الاحتلال يسعى لتجنيد المقدسيين في "الخدمة المدنية"

البلدة القديمة بالقدس المحتلة
الاحتلال يكثف من حملاته لحث الشباب المقدسي على الانخراط بالخدمة المدنية (الجزيرة نت)

أسيل جندي-القدس المحتلة

 

"أرفض الخدمة المدنية لأنها الوجه الثاني لعملية التجنيد العسكري، وعلى المقدسيين أن يحذروا من الترويج المغري لها" بهذه الكلمات تحدثت الفلسطينية المقدسية ربى أبو غوش عن موقفها من الخدمة المدنية التي تسعى إسرائيل لفرضها على فلسطينيي القدس.

وتضيف أبو غوش "قمنا في قرية أبو غوش المقدسية كناشطين اجتماعيين بنبذ هذه الخدمة من خلال توعية المواطنين، ومحاربة من يروج لها في القدس، ووصلتنا تهديدات كثيرة من المخابرات الإسرائيلية لقيامنا بهذه الحملة".

ويسعى الاحتلال جاهدا للترويج لمشروع "الخدمة المدنية" في أوساط الشباب المقدسي، وهي الشريحة التي يعوّل إسرائيليا على مسح وعيها وكسبه بعيدا عن الانتماءات الوطنية الفلسطينية.

وتعتبر "الخدمة المدنية" بالقانون الإسرائيلي بديلا للخدمة العسكرية، فيحتّم على كل من يحمل الجنسية الإسرائيلية وبلغ سن الـ18 أن يقوم بخدمة عسكرية إلزامية مع وجود بعض الاستثناءات.

أما حملة الهوية المقدسية والذين تعتبرهم إسرائيل مقيمين لا مواطنين فهم غير ملزمين بالخدمة العسكرية، وبالتالي لا يجبرون على الخدمة المدنية، مع ذلك يتم تقديم كافة المغريات لهم للانضمام لها بهدف صقل وعيهم بالطريقة التي تناسب الرؤية الإسرائيلية.

‪صالح: الخدمة المدنية لا تقل خطورة عن الخدمة العسكرية‬ (الجزيرة نت)
‪صالح: الخدمة المدنية لا تقل خطورة عن الخدمة العسكرية‬ (الجزيرة نت)

غزو الوعي
مدير مركز القدس للمساعدة القانونية رامي صالح قال إن "الخدمة المدنية لا تقل خطورة عن الخدمة العسكرية، حيث أظهر استطلاع لآراء الشباب عن مدى القبول بيهودية الدولة أن 30% من الفلسطينيين ممن لم يلتحقوا بالخدمة المدنية يقبلون بيهودية الدولة، بينما ارتفعت النسبة إلى 80% لدى الفلسطينيين الذين التحقوا بالخدمة المدنية، وهذا يعكس مدى خطورة غزو الوعي والثقافة الفلسطينية الذي تسببه هذه الخدمة وأبرزها قبول الآخر".

وكان لمركز القدس للمساعدة القانونية دور بارز في تسيير حملات توعوية للمقدسيين عن خطورة الخدمة المدنية، وعن هذه الحملات قال صالح "استطعنا بالتعاون مع مبادرات شبابية مقدسية عقد ورشات عمل توعوية في عدة أحياء مقدسية، وتفاجأنا بأن معظم المقدسيين لا يدركون مدى خطورة هذه الخدمة، فكانت الورشات هي الفرصة الذهبية لتحذيرهم من انضمام أبنائهم إليها".

وأردف قائلا "جهاز المخابرات الإسرائيلي يلاحق النشاطات التوعوية في هذا المجال، وأمر بإغلاق مركز ثقافي عزمنا على عقد يوم علمي فيه عن الخدمة المدنية، وأوعز بعدم تنظيم هذا النشاط في أي مكان داخل نطاق مدينة القدس".

