الشهيد المقدسي أبو دهيم أُعدم بدم بارد

بيت عزاء أمام منزل الشهيد عمران أبو دهيم في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة.
بيت عزاء الشهيد عمران أبو دهيم في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة (الجزيرة)

أسيل جندي-القدس المحتلة

لم يتوقف الطفل محمد ذو العام الواحد عن مناداة والده منذ يومين، لكنّ الأخير لم يلب النداء بل لم يعد لمنزله إلا محمولا على الأكتاف، لإلقاء النظرة الأخيرة عليه ومن ثم مواراة جثمانه الثرى.

توجه الشهيد المقدسي عمران أبو دهيم (41 عاما) كصباح كل يوم إلى عمله، واتهمته شرطة الاحتلال قبل إطلاق النار عليه بمحاولة تنفيذ عملية دهس ببلدة الطور في القدس المحتلة، لتقوم الشرطة بإطلاق الرصاص عليه، حتى شُلّت حركته وفارق الحياة بعد دقائق.

وتؤكد عائلة الشهيد أن رواية الاحتلال هي مجرد افتراءات، والدليل على ذلك قيام عناصر الشرطة والمخابرات بمصادرة كاميرات المراقبة الخاصة بالمحال التجارية في مكان وقوع الحادث.

من أمام منزل الشهيد عمران أبو دهيم في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة(الجزيرة)
من أمام منزل الشهيد عمران أبو دهيم في بلدة جبل المكبر بالقدس المحتلة(الجزيرة)

استهداف عشوائي
تقول زوجة الشهيد غاده أبو دهيم (34 عاما) "كل شخص يرتكب حادث سير عن طريق الخطأ بالقدس على عائلته أن تقرأ الفاتحة على روحه، زوجي أُعدم بدم بارد دون ارتكاب جريمة، فشخصيته هادئة بعيدة عن العدائية وكان همه الوحيد تأمين حياة كريمة لأولاده وها هو يرحل عنهم مبكرا".

وكان الشهيد أبو دهيم يعمل في مجال فحص سلامة المركبات وتوجه صباح الأربعاء إلى بلدة الطور لفحص الحافلات المدرسية هناك، لكن الموت كان أقرب من عودته لمنزله سالما، وتضيف زوجته "بدأت الأخبار تتوالى بأن زوجي هو الشهيد لكنني لم أصدق ذلك، وتوقعت عودته حتى آخر لحظة، لكنه عاد مستشهدا تاركا لي خمسة أطفال".

ووجهت الزوجة كلمة للمسؤولين الذين يتحدثون باسم الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بأن يلتفتوا إلى زوجات وأطفال فلسطين، "يكفي صمتا، كل يوم هناك أطفال أيتام جدد في فلسطين بسبب رصاصات الغدر الإسرائيلية، لا أحد يشعر بنا ولا تجرؤ أية جهة على محاسبة الاحتلال. إلى متى هذا التخاذل؟".

والدة الشهيد أبو دهيم: ولدي كان يطلب أن أدعو له بالرضى كل يوم (الجزيرة)
والدة الشهيد أبو دهيم: ولدي كان يطلب أن أدعو له بالرضى كل يوم (الجزيرة)

اغتالوا طموحه
أما والدة الشهيد هيفاء أبو دهيم (75 عاما) فتقول "حسرة فقدان الابن قاسية جدا لكنني صابرة، وأدعو الله أن يجمعني به في جنة النعيم، كان عمران يطلب مني يوميا قبل مغادرة المنزل أن أدعو له بالرضى، وكان محبوبا بين الناس ولم يؤذ أحدا قط".

وعن تلقيها خبر استشهاد والدها قالت الابنة الكبرى رشا أبو دهيم (14 عاما) "كنت عائدة للمنزل من المدرسة وفي طريقي جربت الاتصال بوالدي، لكنه لم يرد، ففتحت موقع فيسبوك من هاتفي وقرأت الخبر وشاهدت سيارة والدي، ثم دخلت في حالة هستيرية من البكاء".

وأضافت رشا للجزيرة نت "كان طموح والدي أن ألتحق بالجامعة وأكون طبيبة في المستقبل، وقررت الاجتهاد من أجل تحقيق طموحه رغم غيابه".

وأردفت قائلة "جميعنا سنكبر وستكون لنا حياتنا الخاصة، لكن أكثر ما يوجع قلبي هي أمي، فقد سرق منها الاحتلال رفيق عمرها، كانت تعتمد عليه بكل شيء والآن يرحل فجأة".

‪‬ رغد: لم أودع والدي قبل خروجي للمدرسة وعندما عدت وجدته مستشهدا(الجزيرة)
‪‬ رغد: لم أودع والدي قبل خروجي للمدرسة وعندما عدت وجدته مستشهدا(الجزيرة)

ذرية ضعافا
ليس بعيدا عن ذلك تقول ابنة الشهيد رغد (9 أعوام) "لم أودع والدي قبل خروجي للمدرسة لأنه كان نائما وعندي عودتي للمنزل عرفت بأنه استشهد وودعته ميتا، هو نام للأبد لكن أنا لم أنم منذ رحيله، لأنني أفكر به طوال الوقت وأقول لنفسي ربما يعود يوما".

وترك الشهيد أبو دهيم خلفة خمسة أطفال هم رشا (14 عاما) وحمزة (11 عاما) ورغد (9 أعوام) وحلا (6 أعوام) ومحمد ويبلغ من العمر عاما واحدا.

وتؤكد شقيقة الشهيد أم شوكت أنه أُعدم بدم بارد، وتمت تصفيته في لحظات "كان من المفترض أن يسافر أخي وأسرته في رحلة إلى تركيا في العطلة الصيفية، فإذا كان ينوي تنفيذ عملية دهس لماذا قام بحجز التذاكر والفنادق هناك؟ لكنه الآن في مكان أجمل، وهذا ما يعزينا".

وتابعت قائلة "إذا كان عمران يخطط لعملية دهس وقام بتنفيذها فلتعرض سلطات الاحتلال أشرطة الفيديو الخاصة بكاميرات المراقبة بالمنطقة حتى يظهر الحق".

المصدر : الجزيرة