خمسيني فلسطيني يواجه الاستيطان بنصف حنجرة

عوض الرجوب-الخليل

قبل نحو ثلاثة عقود بدأ الحاج زياد مخامرة (أبو طارق)، من سكان خربة بير العد أقصى جنوب الضفة الغربية، معركته المستمرة مع الاحتلال بأذرعه الرسمية والمستوطنين، حيث دفع في أول مواجهة ثمنا كبيرا بفقدانه صوته لأكثر من عام.

وتعود الحادثة إلى العام 1986 حين دهم أفراد الإدارة المدنية، ذراع الاحتلال في الضفة، الخربة واعتدوا على السكان، فكان نصيبه طلقا ناريا أصابه أسفل عينه اليمنى، وأفقده النطق والمقدرة على البلع مدة عام كامل، كان خلالها يتناول طعامه بالأنابيب، ثم أجريت له عملية جراحية استعاد فيها بعض القدرة على الكلام والبلع، لكن ذلك لم يدفعه لمغادرة أرضه.

العد، على بعد 15 كيلومترا شرق بلدة يطا جنوب الخليل، وإلى الجنوب والشمال منه أقيمت مستوطنتان لم تتوقفا عن التوسع على حساب الأراضي الفلسطينية.

زياد مخامرة تعرض لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين أكثر من أربع مرات (الجزيرة نت)
زياد مخامرة تعرض لاعتداءات الاحتلال والمستوطنين أكثر من أربع مرات (الجزيرة نت)

إصرار على البقاء
خاض مخامرة وعدد آخر من ملاك الأراضي معركة قضائية حين أخرجهم جيش الاحتلال من أملاكهم عام 2005، فنجحوا عام 2009 في استصدار قرار بالعودة إلى كهوفهم دون السماح لهم بإضافة أي بناء ولو من الخيم، لكن كثيرا من العائلات لم تحتمل عنف المستوطنين فاضطرت إلى إخلاء خربها وأرضها والسكن في بلدة يطا.

الاعتداء الثاني الذي لا ينساه أبو طارق قيام مجموعة مستوطنين من مستوطنة متسودات يهودا بمحاصرته في أراض زراعية قريبا من الخربة، وتقييد يديه إلى الخلف بكوفيته، والاعتداء عليه، موضحا أن الجيش حضر بعد وقت قصير وساندهم ضده، حيث قام بتقييد يديه إلى الأمام ونقله إلى سجن عوفر وحبسه عدة أيام مع فرض غرامة مالية عليه رغم أن المعتدي هم المستوطنون.

الحادثة الثالثة الأخيرة كانت السبت الماضي حيث غادر أبو طارق الخربة لملاقاة أبنائه والذهاب لتلبية دعوة إفطار عند أقاربه في بلدة يطا وفي الطريق استفرد به ثلاثة من مستوطني مستوطنة متسيبي يئر المقامة على أراضي شعب أم العرايس، ثم انهالوا عليه بالحجارة فأصابوه في يده وبطنه ورأسه.

يقول المسن الفلسطيني للجزيرة نت في مسكنه -وهو عبارة عن سقيفة مبنية بالحجارة والطين- إنه يعرف 12 قبرا لأجداد سكان بلدة يطا حاليا عاشوا وتوفوا في المنطقة الشرقية حيث هو، مؤكدا أنه يحمي بوجوده نحو ألف دونم من الأراضي وأنه غير مستعد لمغادرتها.

‪خربة بير العد شرق بلدة يطا يقطنها زيادة مخامرة وحده‬ (الجزيرة نت)
‪خربة بير العد شرق بلدة يطا يقطنها زيادة مخامرة وحده‬ (الجزيرة نت)

وحول دور الشرطة الإسرائيلية في الاعتداءات قال مخامرة إنه تقدم للشرطة بأكثر من عشر شكاوى دون أن يلمس أي نتيجة، بل يؤكد أنه كان يتعرض للإهانة والإذلال والاحتجاز كلما توجه إلى مقر الشرطة لتقديم شكوى.

وبينما يتمتع المستوطنون بكل الخدمات على بعد عدة كيلومترات، فإنه يحظر على المواطنين الفلسطينيين أبسط الخدمات بما فيها شق الطرق مما يضطرهم لسلوك مسارات جبلية وعرة لقضاء مصالحهم، ويعتمد بعضهم على ألواح الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء.

تقويض الدولة
من جهته يقول أمين سر حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) في بلدة يطا كمال مخامرة، الذي رافق الجزيرة نت في زيارة الحاج زياد مخامرة إن 11 تجمعا فلسطينيا تنتشر في قرابة 35 ألف دونم تقع إلى الشرق من بلدية يطا ويقطنها قرابة 4500 نسمة.

وأوضح أن منطقة المسافر ذات طبيعة قاسية، ويعرف سكانها فلسطينيا بالعرف الوطني باسم "حماة وحراس الأرض"، في حين يعرفون في المحاكم الإسرائيلية بأصحاب الكهوف، مؤكدا أنه يحظر عليهم إضافة أي بناء في أماكن تواجدهم.

ويؤكد القيادي في حركة فتح أن منطقة المسافر لا تقل أهمية عن منطقة الأغوار، وأن محاولات ترحيل السكان منها تهدف إلى تقويض حلم الدولة الفلسطينية وعزل المنطقة الشرقية للضفة.

المصدر : الجزيرة