أظهر استطلاع لآراء الشباب عن مدى القبول بيهودية الدولة أن 30% من الفلسطينيين ممن لم يلتحقوا بالخدمة المدنية يقبلون بيهودية الدولة، بينما ارتفعت النسبة إلى 80% لدى الفلسطينيين الذين التحقوا بالخدمة المدنية

تضاعف الأعداد
وأشار صالح إلى تقاعس مديرية الخدمة المدنية في إعطاء المركز أرقاما حقيقية عن عدد المقدسيين المنخرطين بهذه الخدمة، ولكن المعطيات تشير إلى تضاعف عدد الفلسطينيين المجندين بالخدمة المدنية بما يقارب 14 ضعفا خلال ثمانية أعوام، ففي عام 2005 كان عددهم 240 فردا ليصل عددهم عام 2013 إلى 3450 بالقدس والأراضي المحتلة عام 1948.

من جانبه، أوضح المحامي سامي إرشيد المختص بقضايا القدس أنه لا يوجد قانون يلزم المواطنين بالقدس الشرقية بأداء الخدمة المدنية" وكل من يتوجه لها يقوم بذلك طوعا بسبب الإغراءات المتمثلة بالمنح الدراسية وخوض سوق العمل بسهولة" مضيفا أن "هذه الخدمة تندرج تحت طائلة وزارة شؤون الأمن الداخلي، وعمليا كل مواطن يتم استيعابه بها يعتبر مجندا لدى جيش الدفاع الإسرائيلي".

وكان مركز مدى الكرمل للدراسات الاجتماعية التطبيقية أصدر مؤخرا كتابا بعنوان "الفلسطينيون في إسرائيل ومشروع الخدمة المدنية".

وعن أبرز ما جاء فيه، قال محرر الكتاب امطانس شحادة إن اسرائيل تسعى من خلال الخدمة المدنية لكسر الهوة بين الشباب الفلسطيني وأجهزتها الأمنية.

‪شحادة: 70% من الشباب المقدسي يرفض الخدمة المدنية و30% مستعدون لقبوله‬ (الجزيرة نت)
‪شحادة: 70% من الشباب المقدسي يرفض الخدمة المدنية و30% مستعدون لقبوله‬ (الجزيرة نت)

ضوء أحمر
وأردف "من خلال الدراسة وجدنا أن 70% من الشباب يرفض مشروع الخدمة المدنية والانخراط فيه، و30% مستعدون لقبوله، وهنا أعطينا الضوء الأحمر للتعامل مع المشروع ورفضه بجدية".

وأضاف شحادة -في حديثه للجزيرة نت- أن معظم المنخرطين الفلسطينيين في مشروع الخدمة المدنية من الفتيات، ويعود السبب للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لهن، ولكن كان من اللافت أن معظم هؤلاء الفتيات لا ينصحن غيرهن بخوض التجربة.

وعن الفرق بين الخدمة العسكرية والمدنية، قال شحادة "من يذهب للخدمة العسكرية هويته مشوهة وليس لديه انتماء وطني فلسطيني، أما في الخدمة المدنية فتكمن الخطورة بأن القضية غير واضحة، فيعتقد الشخص أنه يشارك في مشروع إيجابي للمجتمع العربي بينما الحقيقة عكس ذلك تماما".

وشدد شحادة على ضرورة الانتباه للمحاولات الجدية لإقحام الشباب المقدسي بالخدمة المدنية، في استغلال واضح لظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، وتابع "على الجميع أن يرفض تماما هذا المشروع لما فيه من أسرلة وقمع للهوية الفلسطينية وخداع للمجتمع".

يُشار إلى أن من يلتحق بالخدمة المدنية يعمل بالمستشفيات ومراكز صناديق المرضى، وجهاز الإطفاء ومكافحة المخدرات وبعض المكتبات والمدارس والمجالس البلدية ومراكز الشرطة الجماهيرية.

المصدر : الجزيرة