تركيا تستعد لبدائل للمقاطعة الروسية

A customer, right, purchase tangerines at a food market in Moscow, Russia, Wednesday, Dec. 2, 2015. Russia will restrict imports of Turkish fruit and vegetables as part of a package of new sanctions following the downing of a Russian warplane by Turkey last week. (AP Photo/Pavel Golovkin)
سوق لبيع الخضر والفواكه في موسكو، وهي سلع أدرجتها روسيا ضمن البضائع التركية التي ستقاطعها (أسوشيتد برس)

خليل مبروك-إسطنبول

تستعد تركيا للتعامل مع خيارات متعددة لتجنب الأضرار التي قد تُلحقها بها المقاطعة الروسية في مجالات التجارة والسياحة والطاقة، دون أن تلوح في الأفق أي بوادر للاعتذار عن إسقاط قواتها الجوية قاذفة سوخوي 24 الروسية في 24 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وأحبط إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على رفض لقاء نظيره التركي رجب طيب أردوغان على هامش قمة المناخ -التي انطلقت أعمالها في العاصمة الفرنسية باريس أواخر الشهر الماضي- الآمال باحتواء سريع للأزمة بين البلدين.

ووقع بوتين السبت الماضي مرسوما يفرض قيودا اقتصادية عقابية على تركيا، تشمل حظر الرحلات زهيدة الثمن بين البلدين، ومنع أرباب العمل الروس من توظيف أتراك، وإعادة العمل بنظام تأشيرة الدخول المتبادل، لكنه لم يتطرق إلى موضوع تزويد تركيا بالغاز.

وأعلنت الحكومة التركية أن لديها خططا بديلة في حال قررت روسيا تنفيذ المقاطعة، وشكلت خلية أزمة برئاسة نائب رئيس الوزراء ووزير الاقتصاد السابق محمد شيمشيك، الذي أكد أن بلاده سترفع حجم وارداتها من الغاز من إيران وأذربيجان والجزائر وقطر في حال أوقفت روسيا مدها بالغاز.

خسائر تركيا من إجراءات روسيا لن تتجاوز خسائر مالية يتكبدها بضعة آلاف من أرباب العمل، وسيكون من السهل على تركيا التعامل مع هذه الأزمة مقارنة بما ستخسره روسيا من مقاطعتها

كما أكد شيمشيك أن أنقرة ستعمل على فتح أسواق بديلة في الشرق الأقصى وأوروبا لتعويض السوق الروسية في حال إغلاقها في وجه البضائع التركية، قائلا إنها ستنفذ حملات ترويجية ضخمة تعوض فيها انحسار أفواج السياح الروس.

إدارة الأزمة
وبدت موسكو أكثر إصرارا على التصعيد، بعد رفضها الاستجابة لرغبة أردوغان في لقاء بوتين، لكن اعتقادا واسعا يسود الأتراك بأن حسابات المصالح ستضبط الموقف الروسي، وتمنعه من الجنوح إلى الابتعاد في خيارات الرد على إسقاط الطائرة.

الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد زاهد غل قال إن الخسارة الروسية من استمرار التصعيد أكبر من خسارة تركيا التي تدفع لموسكو 25 مليار دولار سنويا ثمنا للطاقة من أصل أربعين مليار دولار، هي كامل حجم التبادل التجاري بين البلدين.

وردا على سؤال للجزيرة نت، أكد غل أن تركيا ستتخذ إجراءات عقابية مماثلة لما تتخذه روسيا بحقها، سواء كان ذلك على صعيد التجارة المتبادلة أو المعابر وإجراءات التفتيش، موضحا أن روسيا التي تمر الكثير من صادراتها للعالم عبر الأرض التركية ستتضرر أكثر في مثل هذه الحالة.

وقال غل إن خسائر تركيا من إجراءات روسيا لن تتجاوز خسائر مالية يتكبدها بضعة آلاف من أرباب العمل، وسيكون من السهل على تركيا التعامل مع هذه الأزمة مقارنة بما ستخسره روسيا من مقاطعتها.

إنجة: روسيا عاجزة عن فهم حق تركيا في الدفاع عن أجوائها (الجزيرة)
إنجة: روسيا عاجزة عن فهم حق تركيا في الدفاع عن أجوائها (الجزيرة)

وحدة موقف
وتعليقا على التسريبات التي أشارت إلى أن قيادة الجيش التركي غير راضية عن إدارة القيادة السياسية التركية للأزمة مع روسيا، عبر غل عن قناعته بأن هذه التسريبات مجافية للواقع "الذي يشهد توافقا تاريخيا غير مسبوق بين القيادة السياسية والعسكرية التركية".

أما الكاتب والمحلل السياسي التركي وحيد الدين إنجة، فرأى التسريبات بشأن وجود خلافات بين قيادة الجيش والحكومة "مجرد خيال نسجته بعض الصحف التركية المنفصلة عن الواقع في البلاد".

وقال للجزيرة نت إن تركيا الحديثة تقوم على نظام الفصل بين السلطات، احتكاما للدستور الذي يمنح الحكومة صلاحية اتخاذ القرار، ويوكل الجيش بتنفيذه، مضيفا "لا أعتقد أن هناك أي شذوذ عن هذه القاعدة في موضوع الأزمة مع روسيا".

وأكد إنجة أن "التعنت" في الموقف الروسي يرجع لعدم قدرة موسكو بوصفها قوة عظمى على تفهم حق دولة مثل تركيا في الدفاع عن مصالحها وحدودها.

وأضاف أن الدول العظمى "اعتادت على فعل ما تشاء، فتنتهك الأرض والأجواء وتضرب دون حسيب، وروسيا لم تستوعب أن تبادر تركيا للدفاع عن أجوائها".

وكان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو جدد بعد لقائه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ في بروكسل الثلاثاء الماضي، رفض بلاده تقديم اعتذار عن حادثة إسقاط المقاتلة قرب الحدود التركية السورية، داعيا موسكو لإعادة النظر في العقوبات الاقتصادية تجاه تركيا.

المصدر : الجزيرة