انتخابات السودان.. لا صخب فيها
إيمان مهذب-الخرطوم
في شوارع الخرطوم تبدو حركة السير عادية، ولا شيء يوحي بأن البلد مقبل على استحقاق انتخابي، حيث تغيب الملصقات الانتخابية في أغلب الشوارع حتى الرئيسية منها، إلا شارع القصر -حيث القصر الجمهوري- وشارع الجامعة القريب منه، فقد اختارهما حزب المؤتمر الوطني الحاكم والأحزاب المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تجرى في 13 أبريل/ نيسان الحالي مكانا للدعاية الانتخابية.
أمل وإحباط
يلف سائق التاكسي سيف الدين (56 سنة) شوارع الخرطوم منذ سنوات طويلة، كغيره يأمل في التغيير لكنه يقول بنبرة فيها بعض الإحباط "لن أنتخب، لم أسجل اسمي، لا يوجد لدي وقت، كما أني غير مقتنع".
وعن سبب عدم الاقتناع يقول للجزيرة نت "الوضع العام لا يعجبني.. كنا نتمنى أن تساهم الانتخابات في تغيير الوضع الحالي لكن ما أراه الآن هو غير ذلك"، ويضيف "التغيير يكون بوجود ديمقراطية حقيقة، وحرية تعبير ووضع اقتصادي أفضل مما نحن فيه".
يعدّل سيف الدين مذياع سيارته ويواصل البحث عن زبائن آخرين، بينما يبحث بعض المارة عن ظلال تقيهم حرارة الشمس الحارقة. وحول بائعات الشاي أو "ستات الشاي" كما يسمّين باللهجة العامية، يتجمع البعض للاستراحة والحديث.
خيارات الناخبين
محمد عبد القادر وعصام منصور -وهما متقاعدان كانا يشربان الشاي ويناقشان بعض أخبار إحدى الصحف المحلية- لا يعرفان الكثير عن أسماء المرشحين للانتخابات الرئاسية، وكل ما يعرفانه أنهما سيصوتان للرئيس الحالي عمر البشير.
ويشترك كل من عبد القادر ومنصور في فكرة واحدة هي أن من يحكم البلد منذ سنوات أدرى بأوضاعه، وسيكون الأقدر والأجدر على تسييره، حيث يقول منصور للجزيرة نت "مرشحو الرئاسة يتحدثون ويعدون بالكثير لكنهم لا ينفذون شيئا"، ويعرب عن تفاجئه بوجود مرشحة للرئاسة، متابعا "هي لن تفوز لأنها امرأة".
غير بعيد عن من مكان عبد القادر ومنصور، تتحفظ النسوة اللائي يمتهنّ بيع الشاي والقهوة عن الحديث أو التصوير، مفضلات الدردشة السريعة على التسجيل.
في هذا المكان تختلف الكلمات لكن المعنى واحد. تقول إحداهن "أنا لا أعرف شيئا عن الانتخابات، كل ما يهمني هو ساعات عملي والعودة لبيتي لأرتاح"، بينما تنهمك زميلتها في تنقية حبات القهوة غير مبالية بما يجري حولها من أحاديث.
لكن نبرة عدم الاهتمام واللامبالاة لم تكن السمة العامة في كلام الذين التقتهم الجزيرة نت، فعدد من الأشخاص عبّر عن ثقته في العملية الانتخابية وقدرتها على تغيير الوضع القائم.
فالمواطن قاسم عبد الرحمن (38 سنة) -أحد الذين حسموا خيارهم واختاروا لمن يصوتون- بين في حديثه للجزيرة نت، أن السودانيين سيدلون بأصواتهم، مشيرا إلى أن الحملات الانتخابية كانت كافية للتعريف بالمرشحين وبرامجهم.
غياب الحماس
وفي تفسيره لعدم تحمّس الكثير من السودانيين أو عدم متابعتهم لهذه الانتخابات، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري حمد عمر حاوي للجزيرة نت، إن هذه الانتخابات لا تحظى باهتمام كبير من قبل المواطن لعدة أسباب، منها ما هو عام وما هو خاص.
وبيّن أن الأسباب العامة ترتبط بضعف الثقافة والمشاركة السياسية للمواطن السوداني، وضعف التواصل وارتفاع نسبة الأمية.
ويضيف حاوي أن الأحزاب والشخصيات المترشحة معظمها مجهولة، وليس لها جذور تاريخية، وهو أحد أسباب عدم التفاعل، بحسب تعبيره.