بوكو حرام الدولة الإسلامية السمراء

تواصل المعارك بين الجيش التشادي ومسلحي بوكو حرام
حملة للجيش التشادي على مسلحي بوكو حرام (الجزيرة)

أحمد الأمين-نواكشوط

من جماعة محدودة العدد والنشاط محصورة في مدينة "مايدوجوري" بشمالي نيجيريا إلى تنظيم مسلح عابر للحدود تطورت "حركة بوكو حرام" لتشمل عملياتها أجزاء من الكاميرون والنيجر، وباتت مصدر قلق في المنطقة، وعامل تهديد لاستقرارها، وتمددت جغرافيا، وتزايدت قوتها.

وبالعنف الذي اتسمت به أقلقت الإقليم، وأصبحت هاجسا يؤرق الساسة، وملفا مطروحا في كل القمم والاجتماعات، مما جعل كثيرين يشهبونها بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، ويستحضرون تجربة الأخير، وتعاطي دول المنطقة والمجتمع الدولي معه.

وجاء قرار الاتحاد الأفريقي بتشكيل قوة إقليمية لمحاربة الحركة بتأييد من الأمم المتحدة وتدخل قوات تشاد والنيجر ميدانيا ليطرح سؤالا كبيرا بشأن جدوى وفعالية التدخل الإقليمي، ومدى إمكانية انخراط المجتمع الدولي في الحرب على الحركة كما حصل في مواجهة تنظيم الدولة.

تطور الحركة وتجاوزها حدود النشأة يرجعهما مراقبون ومحللون إلى جملة عوامل: اجتماعية واقتصادية وعرقية ودينية متشابكة تتطلب مواجهتها مقاربات متعددة الأبعاد، تشمل الأمني والعسكري والتنموي والسياسي.

أبو المعالي: هناك قرار لم ينفذ من الاتحاد الأفريقي لمحاربة بوكو حرام (الجزيرة)
أبو المعالي: هناك قرار لم ينفذ من الاتحاد الأفريقي لمحاربة بوكو حرام (الجزيرة)

أسباب التعاطف
وبهذا الصدد يقول الصحفي الموريتاني المتخصص في الحركات الإسلامية محمد محمود أبو المعالي إن مواجهة الحركة تتطلب معالجة أسباب وجودها "فهي وليدة مظالم اجتماعية وتهميش اقتصادي وسياسي عانى منه المسلمون في الشمال النيجيري".

ويضيف للجزيرة نت أن "الغبن الذي تعرض له شمال نيجيريا، والعنف الذي مارسه الجيش والأمن ضد السكان المحليين في تصفية حساباته مع الحركة أكسباها تعاطفا كبيرا، ووفرا لها الحاضنة الاجتماعية".

ويشير إلى أن قبائل الهوسا المسلمة شكلت البنية الأساسية للحركة، وهذا ما يفسر تمددها إلى النيجر والكاميرون، حيث تتواجد هذه القبائل في الأجزاء المحاذية لنيجيريا من الدولتين.

ورغم تمدد الحركة وتهديدها عمليا عددا من الدول فإن مواجهتها ما زالت تقتصر على عمليات عسكرية محدودة من قبل جيشي تشاد والنيجر، وقرار من الاتحاد الأفريقي لم ينفذ بإنشاء قوة لمحاربتها دون وجود مؤشر على تدخل المجتمع الدولي على غرار ما حدث مع تنظيم الدولة.

ويرى الصحفي الموريتاني المتخصص في الحركات المسلحة أحمد محمد المصطفى أنه رغم تشابه ظروف نشأة وتطور بوكو حرام وتنظيم الدولة وتقاربهما في المنهج والولاءات والممارسات فإن تعامل العالم معهما ظل مختلفا باختلاف موقعيهما.

المصطفى: تعامل العالم مع بوكو حرام وتنظيم الدولة حكمه موقع كل منهما (الجزيرة)
المصطفى: تعامل العالم مع بوكو حرام وتنظيم الدولة حكمه موقع كل منهما (الجزيرة)

تحالف دولي
ويقول المصطفى للجزيرة نت إن "احتمال انخراط المجتمع الدولي في الحرب على بوكو حرام يبقى ضعيفا إذا استثنينا الرغبة الفرنسية المحكومة بالمصالح الاقتصادية والعلاقة التاريخية مع دول المنطقة".

ويشير إلى أن "أهمية موقع تنظيم الدولة، حيث يتداخل النفوذ الدولي ويوجد أهم مخزون لمصادر الطاقة التي أوجدت اهتماما دوليا به، وتحولت حرب التنظيم إلى أولوية عالمية فتمثلت ردة الفعل في إعلان تحالف دولي لمواجهته".

ويتابع "أما بوكو حرام فأخذت حصتها من عزلة أفريقيا وانكفائها على نفسها، وسيبقى الاهتمام الدولي بها مقتصرا على التنسيق العام بشأن الخطر الجهادي في عموم أفريقيا".

غير أن محمد محمود أبو المعالي لا يستبعد قيام تحالف دولي لمواجهة بوكو حرام، "خاصة أن الجيوش الأفريقية غير مؤهلة لحسم حرب كهذه تتطلب نفسا طويلا، كما أن البلدان المعنية لا تتوافر كلها على الموارد اللازمة لتجهيز قواتها".

ويضيف أبو المعالي أنه "إذا هددت عمليات التنظيم تدفق النفط النيجيري، ومناجم اليورانيوم في النيجر التي تستغلها الشركات الفرنسية فإن انخراط العالم في مواجهة بوكو حرام يصبح احتمالا قويا وواردا".

المصدر : الجزيرة