الرقة "عاصمة الخلافة".. ديوان مظالم ورؤوس بالشوارع

مكتب الحسبة
مكتب الحسبة أول مؤسسة رسمية أنشأها تنظيم الدولة في الرقة (الجزيرة نت)

أحمد العربي-الرقة

سيطر تنظيم الدولة الإسلامية على مدينة الرقة وريفها شمال شرق سوريا في 13 يناير/كانون الثاني 2014، بعد معارك خاضها مع فصائل معارضة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد استمرت ثمانية أيام.

إثر ذلك بدأت موجة انضمام مقاتلي الفصائل الأخرى فرادى للتنظيم بعد إعلان "توبتهم"، إلى أن أعلن المتحدث باسم التنظيم أبو محمد العدناني في 29 يونيو/حزيران 2014 قيام الخلافة وتنصيب "أبوبكر البغدادي خليفة للمسلمين". تبعه قيام إعلان الأخير قبول البيعة وفتح الحدود بين سوريا والعراق، وإطلاق اسم "الدولة الإسلامية" على مناطق سيطرة التنظيم في البلدين.

 الصلاة في شوارع الرقة (الجزيرة)
 الصلاة في شوارع الرقة (الجزيرة)

وجاء في بيان العدناني أنه "صار واجبا على جميع المسلمين مبايعة الخليفة، وتبطل جميع الإمارات والولايات والتنظيمات التي يتمدد إليها سلطانه ويصلها جنده".

حينها بدأ ما يعرف بـ"البيعات الجماعية" داخل سوريا، وأهمها بيعة "لواء داود" الذي كان يتبع لصقور الشام في بلدة سرمين بريف إدلب، حيث أعلن التحاقه بتنظيم الدولة بكامل عناصره وعتاده وأسلحته في 7 يوليو/تموز 2014.

بدأ التنظيم بعدها سلسلة هجمات هدفها السيطرة على المواقع العسكرية الرئيسة للنظام السوري في الرقة. فأعلن السيطرة على الفرقة 17 في 25 يوليو/تموز، وفي 7 أغسطس/آب أعلن سيطرته على اللواء 93 بريف الرقة الشمالي، وانتهى في 24 أغسطس/آب إلى السيطرة على مطار الطبقة العسكري آخر معاقل النظام بريف الرقة الغربي. بعدها أعلن التنظيم أن الرقة أول مدينة محررة بالكامل من أيدي النظام، وأنها عاصمة دولته الإسلامية.

بعد انفراده المطلق بالسيطرة على الرقة وريفها وإعلانها عاصمة لدولته وازدياد قوته، بدأ التنظيم بإنشاء مؤسساته ومكاتبه الخدمية الخاصة به، وإصدار البيانات والقوانين التشريعية، وتقييد الحريات وحظر النشاطات الإعلامية غير المسيطر عليها.

ولإحكام سيطرته على الوضع في الرقة، قام بإنشاء أول مؤسسة رسمية تابعة له وأطلق عليها اسم كتيبة "الحسبة"، التي من أبرز مهامها متابعة تنفيذ القوانين والتشريعات التي يصدرها التنظيم، وملاحقة كل من يخالفها، واعتبارها القوة الضاربة للتنظيم في تنفيذ أحكامه وفرضها على أهالي الرقة ومراقبة كل شاردة وواردة في المحافظة.

كتيبة الخنساء

احتفالات التنظيم في الرقة (الجزيرة)
احتفالات التنظيم في الرقة (الجزيرة)

وأعلن بعدها عن إنشاء كتيبة أخرى توازي عمل كتيبة الحسبة، وأطلق عليها اسم "كتيبة الخنساء" لضمان تنفيذ القوانين الخاصة بالنساء في الرقة، وهذا الأمر ضيق الخناق كثيرا على أهالي الرقة مما أجبر عشرات العائلات على الهجرة خارجها لعدم قدرتهم على تحمل مثل هذا النظام والمراقبة الكلية لحياتهم وتعرضهم للمحاسبة، بحسب ما يراه التنظيم.

واستمر التنظيم في بناء بنيته التحتية كدولة، وسعى لأن يكون محيطا بكل النواحي الحياتية والخدمية والتشريعية والقانونية والتربوية، حيث قام بإنشاء مكاتب تعنى بالمدنيين ومشاكلهم وشكاويهم وأطلق عليه اسم "ديوان المظالم"، وأنشأ المحاكم الشرعية في كل مدينة وقرية ووزارة للأوقاف والإعلام، وديوانا للزكاة، ومديرية لشرطة المرور والشرطة العسكرية وديوانا للصحة، وغيرها.

وقام التنظيم بإجبار التجار على إغلاق الأسواق أثناء الصلاة والذهاب للمساجد أو الصلاة جماعة في الشارع، ومنع التدخين، ومنع اختلاط النساء بالرجال، وفرض اللباس الشرعي الكامل على النساء، ومنعهن من السفر دون محرم، وأوقف التعليم في الرقة.

وافتتح في بداية هذا العام عددا من المدارس فيها بعد تغيير أسماء أغلبها، وأنشأ مناهج خاصة به، واقتصر التعليم فيها على مادة اللغة العربية والرياضيات والقرآن والعلوم الشرعية.

حرق الدخان بعد مصادرته (الجزيرة)
حرق الدخان بعد مصادرته (الجزيرة)

كما أصدر التنظيم بيانا في 3 يناير/كانون الثاني 2015 ينص على إنشاء جامعة للطب في الرقة، ولكنها لم تشهد إقبالا بسبب اقتصار التدريس فيها على تعلم الإسعافات الأولية وبعض الدروس الشفهية ولمدة ثلاث سنوات فقط.

السجناء
وخلال سنة كاملة من سيطرة التنظيم على الرقة، اكتظت سجونه بالسجناء من المدنيين ومقاتلي الفصائل الأخرى في سوريا، وأيضا بمقاتلي التنظيم نفسه بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى سجناء من الصحفيين والعاملين في المجال الإنساني والإغاثي من الأجانب والعرب.

وانتشرت ظاهرة القتل والصلب والجلد في شوارع الرقة، وأصبحت أمرا اعتياديا وبشكل شبه يومي في ساحات الرقة العامة، وأصبح دوار النعيم الشهير وسط المدينة يطلق عليه الأهالي دوار الموت، لكثرة ما تعلق على أسواره رؤوس القتلى الذين يعدمهم التنظيم.

وبعدها بدأ التنظيم بإظهار قدراته الإنتاجية في تصوير الأفلام والمقاطع لحالات إعدام عدد من الرهائن الأجانب، ابتدأها تحديدا في 19 أغسطس/آب 2014 بنشر عملية إعدام الصحفي الأميركي جيمس فولي الذي اختطف في نوفمبر/تشرين الثاني 2012.

المصدر : الجزيرة