أول القتلى الروس بسوريا.. انتحر أم قُتل؟
افتكار مانع-موسكو
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية قبل يومين أن جنديا من قواتها العاملة في مطار حميميم العسكري (غرب سوريا) توفي منتحراً، وأن معاينة الرسائل في هاتفه المحمول تكشف أن انتحاره مرتبط بمشاكل عاطفية مع صديقته.
ويدعى الجندي القتيل فاديم كوستنكو، وهو ابن وحيد لأم تعمل مدرسة وأب يعمل في محطة وقود في قرية "كريشنيا بالكا" بمحافظة كراسنودار الروسية، وكان قد أدى خدمته العسكرية الإلزامية في سلاح الطيران ضمن الفرقة 960 التابعة للجيش الروسي الرابع بمنطقة أختارسك جنوب روسيا.
وبعد إنهائه الخدمة قرر الاستمرار كمتعاقد بوظيفة خبير تقني في الطيران، وانتقل للعمل في قاعدة حميميم السورية منذ 14 سبتمبر/أيلول الماضي.
لكن هناك العديد من القرائن التي تدعو للتشكيك في رواية وزارة الدفاع، فقد رفض والدا الجندي رواية الانتحار، بينما أكدت والدته أنها كانت تتحدث معه يومياً أكثر من نصف ساعة، وأنه كان يوم مقتله طبيعياً ومرحاً.
وكانت مجموعة من المدونين الروس قد نشرت أنباء عن وفاة الجندي (19 عاماً) يوم السبت الماضي، أي أنهم استبقوا إعلان وزارة الدفاع بيومين، وقالوا إن وفاته تزامنت مع هجوم المعارضة السورية على قاعدة حميميم، لكن ليس بالضرورة أن يكون قد قتل بسبب المواجهات.
حادث غامض
ومما يبعث على الحيرة تضارب المعلومات من قبيل أن صديقة مقربة من الجندي القتيل قد نشرت في مدونة تدعى "سي أي تي" أن وزارة الدفاع الروسية أبلغت في البداية عن مقتل فاديم، ثم تراجعت لاحقا لتقول إنه وجد منتحراً، وذلك في وجود أنباء غير مؤكدة تتحدث عن مقتل عدد من الجنود الروس في سوريا وسط تكتم السلطات.
وعن طبيعة فاديم كما يراه أصدقاؤه، تقول زميلة دراسته نتاليا جراسمينكو إن من يعرفه لا يمكنه أن يصدق أنه انتحر، ذلك لأنه شاب طيب ومتزن ومحبوب من جميع زملائه.
من جهتها، شككت منظمة "أمهات الجنود" الحقوقية في مصداقية رواية وزارة الدفاع الروسية، ورأت أن ربط مقتل الجنود في كل مرة بحوادث الانتحار لأسباب عاطفية بات يدعو للسخرية، فالكثير منهم غير متزوجين ولا توجد لديهم صديقات.
لكن المسؤولة في جمعية حقوق الأمهات فيرانيكا مارتشينكو ترى أنه من الصعب الوقوف على أسباب الوفاة، لأن هذا يتطلب استجواب زملاء فاديم من الضباط والجنود، وهو أمر غير ممكن في ظروف الحرب، حسب رأيها.
حسابات داخلية
وتعليقا على مقتل الجندي، قال مدير وكالة المعلومات والتحليل أصلان شازو إن رواية وزارة الدفاع "مفبركة" لوجود آثار كدمات وجروح واضحة على جثة الجندي، وكسور في الأنف تدل على تعرضه للضرب.
وأضاف أن وزارة الدفاع الروسية أبلغت ذوي الجندي يوم السبت عن مقتل ابنهم في سوريا، ولكن بعد وصول الجثمان ومعاينته رفض والداه استكمال إجراءات الدفن وطالبا بإعادة فحص الجثمان والتأكد من سبب مقتل ابنهم.
من ناحية أخرى، لا يستبعد شازو أن يكون الجندي قتل على أيدي عسكريين آخرين لرفضه تنفيذ أوامرهم، مؤكدا أنها ممارسة كانت موجودة في الجيش الروسي وتعرف بـ"ديدوفشينا"، حيث يتعرض خلالها العسكريون الأقل رتبة لوسائل عقاب قاسية ووحشية ممن يحملون رتبا أعلى، الأمر الذي تنفيه وزارة الدفاع.