مذكرة فلسطينية بالجنائية.. هل بدأت إدانة إسرائيل؟

غزة نوفمبر 2015، مؤتمر صحفي لأربع مؤسسات حقوقية فلسطينية للإعلان عن تسليم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، مذكرة قانونية حول جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية التي اقترفتها إسرائيل خلال عدوانها الأخير على غزة
مؤتمر صحفي لمؤسسات حقوقية فلسطينية للإعلان عن تسليم مدعي الجنائية الدولية مذكرة قانونية بشأن جرائم الاحتلال أثناء عدوان غزة (الجزيرة)

محمد عمران-غزة

منذ لحظة استشهاد ابنه مع ثلاثة أطفال من أقاربه خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة لم يساور الشك عاهد بكر بإمكانية محاكمة قادة الاحتلال الذين أمروا بقصف أطفال كانوا يلعبون على شاطئ غزة آنذاك.

وظل عاهد الذي فقد فلذة كبده زكريا ابن العشرة أعوام يتردد على مؤسسات حقوق الإنسان للسؤال عن جهودها تجاه جلب مقترفي الجريمة بحق أطفال عائلته إلى العدالة حتى شارك بمؤتمر صحفي للإعلان عن تسليم مذكرة قانونية للمحكمة الجنائية الدولية بخصوص جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية اقترفها الاحتلال ضد الفلسطينيين.

وبالتزامن مع انعقاد المؤتمر الصحفي لأربع مؤسسات حقوقية فلسطينية في غزة ظهر الاثنين كان مدير مؤسسة الحق شعوان جبارين يسلم المدعي العام بالجنائية الدولية فاتو بنسودا في لاهاي مذكرة قانونية بالنيابة عن المؤسسات وعن ضحايا العدوان الإسرائيلي الأخير.

وزاد هذا التحرك الحقوقي إصرار ذوي الضحايا الفلسطينيين على مواصلة مشوارهم القانوني بحثا عن العدالة، باعتبار المسار القضائي وجها آخر لمقاومة الاحتلال يمكن أن يجبره على وقف جرائمه إذا تحولت إدانة مسؤولين إسرائيليين من النظرية للتطبيق بحسب أم أحمد الجمال التي فقدت زوجها وابنتها ودمر بيتها.

عاهد بكر استشهد ابنه وأبناء أقاربه أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير (الجزيرة نت)
عاهد بكر استشهد ابنه وأبناء أقاربه أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير (الجزيرة نت)

مشوار طويل
وتدرك أم محمد أن هذا المشور طويل وشاق، لكنها تبدي استعدادها لمواصلته مع الجهات الحقوقية ذات الاختصاص.

وتقول للجزيرة نت إنها جاهزة للذهاب إلى لاهاي، حيث مقر الجنائية الدولية، أو أي مكان آخر توجد فيه احتمالية للقصاص من مجرمي الحرب الإسرائيليين، داعية إلى تحرك فلسطيني رسمي لدعم جهود المنظمات الحقوقية.

وتستعرض المذكرة المقدمة الأطر القانونية لما مورس من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خصوصا خلال العدوان الأخير، إضافة إلى الحصار والاستيطان وجدار الفصل العنصري، بما  يتضمن توصيفا قانونيا لتلك الجرائم، وفقا لمدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني.

وبينما يتيقن المسؤول الحقوقي بأن الإطار النظري للمذكرة يمثل وثيقة قانونية تدين سلطات الاحتلال يؤكد أن هذه المرحلة أولية ستتلوها مرحلة أخرى من خلال تقديم مئات القضايا وبدون حدود عندما يحين الوقت لذلك خلال الأشهر القليلة القادمة.

ويقول الصوراني للجزيرة نت "محكمة الجنايات الدولية بحاجة لفلسطين كما نحن بحاجة لها، حيث اهتزت مصداقيتها، وكأنه ليس هناك مجرمو حرب إلا أفارقة"، مضيفا "هذه لحظة حقيقة يجب أن تثبت المحكمة وجود مجرمي حرب في إسرائيل ودول أخرى".

‪مدير مؤسسة الحق الفلسطينية يسلم مدعي الجنائية الدولية بنسودا مذكرة بشأن جرائم الاحتلال أثناء العدوان الأخير على غزة‬ مدير مؤسسة الحق الفلسطينية يسلم مدعي الجنائية الدولية بنسودا مذكرة بشأن جرائم الاحتلال أثناء العدوان الأخير على غزة
‪مدير مؤسسة الحق الفلسطينية يسلم مدعي الجنائية الدولية بنسودا مذكرة بشأن جرائم الاحتلال أثناء العدوان الأخير على غزة‬ مدير مؤسسة الحق الفلسطينية يسلم مدعي الجنائية الدولية بنسودا مذكرة بشأن جرائم الاحتلال أثناء العدوان الأخير على غزة

أمثلة توضيحية
وشملت المذكرة تقديم أمثلة توضيحية لحالات قتل واضطهاد وتعذيب، إضافة إلى الهجمات المتعمدة على المدنيين وأملاكهم المدنية والتدمير الواسع دون مبررات عسكرية، علاوة على استعراض هجمات بعينها على منازل ومستشفيات ومدارس وأبراج.

وينتظر الفلسطينيون خطوات عملية من الجنائية الدولية نحو فتح تحقيق رسمي في قيام مسؤولين إسرائيليين كبار بارتكاب جرائم حرب جرائم ضد الإنسانية، بالنظر إلى كفاية المعلومات المقدمة لفتح تحقيق بالخصوص، بحسب مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان عصام يونس.

وبينما يؤكد للجزيرة نت أن أهمية المذكرة تزداد بالنظر للجهات المقدمة لها، وهي مؤسسات حقوق إنسان مهنية ومحايدة، وتستند في عملها إلى قواعد صارمة في التحقيقات يوضح أن المذكرة الفلسطينية جاءت وفقا للمادة الـ15 من النظام المؤسس للمحكمة، والذي ينص على حقها بتلقي معلومات من أي مصدر كان، دولا أو أفرادا.

وعلى الرغم من ثقته الكبيرة بالملفات والفريق القانوني والخبرة وتفاؤله بإمكانية إحراز نتائج على صعيد القضاء الدولي لصالح الفلسطينيين فإن مدير مركز الميزان يعبر عن خشيته من الضغوط السياسية التي قد تتعرض لها المحكمة من الولايات المتحدة أو دول أوروبية أخرى.

المصدر : الجزيرة