هل يحصد الانقلاب نتاج "العقاب الجماعي" لسيناء؟

أليات عسكرية في سيناء
المتحدث باسم القوات المسلحة أكد أن هجمات العريش جاءت نتيجة للضربات الناجحة التى وجهتها قواته "للبؤر الإرهابية" (الجزيرة)
عبد الرحمن أبو الغيط-القاهرة

عدة هجمات خاطفة في وقت واحد تبناها تنظيم "أنصار بيت المقدس"، أو ما يعرف بـ"ولاية سيناء"، على مواقع عدة للجيش والشرطة في رفح والشيخ زويد والعريش بشمال سيناء، خلفت أكثر من 45 قتيلا و70 جريحا.

وعلى الفور أصدر المتحدث باسم القوات المسلحة بيانا أكد فيه أن هذه العمليات جاءت نتيجة للضربات الناجحة التي وجهتها القوات المسلحة والشرطة للعناصر و"البؤر الإرهابية" خلال الفترة الأخيرة بشمال سيناء، بالإضافة لفشل "جماعة الإخوان الإرهابية" والعناصر الداعمة لها في نشر الفوضى بالذكرى الرابعة لثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 "المجيدة".

وجاءت العملية لتطرح سؤالا قديما لم يجد إجابة حتى الآن: إلى أين يتجه الوضع الأمني في سيناء في ظل استمرار المواجهة المفتوحة بين الدولة والعناصر المسلحة؟ ولماذا تأتي تلك الهجمات عقب تصريحات قادة القوات المسلحة بالقضاء نهائيا على "الإرهاب"؟

حصاد القمع
المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة أحمد رامي أدان العملية الأخيرة التي استهدفت مقرات أمنية في سيناء، وحمل الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية الكاملة عن تكرار تلك الهجمات.

وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن تلك العمليات المسلحة "نتاج لسياسة العقاب الجماعي" التي ينتهجها السيسي بحق أهالي سيناء، رغم تصريحاته عندما كان وزيرا للدفاع التي قال فيها إنه "من السهل محاصرة رفح والشيخ زويد وطرد السكان منهما وتفجير المباني، لكنك بذلك تشكل عدوا ضدك وضد بلدك لأنه أصبح هناك ثأر معهم".

وتابع أنه لم يعد مقبولا وجود مجندين يقضون فترة التجنيد الإجباري في سيناء، متهما الجيش بإلقائهم في تلك المحرقة، في ظل عدم تقديم تدريب كاف لهم وعدم مقدرته على حمايتهم في معركة من الواضح أنها ستطول.

معركة طويلة
بدوره يؤكد الباحث والمحلل السياسي محمد محسن أبو النور أن هناك أزمة لدى السلطات المصرية في مواجهة تنظيم "ولاية سيناء" الذي يُعد الذراع الجهادية لتنظيم الدولة الإسلامية بمصر، وتكمن المشكلة في نقص المعلومات لدى السلطات المصرية الحالية عن التنظيم، لذلك "تسير على غير هدى".

وأضاف للجزيرة نت أنه "يجب تجفيف منابع الإرهاب بتحالف الدولة مع القبائل والعوائل، وأن تكون الدولة بمنأى تماما عن تكوين أي عداءات مع أبناء سيناء، وألا توسع من عملياتها العسكرية إلا في حدود وجود الإرهاب حتى لا تشمل العمليات مواطنين أبرياء".

كما دعا الأجهزة الأمنية للاستفادة من المعلومات المتوفرة لدى أجهزة المعلومات الإقليمية بشأن عناصر ولاية سيناء وتسليحهم وأماكن انتشارهم.

وشدد على أن المعركة بين الدولة وما وصفه بالإرهاب قد تستمر عشر سنوات، تماما كما حدث في العقد الأخير من القرن العشرين بين الجماعة الإسلامية والدولة، علما بأن أعضاء الجماعة الإسلامية لم يتجاوز عددهم وقتذاك 120 فردا.

مستقبل غامض
في المقابل يرى الكاتب الصحفي أحمد أبو زيد أن إصرار النظام المصري على اللجوء للحل الأمني فقط لمواجهة الفكر المتطرف يقود سيناء لمستقبل غامض، مشيرا إلى أن العنف الأمني ساهم في التفاف أهالي سيناء حول الجماعات التكفيرية، التي كانت منبوذة مجتمعيا في السابق.

واعتبر -في حديث للجزيرة نت- العمليات الأخيرة دليلا واضحا على أن قوات الأمن والجيش فقدت السيطرة التامة على شمال سيناء، بعدما فقدت قواتها الحاضنة الشعبية لها إثر عمليات القتل الانتقامية التي تمارسها خارج إطار القانون بشكل يومي، فضلا عن عمليات التعذيب الواسعة التي تمارسها بحق أهالي سيناء.

وخلص إلى أن العملية الأخيرة التي استهدفت أكثر من ثمانية مواقع أمنية حصينة في وقت واحد، أثبتت فشل العملية العسكرية التي يخوضها الجيش والشرطة ضد "الإرهاب" منذ عام ونصف العام، مشيرا إلى أن "ولاية سيناء" أصبحت تسيطر على طرق رئيسية وتنصب كمائن أمنية عليها.

المصدر : الجزيرة