحزاب أخرى التقت في السابق أويحيى وسلال دون أن يثير ذلك نقاشا‬ (الجزيرة)

حركة مؤثرة
وفي مقال نشره عبر الموقع الإلكتروني لحركته، رد مقري على منتقديه بقوله إنه توجد أحزاب في هيئة التشاور والمتابعة التقت أويحيى أثناء مشاورات الدستور، والتقى آخرون برئيس الحكومة عبد المالك سلال، وآخرون تقلدوا مناصب عليا جدا في السلطة، وبعضهم لا تزال له علاقات وطيدة بالسلطة، ويوجد في المعارضة من رفع سقف المعارضة إلى أعلى المستويات وهو الآن في وفاق كبير مع السلطة، إلا أن ذلك لم يثر أي نقاش.

وتابع مقري أنه حينما تتصرف حركة مجتمع السلم هكذا "يكثر الحديث، والسبب في ذلك كون الحركة مؤثرة في الساحة السياسية، فحينما كانت في التحالف الرئاسي هيمن التحالف على الساحة السياسية، ولما أصبحت في المعارضة أصبحت أقوى وأقدر على التوحيد والتأثير".

واعتبر رئيس الحركة السابق أبو جرة سلطاني أن عتاب البعض من أعضاء هيئة التشاور والمتابعة "غير مبرر"، ذلك أن الحركة -برأيه- حاورت السلطة باسمها فقط. وأضاف للجزيرة نت "من تجدهم ينتقدون اليوم ستجدهم غدا ينتقلون إلى الرئاسة وفودا لمحاورة السلطة".

وحسب سلطاني فإن "الحركة اعتادت على مثل هذه الانتقادات في مسارها السياسي، لأنها مؤمنة بأن الحوار هو الوسيلة الحضارية الوحيدة لحلحلة المشاكل التي تعاني منها الجزائر". ومن خلال سياستها هذه يقول إن الحركة "تكرس مبدأ استقلالية ذمتها السياسية، فلا ترهنا للسلطة ولا لغيرها".

ونفى وجود صفقة سياسية يتم التحضير لها بين الحركة والسلطة، والدليل على ذلك "عدم وجود جدول أعمال مسبق للقاء"، متوقعا حدوث انفراج كبير في علاقة السلطة بالمعارضة في الجزائر بعد العيد.

المصدر : الجزيرة