مخاض عسير لاتفاق الإطار النووي مع إيران

US Secretary of State John Kerry, left, US Secretary of Energy Ernest Moniz, 2nd left, head of the Iranian Atomic Energy Organization Ali Akbar Salehi, 2nd right, and Iranian Foreign Minister Javad Zarif, right, wait at the start of a meeting at the Beau Rivage Palace Hotel, in Lausanne, Switzerland, Saturday March 28, 2015. Negotiations over Iran's nuclear program picked up pace on Saturday with the foreign ministers of France and Germany joining U.S. Secretary of State John Kerry in talks with Iran's top diplomat ahead of a looming end-of-March deadline for a preliminary deal. (AP Photo/Brendan Smialowski, Pool)
جانب من المفاوضات التي جرت في سويسرا (أسوشيتد برس)

لوح أبيض وأقلام حبر قابل للمحو كما يوجد في أي صف مدرسي أو اجتماع.. تلك كانت أدوات وأسلحة المفاوضين الإيرانيين والأميركيين للتوصل إلى اتفاق الإطار بشأن الملف النووي.  

صاحبة فكرة اللوح الأبيض وأقلام الحبر القابل للمحو هي ويندي شيرمان التي تشرف بدقة على الملف النووي الإيراني الشائك لتجسيد ما سمته "مكعب روبيك" يجب حله. 

وفي فندق "بوريفاج" بمدينة لوزان السويسرية، كان اللوح الأبيض يتبعها على عجلاته الصغيرة من غرفة إلى غرفة حيث كانت تجري مفاوضات شاقة مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف. وقال دبلوماسي أميركي رفيع المستوى "كان يجب التأكد من أننا كنا نرى الأمور بشكل واحد نحن والإيرانيون".
 
وأضاف أن فكرة اللوح أثارت إعجاب الإيرانيين "لأنه لو فعلنا ذلك على الورق لكان يجب نقل الوثائق إلى طهران". ومع ذلك نقل وزير الخارجية الأميركي جون كيري لنفسه نسخة على ورق لتقدم المفاوضات.
 
وذكر الدبلوماسي الأميركي أن "حالة هلع سادت في صفوف الوفود عندما استخدم أحد المفاوضين قلم حبر غبر قابل للمحو لخط حسابات تندرج في إطار السرية الدفاعية. وقد احتاج الأمر لعملية فرك شاقة لإزالة كل المعطيات السرية".

وبعد عام ونصف العام من المفاوضات المكثفة وعمل شاق استمر ثمانية أيام بلياليها، خرجت مجموعة الدول الست الكبرى وإيران، وبرعاية الاتحاد الأوروبي، بوثيقة مرحلية تحدد معايير لتسوية مشكلة الملف النووي الإيراني، كما تحدد ملامح النص النهائي الذي يفترض أن يوقع بحلول 30 يونيو/حزيران المقبل.
 
وكما يحدث في كل مفاوضات بالغة الحساسية، كان الجانب الأميركي بقيادة جون كيري ومديرته السياسية ويندي شيرمان يخشيان حتى اللحظة الأخيرة أن ينهار كل شيء قبيل بلوغ النهاية. وخلال الليالي الأخيرة التي شهدت مفاوضات مكثفة، تم استدعاء طائرة جون كيري -التي كانت تنتظر في جنيف- ثلاث مرات لإعادة الوفد الأميركي إلى واشنطن غاضبا.

‪كيري اعترف بصعوبة الأمر‬ (رويترز)
‪كيري اعترف بصعوبة الأمر‬ (رويترز)

صعوبة وانفعال
ومن دون أن يدخل في التفاصيل، اعترف كيري الخميس الماضي لشبكة "سي أن أن" الأميركية بأن الأمر "كان صعبا جدا ومركزا جدا وفي بعض الأحيان ساد الانفعال وحتى العدوانية".

وروى دبلوماسي أميركي للصحفيين اللحظات الأخيرة من المفاوضات التي جرت في جلسات مغلقة، قائلا "الأمر أشبه بلعبة الجبال الروسية من صعود وهبوط. كنا نقترب من الهدف ثم نرحل بعيدا ثم نتوقف".

وفي اليومين الأخيرين شعر الأميركيون أن معالم الاتفاق ترتسم. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية "أصبحنا نعرف أنه لدينا القطع. لكن تجميعها قضية أخرى".
 
وحدث الاختراق ليلة الخميس وكانت ليلة طويلة لكيري وظريف اللذين تحادثا من الساعة التاسعة مساء إلى الساعة السادسة صباحا. وتوصل مفاوضو البلدين إلى حلول وسط.
 
وحسب الصيغة الأميركية لاتفاق الإطار، تتعهد إيران بخفض عدد أجهزة الطرد المركزي التي تسمح بتخصيب اليورانيوم وتحتفظ بستة آلاف مقابل 19 ألفا حاليا بينها عشرة يتم تشغيلها. وسيتم التخلص من كل مخزون اليورانيوم المخصب الذي تملكه إيران تقريبا (98%).

‪الاتفاق ولد بعد مخاض عسير‬ (الجزيرة)
‪الاتفاق ولد بعد مخاض عسير‬ (الجزيرة)

الموافقة القلقة
أما مفاعل أراك للمياه الثقيلة الذي يثير قلق الغربيين، فسيعاد تحديد وظيفته بشكل يسمح بتوقفه عن إنتاج البلوتونيوم، المادة الأخرى التي تسمح بإنتاج قنبلة، وسيخضع لعمليات تفتيش صارمة تقوم بها الأمم المتحدة، وفق الصيغة الأميركية.

ووافق الأميركيون على الإبقاء على ألف جهاز للطرد المركزي في موقع فوردو، مع أنه لن تبقى فيه مواد انشطارية لمدة 15 عاما على الأقل. وقال المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية "قبلنا بأمور صعبة بالنسبة لنا. مجرد وجود جهاز واحد للطرد المركزي في فوردو أمر صعب".

وبعد التوصل إلى الاتفاق، كان يجب التفاهم على طريقة إعلانه للعالم. وتم الاتفاق على أن يقدم ظريف ومسؤولة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إعلانا مقتضبا ومشتركا، ثم يعقد ظريف وكيري مؤتمرا صحفيا كل على حدة.

وبعد ذلك نشرت وزارة الخارجية الأميركية بسرعة صيغتها "لمعايير" الاتفاق في أربع صفحات. ولاحظ الصحفيون على الفور الفروق بين النصين اللذين قال الدبلوماسي الأميركي "إنهما لا يتعارضان".

المصدر : الفرنسية