إدارة الخرطوم ظهرها لطهران.. انقلاب أم دبلوماسية؟
عماد عبد الهادي-الخرطوم
أثار إعلان السودان عدم وجود أي تحالف سابق بين الخرطوم وطهران كثيرا من التساؤلات حول حقيقة علاقات البلدين ومدى تأثرها بموقف الحكومة السودانية الجديد بالتحالف مع دول الخليج والمشاركة في تحالف "عاصفة الحزم" الذي تقوده السعودية ضد الحوثيين في اليمن.
وتوقف كثير من المتابعين للشأن السوداني والعلاقات بين الدول عند تصريحات وزير الخارجية السوداني علي كرتي التي برأ فيها حكومة بلاده من أي علاقة سابقة مع إيران، رغم ما كان مشهودا من تقارب تسبب في تسميم العلاقة بين الخرطوم وكثير من العواصم العربية.
وكان وزير الخارجية السوداني علي كرتي أعلن في مؤتمر صحفي بعيد مشاركته في قمة شرم الشيخ الأخيرة بمعية الرئيس السوداني عمر البشير أن "السودان لم يكن يوما حليفا لإيران، وما يروج لذلك عار عن الصحة".
متابعون في الخرطوم اعتبروا الإعلان محاولة للتنصل من علاقات إستراتيجية جمعت الجانبين ردحا من الزمان. فيما استحسن آخرون الإعلان، ورأوا فيه تعبيرا وبوضوح عن طبيعة العلاقات الثنائية والدبلوماسية بين الخرطوم وطهران، والتي لم تصل لمستوى التحالف بطبيعته التنسيقية المؤثرة إقليميا ودوليا.
انقلاب إستراتيجي
أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أم درمان الإسلامية صلاح الدومة يعتقد أن نظام الحكم في السودان عادة يتبع أساليب الخداع في سياسته الخارجية، ويجتهد في ذلك "فيكون مع أي طرف وضده في نفس الوقت"، معتبرا ذلك نوعا من "الفهلوة" المطلوبة في السياسة الخارجية.
وحسب الدومة فإن الخطأ الذي ترتكبه الخرطوم كان فادحا، لم يخف الحقيقة عن أحد في ظل تطور وسائل الاتصال والنقل الحديثة. ويفسر في تعليقه للجزيرة نت موقف الخرطوم الجديد من إيران بأنه ربما يكون موقفا مرحليا، مستبعدا أن يتبلور عن الإعلان أي موقف جديد من إيران.
ويذهب المحلل السياسي تاج السر مكي إلى أن إعلان الوزير السوداني "ربما لن يجد من يصدقه، على الأقل بين الدول التي جربت التعامل معه من قبل". مشيرا إلى أن "كل المؤشرات والشواهد في الواقع كانت تدلل على وجود علاقة إستراتيجية بين الخرطوم وطهران".
ويرى في حديثه للجزيرة نت أن الخرطوم ربما اضطرت لإعلان الموقف الجديد بعد مشاركتها في الهجوم على الحوثيين باليمن، "لأنها تعلم مدى انزعاج طهران من تلك المشاركة وتأثيرها السلبي والحتمي على علاقات الحكومتين".
وتوقع مزيدا من التوتر بين الخرطوم وإيران في ظل الإعلان الجديد، "ولأن الخرطوم تعلم أنها ستدفع ثمن ذلك، لكنها لن تمانع طالما سيعود عليها فوائد التقارب مع الخليج العربي بأكثر مما تدفعه بقطيعة إيران".
علاقات دبلوماسية
لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بحري عمر عبد العزيز يعتقد أن وزير الخارجية السوداني عبر عن موقف السودان الصحيح والواضح من إيران، مشيرا إلى أن الموجود على أرض الواقع ما هي إلا علاقات دبلوماسية كحالة طبيعية بين الدول.
وتابع في حديثه للجزيرة نت أن هناك فرقا بين التحالف الذي يعقد للتنسيق الكامل حول القضايا الإقليمية والدولية "بتأثيره الخارجي على الآخرين، والعلاقات الثنائية بين الدول.
وأبدى عبد العزيز قناعته بعدم وجود تعارض بين تصريح وزير الخارجية وواقع العلاقات مع إيران "لأنها علاقات دبلوماسية مباشرة وليست تحالفا بين الجانبين".