بائع فول مجاز في الحقوق.. قصة تتكرر بمصر
مصطفى شاهين
ورغم حديث وزير العدل السابق محفوظ صابر عن أن ابن عامل النظافة لا يصلح للعمل في الوسط القضائي، والذي أثار جدلا وانتهى باستقالته، فإن الأنظمة المتعاقبة على حكم مصر لم تضمن لمعظم خريجي الجامعات العمل بوظائف تتناسب وتخصصاتهم الأكاديمية.
وتتحدث تقارير التعبئة العامة والإحصاء الحكومية عن أن نسبة بطالة المتعلمين من حملة الشهادات العليا والمتوسطة تبلغ 70.4%، أي قرابة ثلاثة ملايين عاطل من بين 3.7 ملايين عاطل من المصريين البالغ عددهم نحو 88 مليون نسمة، أي بنسبة بطالة تبلغ نحو 13.3%.
وتجدر الإشارة إلى المليارات التي تنفقها الدولة على التعليم، بالإضافة لما ينفقه الأهل على تعليم أبنائهم لنيل شهادات، تتحول في أحيان كثيرة بعد تخرجهم إلى مجرد أوراق لا قيمة لها.
عربة الفول
يبدأ الأخوان الأكبر محمد أحمد (32 عاما) والأصغر عبد الرحمن (24 عاما) رحلة العمل اليومية بعد الغروب، فيبدآن بإعداد الطعام حتى ساعات الفجر، ثم يجنيان ثمار تعبهما منذ ساعات الفجر وحتى الظهيرة من خلال إقبال الناس على عربتهما.
ولا يعلم زبائن العربة أن ما يدفعونه من مبالغ زهيدة تكفي لإعالة عشرة أشخاص من بينهم طفل ثالث يعمل بنظام المياومة كي ينفق على والديه.
وروى الشاب الأصغر كيف بدأت رحلة عمله مع أخيه منذ سبع سنوات في الفيوم، وكيف تركاها وسافرا أربعمائة كيلومتر جنوبا إلى أسيوط، حيث نزلا بمنطقة النزلة الشعبية.
وأضاف "اخترنا هذه المنطقة لأنها شعبية وآمنة وبعيدة عن الشرطة، رغم أنها لا تدر ربحا كثيرا".
إرادة التحدي
ويؤكد الشابان للجزيرة نت أنهما لم يندما لحصولهما على مؤهل علمي، لأن لديهما إرادة التحدي، وقالا إنهما سيظلان يعملان معا كي يطعما أسرتهما وتبقى أحلامهما حية.
ويضيفا أنه "رغم غياب المساواة، فإن الخالق يرعى المقهورين ويرزقهم، ويخفف عنهم صعوبة وقساوة العيش بالود الدائم بينهما وبين زبائنهم".
وهنا يشير د. ثروت عكاشة، رئيس مركز الأدب المركزي بمحافظة أسيوط والمقيم بالقرب من عربة الفول، إلى أن عبد الرحمن وأخاه محمد يبدوان كأنهما من أبناء المنطقة بما لهما من أخلاق عالية والتزام دائم بلقمة العيش دون أي ضجيج.
وأضاف للجزيرة نت أنهما ليسا حالة خاصة، فمن بين أصحاب عربات الفول من يحملون شهادات جامعية كما في منطقة الوليدية وغيرها.
ويتابع "هؤلاء لم يجدوا طريقا آخر، وكان عليهم الاختيار الصعب بين تناسي الشهادة الجامعية واكتساب شرف العمل أو عار البطالة".