جنوب اليمن ينأى عن صراع صنعاء

ياسر حسن-عدن

تسعى محافظة عدن وعدد آخر من المحافظات الجنوبية في اليمن إلى تسيير أمورها بعيدا عن الأحداث التي تشهدها العاصمة صنعاء، وسط استنكار لما تقوم به جماعة الحوثي ضد "السلطة الشرعية" وإجماع على عدم تلقي الأوامر من صنعاء.

وفي هذا الإطار، شكَّلت بعض فصائل الحراك الجنوبي في عدن أمس الأحد هيئة موحدة جديدة أسموها "الهيئة الوطنية الجنوبية المؤقتة للتحرير والاستقلال" برئاسة عبدالرحمن الجفري رئيس حزب "رابطة أبناء الجنوب" معتبرة ما يحصل في صنعاء صراعاً داخلياً بين القوى السياسية هناك على النفوذ والسلطة، وأن الجنوب ليس طرفاً فيه.

وحمّلت الهيئة -في أول بيان لها- القوى المسيطرة على صنعاء "المسؤولية عن سلامة القادة الجنوبيين المحاصرين هناك" وناشدت دول الخليج "الوقوف في صف الشعب الجنوبي". غير أن فصائل أخرى بالحراك الجنوبي عبرت عن رفضها تشكيل الهيئة الجديدة، واعتبرت ذلك "عملاً مبهماً قام به أفراد دون وجود أي توافق بين قوى الثورة الجنوبية".

‪البكري ما جرى بصنعاء انقلاب على الشرعية‬ (الجزيرة)
‪البكري ما جرى بصنعاء انقلاب على الشرعية‬ (الجزيرة)

انقلاب
وقال وكيل محافظة عدن نايف البكري إن أبناء المحافظات الجنوبية يعتبرون ما جرى في صنعاء "انقلاباً على الشرعية الدستورية المتمثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، من قبل جماعة تريد أن تحكم البلد وفق أجندة معينة وبقوة السلاح".

وأضاف بحديث للجزيرة نت "نحن لا نقبل التصرفات المتمثلة في الانقلاب على الوطن ومحاصرة قياداته الشرعية ونهب أسلحة الدولة وتدمير مقدراتها، وقيادة إقليم عدن ستدير الأمور وفقا للنظام والقانون وبتكاتف الجميع وبالتوافق مع كل القوى السياسية، فقد عزمنا أنه لا يمكن لتلك الجماعة أن تسيطر وتتحكم بالقرار السياسي أو الاقتصادي".

وأوضح البكري أن هناك "إجراءات عديدة لتفادي تأثير أحداث صنعاء، منها لقاءات بين السلطات المحلية بالمحافظات الأربع، ولقاءات للجان الأمنية، وعمل التدابير الأمنية مع قيادة المنطقة العسكرية الرابعة، وأخيراً التفاهم مع اللجان الشعبية التي جاءت إلى عدن للمساعدة في حفظ الأمن والاستقرار".

ولليوم السادس على التوالي، تشهد عدن انتشار المئات من عناصر "اللجان الشعبية" قادمة من أبين، وتتمركز بمداخل المعسكرات وأقسام الشرطة والمرافق والمؤسسات الحكومية، في حين استحدثت لجان شعبية أخرى -تؤيد الحراك الجنوبي قادمة من محافظة لحج- نقاط تفتيش عند المدخل الشمالي لمدينة عدن.

وفي شبوة، حذر بيان صادر عن اللقاء الموسع للسلطة المحلية والمشائخ والأعيان والقوى السياسية جماعة الحوثي من "استمرار حصار القيادات الجنوبية في صنعاء، وحملها المسؤولية الكاملة عن سلامتهم، مؤكداً أن الخيارات مفتوحة للرد على ممارسات الحوثيين غير المسؤولة".

ووجه محافظ حضرموت عادل باحميد خطاباً مطولاً عبر إذاعتي المكلا وسيئون أمس أكد فيه "ضرورة تضافر جهود الجميع لحفظ الأمن بالمحافظة" معتبرا موقف حضرموت من أحداث صنعاء "عقلانياً ومتزناً وبعيدًا عن أي مواقف انفعالية، مع البقاء في حالة ترقّب ودراسةٍ للموقف وفق المستجدات وتفاعلات الأحداث واتخاذ الموقف المناسب بشأنها في حينه".

‪الهدياني ما يحصل في عدن والمناطق الأخرى ردود أفعال طبيعية‬ الهدياني ما يحصل في عدن والمناطق الأخرى ردود أفعال طبيعية (الجزيرة)
‪الهدياني ما يحصل في عدن والمناطق الأخرى ردود أفعال طبيعية‬ الهدياني ما يحصل في عدن والمناطق الأخرى ردود أفعال طبيعية (الجزيرة)

رد فعل
ويرى المحلل السياسي عبد الرقيب الهدياني أن ما يحصل بأقاليم عدن وحضرموت وسبأ والجند "ردود أفعال طبيعية للوضع الشاذ الحاصل في صنعاء، فعندما تأتي جماعة مسلحة وتصادر الدولة وتختطف العاصمة وتحاصر رئيس الجمهورية والحكومة وتتعامل بعيداً عن الأعراف السياسية وتنتقل لسلوك العصابات، فإنه من الطبيعي أن تنشأ ضدها ردود أفعال ترفض ذلك الوضع".

وأكد أن باستطاعة تلك المناطق "أن تدير نفسها من دون الرجوع لصنعاء، فهناك تكاتف من السلطة المحلية والأحزاب والقوى السياسية والمجتمعية والأمن واللجان الشعبية بهدف كيفية إدارة المحافظات في هذه المرحلة الاستثنائية".

وبشأن اللجان الشعبية والهدف من وجودها بعدن، قال الهدياني إنها "نشأت عند محاربة تنظيم القاعدة في أبين عندما حصلت خيانات من جهات أمنية سلمت معسكراتها وعتادها للقاعدة، فجاءت اللجان لمواجهة الوضع الرخو الذي تعاني منه الأجهزة العسكرية والأمنية، كما أن الخيانات -التي حصلت في كثير من أجهزة الجيش والأمن مع مليشيات الحوثي- هي التي عجلت بتحرك اللجان الشعبية في إقليم عدن بهدف تفادي حدوث مثل تلك الخيانات".

المصدر : الجزيرة