أبو جراح.. ستيني يقاتل النظام السوري حتى الرمق الأخير

أبو جراح لاتغادره البندقية حتى إسقاط النظام
رغم إصابته يصر أبو جراح على البقاء في الميدان (الجزيرة نت)

عمر أبو خليل -ريف اللاذقية

أبو جراح، سوري شارف عل  الستين من العمر، كان من أوائل المنخرطين في الثورة، منذ بداية الحراك السلمي، شارك في المظاهرات وهتف للحرية والعدالة مع أبناء منطقته "سلمى" بريف اللاذقية، قبل أن يحمل السلاح ردا على عنف النظام.

كان أبو جراح ممن رفضوا عسكرة الثورة، لكنه سرعان ما التحق بصفوف الجيش الحر، عند ما لم يترك النظام -حسب قوله- للمتظاهرين خيارا آخر حيث "قتل المتظاهرين المسالمين، واعتقلهم، ومارس عليهم كل أنواع العنف الشديد والتعذيب الوحشي" الأمر الذي دفعهم إلى حمل السلاح، وتفضيل "الموت استشهادا بدل الموت تعذيبا أو قتلا".

كرامة مسلوبة
لم يمنعه تقدم السن من أن يكون مع عناصر الجيش الحر في الصفوف الأولى على محاور القتال، خلال التصدي لهجمات جيش النظام والمليشيات الداعمة له، أو أثناء تقدم الثوار للسيطرة على المناطق المختلفة.

تعرض منزل أبي جراح للقصف أكثر من مرة، فاضطر لإجلاء أسرته إلى قرية أكثر أمنا، بعيدا عن خط المواجهة والاستهداف، إلا أنه أصر على البقاء في منزله القريب من محاور القتال.

أبو جراح يحمل الرصاصة التي اخترقت جسده (الجزيرة)
أبو جراح يحمل الرصاصة التي اخترقت جسده (الجزيرة)

وأثناء عودته من نوبة الحراسة على دراجته النارية، أصيب بطلق ناري أبعده عن خط المواجهة بعض الوقت، إلا أنه أصر على العودة إلى منزله وإلى نقطة حراسته رغم عدم شفائه، وحاجته إلى العلاج الدائم.

يقول أبو جراح "عانينا من ظلم هذا النظام خمسين عاما، ونحن خانعون، ولكن أطفال درعا كانوا مشعل النور الذي أنار قلوبنا، وبث فينا أملا جديدا، وشعورا بالعزة والكرامة المسلوبة، وإننا الأولى باسترجاع كرامتنا لكي يحيا أبناؤنا بوطن عزيز يحترم الإنسان".

وعن إصابته وهو عائد من الحراسة مساء، يقول للجزيرة نت "استهدفني شبيح كان يرصد الطريق بطلقة أصابتني بأسفل ظهري، ونتيجة انحنائي على مقود الدراجة فقد وصلت لأعلى الصدر، قطعت أمعائي وألحقت الأذى بالجهاز الهضمي، ما زلت أعاني من آلام مبرحة وأعيش على الدواء والمسكنات".

قدوة لزملائه
ويشكو جراح -الابن الأكبر- والده، ويقول إنه أتعبه، مشيرا إلى أنه لم يقبل الابتعاد عن المنزل، ولا يرضى بالسكن في مكان آخر، على الرغم من تعرض المنزل لأكثر من قذيفة، ولم يعد صالحا للسكن، وخصوصا في الشتاء.

ولكنه يفتخر بوالده، ويصفه بأنه مقدام وشجاع، نظرا لإصراره على الاستمرار في محاربة النظام رغم إصابته وآلامه.

ويقول أبو رشاد -صديق أبي جراح ورفيقه في المعارك- إن هذا الرجل "أشدنا بأسا، وأكثرنا صبرا، أول من يحضر، وآخر من يغادر، إنه قدوتنا في كل أعمالنا".

ويضيف للجزيرة نت، أن أبا جراح لا يقبل إلا "أن يكون في المكان المتقدم دائما، يعمل بصمت، لا يحب المديح، يوصينا دائما بالثبات والصبر، ويصفنا بأننا أقوى إيمانا وعزيمة من شبيحة النظام ومرتزقته الذين يقاتلوننا".

بين أرضه ونقطة حراسته، يمضي أبو جراح أغلب وقته، ولكنه أضاف على ذلك مؤخرا هواية تجميع بقايا قذائف النظام وصواريخه، وعرضها أمام منزله، حتى كدس منها عشرات القطع، يقصده الزوار لمشاهدتها والاستمتاع بأحاديثه عن الثورة والحرية و"بطولات الجيش الحر منذ انطلاق العمل المسلح في ريف اللاذقية".

المصدر : الجزيرة