"برم" أول مجلة ساخرة تعبر عن واقع الغزيين

إحدى صفحات مجلة برم
مجلة برم تتناول الشأن الغزي بمزيج من السخرية والنقد (الجزيرة نت)

أحمد عبد العال-غزة

"بينك وبينها فاتورة وعقارب ساعتها مكسورة، 6 الك و12 عليك، أو 8 الك و8 عليك، بنزيناتها محصورة، مرة معابر ومرة ضرائب، ومرة محولاتها مفجورة، مش حطولها عليك عدد جياتها قليلة، تحلمش بأكثر من هيك، كلها شمعة ولمة عيلة، ختم الجودة معاليك، ويا بخت مين عبا ماتوره.. الرجاء إرسال الإجابة لأقرب شركة كهرباء في قطاع غزة".

بهذه "الفزورة" (الطّرفة) الساخرة عبر شبان فلسطينيون عن سخطهم على مشكلة انقطاع التيار الكهربائي -الذي يعاني منه قطاع غزة منذ ثمان سنوات- في المجلة الكوميدية الساخرة التي أطلقوا عليها اسم "برم".

مصمم ومخرج المجلة يحيى جبر قال للجزيرة نت إن بداية العمل كانت محاولة لإنتاج أفلام رسوم متحركة (أنيمشن) كوميدية قصيرة، "لكن التكلفة العالية لهذه الأفلام حالت دون ذلك فقررنا تحويل الفكرة لمجلة".

وذكر جبر أن بداية العمل والاجتماعات لإصدار العدد الأول كانت في الأماكن العامة، وبعد فترة من العمل تم استئجار مكان صغير، وبعد عام كامل أصدر العدد الأول بمساهمات شخصية من فريق المجلة.

‪يحيى جبر: أصدرنا المجلة بمساهمات شخصية من الفريق العامل فيها‬ (الجزيرة)
‪يحيى جبر: أصدرنا المجلة بمساهمات شخصية من الفريق العامل فيها‬ (الجزيرة)

الشارع الغزي
من جانبه، يقول كاتب المجلة محمد قدادة للجزيرة نت إنها من كل مكان في غزة، وكل ما فيها من رسومات وتعليقات ساخرة هي كلام الشارع الغزي في الأماكن العامة والمقاهي والبيوت والسيارات، وبلغتهم ولهجتهم العامية البسيطة.

واختار فريق المجلة الكتابة الساخرة والكوميديا للتعبير عن هموم وواقع الشارع الغزي ومعالجة قضاياه المختلفة بانتقادها بسخرية وبرسومات مضحكة، بهدف تصحيحها والتأثير في المواطن بطريقة محببة إليه بعيداً عن تعقيدات السياسة.

ويستعد فريق المجلة لإصدار العدد الثالث حيث تحتاج المجلة من أكثر من شهر إلى شهرين لإعدادها بشكل كامل من رسومات وكتابات وتصميم وإخراج.

ويرى قدادة أن "رسالة المجلة تصل المواطن الغزي، فهي قوية في محتواها كون المواطن يعيش كل ما يكتب فيها، حيث إن الرسم والتعليقات هي من عمق الشارع".

ويسعى الفريق لطباعة مجلتهم الساخرة بأعداد أكبر، وتوزيعها في مناطق أوسع في مدن الضفة الغربية والأراض الفلسطينية المحتلة والدول العربية، لكن ضعف الإمكانيات المادية يحول دون ذلك في الوقت الحالي.

ويطمحون أيضا إلى ترجمة مجلتهم لتصل للعالمية حتى يعرضوا هموم ومعاناة الشارع الفلسطيني إلى كل مكان في العالم، كون هذه الطريقة مؤثرة وتوصل الفكرة ببساطة.

‪قدادة: رسالة المجلة تصل المواطن الغزي كونه يعيش كل ما يكتب فيها‬ (الجزيرة)
‪قدادة: رسالة المجلة تصل المواطن الغزي كونه يعيش كل ما يكتب فيها‬ (الجزيرة)

حرية وجرأة
ويرى الكاتب الساخر معاذ العامودي أن "الكتابة الساخرة والرسومات تعبر عما يجول بخاطر الفلسطيني في ظل انسداد الأفق، فلم يبق أمام المواطن إلا الضحكة والابتسامة والسخرية بطريقة هزلية على الأوضاع التي يعيشها".

ويعتبر في حديث للجزيرة نت أن ظاهرة الكوميديا السوداء لم تكن من قبل بهذه الحرية والجرأة رغم أن بعضها مسيَّس وأغلبها عفوي شبابي، إلا أنها شملت الأحداث والشخصيات معاً وأزاحت القدسية عن الكثير من المسؤولين.

ويضيف أنها تعبر عن أفكار الجماهير، و"هي محرض داخلي، وفشِّة غل، وستعتبر مستقبلا رقيباً قوياً على كافة المستويات والقطاعات إن تم الاهتمام بها"، مؤكداً أن الحرية في تناول هذه المواضع مطلوبة. وذكر أن القدرات الإبداعية الشبابية المحايدة في غزة لم تتلق دعما في الوقت الذي تسعى جميع الأحزاب لاستقطاب عملهم.

وانتشرت الكوميديا الساخرة بأشكال مختلفة في الفترة الأخيرة من الكتابة للصورة والفيديو، إلى الرسومات الكاريكاتيرية حتى فن الغرافيتي والجداريات، وأتاحت التكنولوجيا الحديثة وشبكات التواصل الاجتماعي فرصة كبيرة جداً للجميع بين النشر والتعليق بصورة ساخرة عن الأوضاع.

ويوضح العامودي أن الأعداد الكبيرة للمشاهدين لهذه المقاطع عبر يوتيوب مثلا تثبت فجوة الثقة بين الجمهور الفلسطيني والإعلام الرسمي، وتظهر حجم الاهتمام بالكوميديا، ويعتبر انتشار هذا الفن مؤشرا جيدا على ارتفاع مستوى الثقافة والحرية، وعلى زيادة وعي وإدراك الجماهير، وتكوين أفكار جديدة قد تقود لثورة مستقبلية على الواقع السياسي الصعب في القطاع والضفة.

المصدر : الجزيرة