أميركا وهبّة القدس.. دواعي التوجس وبوادر التفاؤل

President Barack Obama speaks to reporters in the State Dining Room of the White House in Washington, Friday, Oct. 2, 2015. President Obama is rejecting Russia's military campaign in Syria, saying it fails to distinguish between terrorist groups and moderate rebel forces with a legitimate interest in a negotiated end to the civil war. (AP Photo/Manuel Balce Ceneta)
أوباما أكد دعمه حق إسرائيل في اتخاذ إجراءات لحفظ القانون والنظام وحماية مواطنيها من الطعن بالسكاكين (رويترز)

عبد الجليل البخاري-شيكاغو

في ظل ما يتعرض له الفلسطينيون من أعمال عنف على أيدي قوات الاحتلال الإسرائيلي على خلفية احتجاجاتهم على استفزازات المستوطنين في القدس المحتلة، تبدو الإدارة الأميركية وفيّة لمواقفها من الصراع هناك وانحيازها لإسرائيل، ولو صدرت عنها تصريحات مغرقة في الدبلوماسية تطالب الجانبين "بوقف أعمال العنف المتبادلة" وإحياء حل الدولتين.

ويبقى موقف واشنطن دون موقف الأمم المتحدة التي تحمّل إسرائيل مسؤولية تصاعد التوتر في الأراضي الفلسطينية منذ بداية الشهر الجاري، بسبب ما أسمته القيود والإجراءات الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية، إضافة إلى "إحباط الفلسطينيين من إقامة دولة مستقلة لهم".

ولم يخرج الموقف الأميركي عن تأييده المطلق للسياسات الإسرائيلية، إذ إن الرئيس باراك أوباما أكد في مؤتمر صحفي دعمه لما قال إنه حقّ إسرائيل في اتخاذ إجراءات لحفظ القانون والنظام وحماية مواطنيها من الطعن بالسكاكين.

وبلغة أكثر دبلوماسية طالبت الخارجية الأميركية إسرائيل بشكل مباشر بعدم الاستمرار في استخدام القوة المفرطة ورفع العراقيل ونقاط التفتيش التي أقامتها مؤخرا، واعتبرت أن عدم الحفاظ على الوضع الذي كان قائما لسنوات في المسجد الأقصى هو الذي أدى إلى "أعمال العنف".

‪الحالية لم تتغير في انحيازها لإسرائيل‬ بسام أبو سمية: مواقف واشنطن (الجزيرة)
‪الحالية لم تتغير في انحيازها لإسرائيل‬ بسام أبو سمية: مواقف واشنطن (الجزيرة)

تساؤلات كثيرة
وتثير المواقف تساؤلات كثيرة حول مغزى الموقف الأميركي في ظل سعي المجموعة العربية في الأمم المتحدة لإصدار قرار من مجلس الأمن لتأمين حماية دولية للفلسطينيين، وضمان عدم تغيير الوضع الراهن القائم في الأراضي الفلسطينية، وخصوصا في المسجد الأقصى.

وفي هذا الإطار، قلل الإعلامي الفلسطيني المقيم في واشنطن بسام أبو سمية من تلك التصريحات، معتبرا أن مواقف الإدارة الأميركية الحالية لم تتغير في انحيازها إلى إسرائيل باعتبار أنها تظل مرتبطة -بحسب قوله- بمصالحها الخاصة في المنطقة.

وقال أبو سمية للجزيرة نت إن القضية الفلسطينية تعيش أسوأ حالاتها منذ حوالي 67 عاما، حيث "وجد الفلسطينيون أنفسهم معزولين في الساحة، وتتم مساواتهم كضحية مع الجلاد" الإسرائيلي. ووصف هذه المواقف بأنها "ظلم كبير، وفيها تشجيع للحرب التي تقوم بها إسرائيل ضدهم".

ودعا أبو سمية إلى اتخاذ مبادرة سياسية ودبلوماسية عاجلة -خصوصا من الجانب العربي- في ما يخص قضية القدس المحتلة، رغم المشاكل السياسية التي تشهدها المنطقة.

‪‬ محمد الناطور: الأحداث الحالية تعيد البوصلة بأن القضية الفلسطينية قضية مركزية(الجزيرة)
‪‬ محمد الناطور: الأحداث الحالية تعيد البوصلة بأن القضية الفلسطينية قضية مركزية(الجزيرة)

إحباطات جيل
في المقابل، وصف الأكاديمي الفلسطيني بجامعة شيكاغو محمد الناطور، تصريحات الخارجية الأميركية بأنها "جيدة وتعبر عن تفهم للأحداث في القدس الناجمة عن الاستفزازات الإسرائيلية".

وقال الناطور في تصريح للجزيرة نت، إن الأحداث الحالية "تعيد البوصلة إلى اتجاهها الصحيح بأن القضية الفلسطينية "قضية مركزية"، متوقعا أن يكون التفاعل مع القضية "أفضل في المستقبل رغم الارتدادات الحاصلة حاليا في ثورات الربيع العربي بدول لها تماس مع القضية الفلسطينية".

وأعرب في هذا الصدد عن اعتقاده بأن الموقف الدولي والفلسطيني الرسمي سيكون "أكثر اعتدالا في المستقبل، وأكثر وقوفا مع الضحية لأن الحقائق الميدانية الحالية، وتأثيرها على القضايا الأخرى في المنطقة، واضح للجميع".

وفي الوقت نفسه، لاحظ الناطور أن غضبة الجيل الفلسطيني الجديد تؤكد أن القضية الفلسطينية "عقدية مركزية، فيها معايير التجدد، والمدافعون عنها هم من أبناء ما بعد جيل اتفاق أسلو".

وتوقع أن يجعل هذا المعطى "الاحتلال الإسرائيلي يفهم أنه لا يمكن نسيان القضية الفلسطينية ما دام التعلق بالقدس والمسجد الأقصى عقديا، لصاحب حق لا يمكن التنازل عنه أبدا".

المصدر : الجزيرة