السوريون بتركيا.. آليات ذاتية لمواجهة البطالة

سوريون بورشة خياطة بغازي عنتاب صورة مرسلة من قبل ناشطين وجدتها في النت
صورة نشرها ناشطون لسوريين في ورشة خياطة بمدينة غازي عنتاب التركية

وسيمة بن صالح-أنقرة

بعد خروجه من الاعتقال في سجون النظام السوري ، قرر عبد المالك أبو علي المتخرج من كلية الصيدلة اللجوء للأراضي التركية لتأمين حياة أفضل لنفسه. لكن الشاب ذا الـ24 عاما وجد أمامه معاناة من نوع آخر لعدم حصوله على مسكن أو عمل. وبعد بحث طول حصل على عمل كمنظف بمطعم تركي مقابل أجر أربعمئة ليرة تركية شهريا (حوالي 136 دولارا أميركيا).

قصة عبد المالك غيض من فيض ما يعانيه اللاجئون السوريون بتركيا في رحلة مضنية للحصول على أية فرصة عمل تسد احتياجات أسرهم مهما كانت أجورها شحيحة.

ولمواجهة شبح البطالة التي باتت يؤرقهم أسس ناشطون سوريون بمدينة إسطنبول منظمة "الطريق إلى التنمية" غير الربحية بهدف استعمالها كوسيط بين الباحثين عن العمل من السوريين وبين أرباب العمل الأتراك الذين يرغبون في توظيفهم.

آمال وتحديات
ومنذ تأسيسها قبل أربعة أشهر والمنظمة تستقبل سيلا من طلبات العمل من الرجال والنساء انطلاقا من عمر 15 عاما، لكن 637 منهم فقط من تمكن بالفوز بفرصة عمل، وفق ما أشار إليه مصطفى ولي أحد المسؤولين بالمنظمة -للجزيرة نت- وتابع أن عدم الإلمام باللغة التركية هو أحد التحديات التي تحول دون توفير فرص أكثر "رغم أن هناك ما يقارب 904 وظائف شاغرة لدينا من مختلف الشركات التركية".

مصطفى ولي: عدم الإلمام بالتركية عائق أمام تشغيل اللاجئين السوريين(الجزيرة)
مصطفى ولي: عدم الإلمام بالتركية عائق أمام تشغيل اللاجئين السوريين(الجزيرة)

وتمكن الصيدلاني أبو علي من الحصول على عمل بصيدلية تركية عن طريق المنظمة براتب 1100 ليرة تركية (حوالي 342 دولارا أميركيا) لكنه يبقى "منخفضا مقارنة مع زملائه الأتراك بنفس الصيدلية" التي قال إن أقل راتب يحصلون عليه هو 2500 ليرة حوالي (857 دولارا).

وقال للجزيرة نت إنهم مجبرون على القبول بهذه الأجور لأنهم "غرباء ومشردون" وعليهم تأمين لقمة عيشهم وعيش أسرهم بكل السبل.

وأكد أنه محظوظ للحصول على هذه الفرصة بدون شروط مسبقة من رب عمله، لأنه وكما قال معظم أرباب العمل الأتراك يشترطون توفر المستخدم السوري على هوية تعريفية من قبل السلطات الأمنية، وإقامة سياحية أو إقامة عمل "وهذه الأمور تكلف أموالا طائلة معظمنا لا يتوفر عليها".

من جانبه، أكد المسؤول بالمنظمة أن علاقاتهم الجيدة بالأتراك جعلت أرباب العمل يشترطون فقط أن يكون المستخدم شخصا موثوقا فيه ولديه النية الصادقة للعمل. وتابع أن معظمهم بحاجة لمن يتحدث العربية بسبب ازدياد عدد العرب بتركيا بشكل عام مؤخرا.

لكنه أكد أنهم لا يقبلون كل عروض العمل وخاصة التي تطلب موظفات من النساء. وقال إنهم يدرسون كل عرض على حدة، ويتأكدون منه قبل الإعلان عنه "فعندما نحس أن المصدر غير موثوق نلغيه فورا من قائمتنا". وعزا ذلك كونهم يرغبون بتوفير فرص محترمة للجميع يكون فيها حق المشغل والمستخدم مضمونا.

طبقا لقرار وزاري تركي فإنه فلا يمكن أن يتجاوز عدد العاملين السوريّين بأي مكان عمل نسبة 10% من إجمالي عدد العمال فيه

قرارات حكومية 
وفي فبراير/شباط المنصرم، أعلنت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التركية حزمة قرارات جديدة بخصوص إذن العمل للسوريين. ووفق تلك الحزمة فلا يمكن أن يتجاوز عدد العاملين السوريّين بأي مكان عمل نسبة 10% من إجمالي عدد العمال فيه. كما يمنع أرباب العمل من تشغيل السوريين برواتب تقل عن الحد الأدنى الممنوح للأتراك والذي يبلغ 864 ليرة (حوالي 295 دولارا).

وهذه القرارات خاصة فقط بمدن معينة ليس لديها الاكتفاء الذاتي بالأيدي العاملة التركية، وما عداها يمنع على السوريين العمل فيها. كما أن أصحاب المهن العلمية كالأطباء والمهندسين يمنحون فرص العمل وفقا للاحتياجات التي تقررها الوزارات المختصة. ولا تعتبر حزمة القرارات هذه قانونا بل قرارات صادرة عن مجلس الوزراء بهدف منع تشغيل السوريين بالطرق غير القانونية وإخضاعهم لرقابة الدولة.

المصدر : الجزيرة