خبير فرنسي: أي تطبيع مع الأسد نتائجه عكسية

نيكولا هينان- الأسد لم يعد له ما يقدمه والتعاطي معه عديم الفائدة
نيكولا هينان: الأسد لم يعد له ما يقدمه، والتعاطي معه عديم الفائدة (الجزيرة)

عبد الله العالي-باريس

فنّد الصحفي الفرنسي نيكولا هينان ما سماها "الحجج الواهية" التي تقدمها بعض الدوائر الغربية بشأن إنهاء مقاطعة الرئيس السوري بشار الأسد والتعامل معه كمحاور وشريك في حل الأزمة السورية.
 
وقال الإعلامي الخبير في الشؤون السورية والعراقية في حوار مع الجزيرة نت بمناسبة صدور كتابه "أكاديمية الجهاد، أخطاؤنا في مواجهة الدولة الإسلامية"، إنه "لا يوجد إطلاقا ما يبرر تأهيل الأسد".
 
مشيرا إلى "زيف الدعاية" التي تقدم نظام دمشق حاميا للأقليات، ومنبها إلى أنه لا سبيل لوضع حد للحرب والتطرف في سوريا إلا بطي صفحة "الحكم الاستبدادي الطائفي" في البلاد وإقامة نظام ديمقراطي تعددي على أنقاضه.
الكتاب يكشف لعب النظام السوري بالورقتين الطائفية والجهادية(الجزيرة)
الكتاب يكشف لعب النظام السوري بالورقتين الطائفية والجهادية(الجزيرة)

قوة موهومة
وشدد هينان على أن "المنطق الأخلاقي والتحليل السياسي الأكثر دقة ورصانة يمليان رفض التعاطي من جديد مع الأسد".

مشيرا إلى أن "النظام السوري ارتكب جرائم تفوق عشر مرات جرائم تنظيم الدولة الإسلامية"، الذي اختطف الإعلامي الفرنسي أثناء وجوده في محافظة الرقة السورية في يونيو/حزيران 2013، قبل أن يُفرج عنه في أبريل/نيسان الماضي مع ثلاثة رهائن فرنسيين آخرين.

وأوضح الكاتب أن التعاون الأمني مع الأسد لن يكون مفيدا للغربيين في ملاحقتهم للجهاديين القادمين من أوروبا وأميركا الشمالية، لأن "هؤلاء المقاتلين لا يعبرون من المناطق التي يُسيطر عليها النظام، ولا يقيمون فيها، كما أنهم لا يستخدمون شبكات الاتصالات السورية وإنما يلجؤون لأجهزة اتصال عبر الأقمار الاصطناعية".

أما على الصعيد العسكري، فإن الجيش السوري لم يعد في مقدوره أن يقدم الكثير، حسب اعتقاد الخبير الفرنسي الذي يرى أن "نظام الأسد يعتمد في معركته ضد الثوار على مليشيات لبنانية وإيرانية". كما يجزم الكاتب أن الصراع الحالي أفقد السلطات السورية أوراقها الدبلوماسية، إذ "لم تعد دمشق فاعلا إقليميا مستقلا، وإنما غدت دمية في أيدي حلفائها الروس والإيرانيين".

ويستطرد قائلا إن "أي تطبيع إقليمي أو غربي مع الأسد سيفضي إلى نتائج عكسية"، منبها إلى أنه "سيدفع بكل ضحايا النظام السوري في أحضان الدولة الإسلامية".

ويرى الكاتب أن "حكام دمشق لا يقاتلون الدولة الإسلامية، وأن التنظيم الجهادي لا يقاتلهم". مؤكدا أن هناك معاملات تجارية بين الطرفين، وأن لديهما مصلحة مشتركة في إقصاء الفاعلين الآخرين في المشهد السوري.

يخلص الصحفي الفرنسي إلى أن إنهاء المأساة السورية لن يتحقق إلا بإسقاط نظام الأسد وإقامة شراكة ديمقراطية تعددية بين السوريين، منتقدا "التعبئة الانتقائية" من أجل المسيحيين والإيزيديين

تسويق العلمانية
ويخصص هينان فصلا من كتابه لما يسميه "تسويق العلمانية" الذي يعتمد عليه الحكم البعثي في سوريا. مبرزا أن "النظام ليس علمانيا، فقد شيد نفسه على الطائفية، وادعاؤه الدفاع عن الأقليات محض أسطورة".

ويسوق الصحفي في مؤلفه الاستقصائي أمثلة تدل على سعي نظام آل الأسد منذ البداية إلى إذكاء الكراهية والخوف المتبادل بين الأغلبية السنية وأبناء الأقليات المحلية، لا سيما المسيحية منها.

ويُذكّر هينان بأن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد تعمد وضع ضباط مسيحيين على رأس وحدات عسكرية شاركت في سحق انتفاضة السنة في مدينة حماة عام 1982، تماما كما عمد نجله بشار إلى تسمية العماد المسيحي داود راجحة وزيرا للدفاع في أغسطس/آب 2011 بعد أشهر من اندلاع الثورة السورية.

وفي هذا الصدد، يشير هينان إلى استغلال النظام للتناقضات الطائفية حينما قام -في بدايات الثورة- بعقد صفقة مع صالح مسلم زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، تم بمقتضاها منح ما يشبه الحكم الذاتي لأكراد سوريا مقابل تحييدهم في الصراع مع المعارضة العربية السنية.

ويخلص الصحفي الفرنسي إلى أن إنهاء المأساة السورية لن يتحقق إلا بإسقاط نظام الأسد، وإقامة شراكة ديمقراطية تعددية بين السوريين، منتقدا "التعبئة الانتقائية" من أجل المسيحيين والإيزيديين، "فكل سكان المنطقة لهم الحق في الأمن"، على حد قوله.

المصدر : الجزيرة