فلسطينيون: الجزائر هي الأقدر على فهم معاناتنا

فلسطينيون يرفعون علم الجزائر في تشييع شهداء بالخليل
فلسطينيون يرفعون علم الجزائر في تشييع شهداء بالخليل (ناشطون)
عوض الرجوب-رام الله

من بين عشرات الدول الشقيقة والصديقة، وجد الفلسطينيون في الجزائر الدولة الأقرب إلى قلوبهم، وبات علمها الوحيد الذي يرفع إلى جانب العلم الفلسطيني في الفعاليات والمسيرات الجماهيرية والمواجهات مع الاحتلال، خاصة في الشهرين الأخيرين.

وتجاوز حب الفلسطينيين الجزائر رفع أعلامها في الضفة الغربية وقطاع غزة والمسجد الأقصى، إلى شبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت، حيث تم إنشاء صفحات تعبر عن حب الفلسطينيين بلدا عانى من الاحتلال الفرنسي، ويرونه الأقدر على ملامسة معاناتهم.

ويرى نشطاء في رفع العلم الجزائري محاولة لرد جزء من الجميل لبلد وقفت قيادته السياسية وشعبه إلى جانب الفلسطينيين في أشد المحن، مشيرين إلى أن أغلب المُتصلين في البرامج المفتوحة على الفضائيات الفلسطينية خلال المواجهات الحالية مع الاحتلال من الجزائر.

علاقة قديمة
وتربط المستويين السياسيين في فلسطين والجزائر علاقات مميزة منذ اعتراف الأخيرة بمنظمة التحرير الفلسطينية عام 1965، وافتتاح أول مكتب لها في الجزائر، ثم تحول المكتب إلى سفارة مع حصول فلسطين على صفة مراقب بالأمم المتحدة عام 1974.

وعلى تراب الجزائر اجتمع المجلس الوطني الفلسطيني في دورته الـ19 يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1988، وتلا الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات ما عرف بوثيقة الاستقلال.

نصار: الجزائريون عانوا من الاحتلال وهم الأقدر على فهم معاناة الفلسطينيين (الجزيرة)
نصار: الجزائريون عانوا من الاحتلال وهم الأقدر على فهم معاناة الفلسطينيين (الجزيرة)

ويقول الصحفي فايز نصار إن شغف الجزائريين بفلسطين يعود إلى التجربة التي عاشها الجزائريون في ظل الاحتلال الفرنسي ،"كأنهم الأكثر شعورا بمأساة الشعب الفلسطيني وبالتالي نقلوها لأبنائهم".

ويضيف نصار -الذي يرأس اللجنة التحضيرية لجمعية "الجزائر فلسطين"، وهي جمعية تعاونية ثقافية- أن اهتمام الجزائريين بفلسطين وجد صداه بداية في ملاعب كرة القدم، وبات العلم الفلسطيني حاضرا على المدرجات، مشيرا إلى أن جماهير الأندية الجزائرية تتسابق لرفع العلم الفلسطيني وتردد معا النشيد الفلسطيني الجزائري المعروف "فلسطين الشهداء".

وبيّن الصحفي الفلسطيني -وهو متابع لكرة القدم الجزائرية ومباريات منتخبها وأنديتها- انتشار العلم الجزائري بين الفلسطينيين مؤخرا أنه "نوع من رد الجميل للشعب الجزائري"، مشيرا إلى أن جميع الفعاليات كانت عفوية وغير مخططة.

وقال نصار إن الشبان كانوا يتسابقون في الفعاليات الجماهيرية لالتقاط الصور مع العلم الجزائري، مستشهدا بما حدث معه أثناء حمله العلم الجزائري في مسيرة لتشييع عدد من شهداء مدينة الخليل ارتقوا برصاص الاحتلال مؤخرا.

عشق الجزائر
في المقابل، يلفت نصار إلى حرص الجزائر على الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه السلطة ضمن حصتها في الجامعة العربية، رغم انخفاض أسعار البترول.

وأشار إلى حرص الجزائريين على الاتصال بمختلف الفضائيات الفلسطينية ودعوتهم للم الشمل الفلسطيني والتعالي على الجراح وإنهاء الانقسام.

‪علم الجزائر في مسيرة تشييع شهيد فلسطيني في الخليل‬ (ناشطون)
‪علم الجزائر في مسيرة تشييع شهيد فلسطيني في الخليل‬ (ناشطون)

وتُقدم الجزائر دعما سنويا لموازنة السلطة الفلسطينية، وذكرت معطيات سابقة للخارجية الجزائرية أن نحو ثلث المساعدات الجزائرية للخارج خلال العقد الأول من القرن الحالي، ويقدر بنحو 730 مليون دولار، كان موجها للسلطة الفلسطينية، بينما تشير معطيات وزارة المالية الفلسطينية إلى تلقي نحو 183 مليون دولار من الجزائر في الأعوام الخمسة الأخيرة.

وأوصت دراسة فلسطينية مؤخرا بتعزيز العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، مشيرة إلى أن الصادرات الفلسطينية إلى الجزائر على مدار الأعوام الماضية تركزت على ثلاثة منتجات، أهمها الصناعات الدوائية بنسبة 88% من حجم الصادرات الفلسطينية الكلي إلى الجزائر.

من جهته، يقول مدير صفحة "فلسطيني عاشق الجزائر من القلب" حمزة حمزة إن الود بين الشعبين الفلسطيني والجزائري قديم، لكن الشعب الجزائري فرض على الشعب الفلسطيني أن يحبه بشدة لمواقفه المدافعة عن فلسطين أكثر من الفلسطينيين في كثير من الأحيان.

وقال حمزة -وهو من غزة- في ردود مكتوبة للجزيرة نت عن أسباب هذه العلاقة إن اسم فلسطين يتردد في كل مكان في الجزائر وعلمها يحلق في أنحاء الجزائر، مما أوجب على الفلسطينيين الرد بخطوة مشابهة.

ومع ذلك، يشير حمزة إلى تجربة مشتركة في المعاناة عاشها الشعبان تحت الاحتلال، في وقت تخلى فيه عنهم العرب والمسلمون في أشد الظروف.

وحول التفاعل مع صفحته، يقول إنه أنشأها قبل ست سنوات، ويتلقى باستمرار المئات من رسائل الإعجاب والصور المعبرة عن لحمة الشعبين.

من جهته، يقول الشاب المقدسي محمد غيث المولع بالجزائر إنه بدأ حبه للجزائر منذ سبع سنوات "بشكل جنوني"، مشيرا إلى أن ذلك جاء ردّ فعل على تعلق الجزائريين الشديد بفلسطين والفلسطينيين.

المصدر : الجزيرة