مَعان تطيح بقادة الأمن الأردني

قوات من الدرك تنفذ دوريات في شوارع قريبة من مؤسسات رسمية بمعان- ارشيف
قوات من الدرك تنفذ دوريات في شوارع قريبة من مؤسسات رسمية بمعان (الجزيرة-أرشيف)

الجزيرة نت-عمّان

قال مسؤولون أردنيون للجزيرة نت إن الاضطرابات التي شهدتها مدينة معان جنوبي البلاد خلال الأيام القليلة الماضية، كانت السبب الرئيسي وراء استقالة وزير الداخلية حسين المجالي ومديري الأمن والدرك توفيق الطوالبة ومحمد السلميين.

وأكد المسؤولون أن الفشل في معالجة الملفات الأمنية العالقة داخل المدينة كان أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت مطبخ القرار إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء النادر.

وأبلغت مصادر مقربة من مطبخ القرار الجزيرة نت بأن اجتماعا طارئا عقد على مستوى رفيع مع قادة الأجهزة الأمنية وكبار المسؤولين السياسيين قبل أيام، خلص إلى إنذار ملكي يتم بموجبه إمهال القيادات المقالة مدة عشرة أيام لمعالجة الوضع الأمني المتفاقم في معان.

لكن المصادر نقلت معلومات مفادها أن القيادات المذكورة فشلت في المهمة، بينما ساهمت المداهمات الأمنية التي أمرت بتنفيذها داخل المدينة في تأجيج الوضع هناك، لا سيما بعد إقدام قوات أمنية على هدم منازل مطلوبين، واقتحام ديوان لإحدى القبائل الكبيرة.

وقال أحد هذه المصادر إن "ما زاد الطين بلة أن تلك القوات لم تنجح في إلقاء القبض على عدد من المطلوبين الخطرين، وهو ما كشف عن ثغرة أمنية خطيرة".

وبدأت حملة أمنية قبل أيام بحثا عن مطلوبين اتهموا بسرقة وإحراق سيارة تابعة لجهاز المخابرات العامة، احتجاجا على مقتل أقارب لهم العام الماضي على يد الأمن.

واتهم المطلوبون أيضا برفع العلم الخاص بتنظيم الدولة الإسلامية على مقدمة السيارة التي أحرقت في وضح النهار.

المجالي قدم استقالته بحسب رئاسة الوزراء، وأقيل وفقا لمصادر الجزيرة نت (الجزيرة)
المجالي قدم استقالته بحسب رئاسة الوزراء، وأقيل وفقا لمصادر الجزيرة نت (الجزيرة)

إقالة أو استقالة
وكان رئيس الوزراء عبد الله النسور قال في بيان الأحد إن "وزير الداخلية حسين المجالي تقدم باستقالته بسبب تقصير إدارة المنظومة الأمنية في التنسيق فيما بينها". لكن مصادر مطلعة أبلغت الجزيرة نت بأن المجالي أقيل ولم يقدم استقالته.

وبث التلفزيون الأردني الرسمي خبرا بإحالة كل من مديري الدرك والأمن العام إلى التقاعد.

وقال المستشار السياسي لدى صحيفة "الغد" الأردنية فهد الخيطان للجزيرة نت إن "إقالة القيادات الأمنية الكبيرة حققت أهدافا مهمة لمصلحة الأمن الوطني الأردني"، واعتبر أن "الإقالة لبّت مطالب أهالي معان الذين اتهموا القيادات المقالة بتوتير الموقف في مدينتهم، كما أنها عبرت عن رغبة ملكية بفرض القانون وعدم التساهل مع أي خطأ من أي مسؤول".

بدوره رأى الكاتب والمحلل السياسي لدى صحيفة "الدستور" الأردنية ماهر أبو طير أن قرار الإقالة "جاء على وقع خلافات شخصية مكتومة ظلت تطحن لسنوات تلك القيادات، مما تسبب في فشل العديد من مهامها الأمنية".

وقال أبو طير للجزيرة نت "ليس هناك شك في أن معان هي السبب الرئيسي وراء الإقالة، لكن ثمة سببا خفيا يتمثل في وجود علاقات شخصية وفنية سيئة بين القيادات المقالة، وهذه العلاقات تركت أثرا خطيرا على التنسيق الأمني فيما بينها".

وأضاف "هنالك احتمالان لا ثالث لهما بعد قرار الإقالة، فإما أن تلجأ الدولة إلى تسوية الملفات العالقة في معان، وإما أن تذهب إلى مواجهة مفتوحة خلال الأيام المقبلة تؤدي إلى نزع الشوك من القطن".

وزاد "هنالك عديد الملفات العالقة بين السلطة المركزية في عمان وسكان معان، أهمها ملف المطلوبين الجرميين، وملف التشدد (التيارات السلفية)، وملف الوضع الاقتصادي، والملف المتعلق بغياب التنمية والبطالة".

الخيطان أكد أن التغييرات عبرت عنرغبة ملكية في فرض القانون (الجزيرة نت)
الخيطان أكد أن التغييرات عبرت عنرغبة ملكية في فرض القانون (الجزيرة نت)

مكرمة ملكية
من جانبه، قال رئيس بلدية معان ماجد الشراري إن "القرار يعتبر بمثابة مكرمة ملكية، وانتصار لأهالي معان"، وأكد للجزيرة نت أن "مشاعر الفرح تعم المدينة منذ صدور القرار (…) والعديد من المواطنين خرجوا في مظاهرات احتفالية، ووزعوا الحلوى ابتهاجا بإقالة أشخاص ساهموا في التوتير ووضعوا السكان في مواجهة الدولة".

واعتبر الشراري أن "قرار إقالة القيادات الأمنية يعتبر الخطوة الأولى على طريق الحل"، وأكد أن "هنالك قضايا عالقة في المدينة تحتاج إلى جهود الجميع".

ويعيش في مدينة معان الصحراوية قبائل وعشائر قوية دائما ما تعبّر عن تحديها للأجهزة الرسمية -لاسيما الأمنية منها- بسبب الفقر والتهميش.

وشهدت معان احتجاجات عنيفة في السنوات الأخيرة، كثيرا ما سلطت الضوء على الاستياء من الحكومة نتيجة الشعور بالغبن وغياب العدالة. وينشط في أحياء المدينة تيار سلفي جهادي مؤيد لتنظيم الدولة وغيره من "التيارات الجهادية".

المصدر : الجزيرة