زكري: الاعتداءات تتزايد على المساجد بفرنسا

Muslims living in Paris, pray on the Rue des Poissoniers, Barbes neighborhood, in Paris, France, 10 September 2010, on the first day of Eid Al-Fitr, the feast which marks the end of the Muslim holy month of Ramadan. Street prayers, though not compliant with French laws, are tolerated on grounds that the nearby mosque cannot hold the number of those attending. Non-Muslim neighbours nevertheless complain they cannot walk free from and to their homes during prayers. EPA/LUCAS DOLEGA
زكري أبدى مخاوف من مستقبل المسلمين في فرنسا بعد الهجوم على شارلي إيبدو (الأوروبية)
حاوره في باريس: بوعلام رمضاني
حدث ما كان متوقعا وزُج بالإسلام والإرهاب في خندق واحد، وراحت الجالية المسلمة في فرنسا ضحية اعتداءات عنصرية طالت مساجد ومحلات تجارية ومصليات ومواطنين ما زالوا عرضة للتحرشات على قارعة الطريق.

حدث ذلك وما زال يحدث حتى هذه الساعة باسم الانتقام من الشبان الذين اغتالوا فريقا كاملا من صحيفة "شارلي إيبدو" الكاريكاتيرية ورجال شرطة في حادثة كانت الأولى من نوعها في فرنسا.

هذا الاعتداء الذي ندد به المهاجرون والفرنسيون المسلمون أخذ بعدا متميزا على لسان عبد الله زكري الذي يرأس المرصد الفرنسي المناهض للإسلاموفوبيا.

وقال زكري إنه يخشى حدوث اعتداءات تصل إلى حد القتل، وإن تطرف الشباب الفرنسي المنحدر من أصول عربية هو نتيجة لوضع فرنسي خالص، مستبقا إشارة الرئيس الفرنسي في الخطاب الذي ألقاه في معهد العالم العربي.

وفيما يأتي نص الحوار:

الجزيرة نت: متى تأسس المرصد الفرنسي لمناهضة الإسلاموفوبيا؟

– يعود تاريخ فكرة التأسيس إلى عام 2010 بعد إلحاح المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية على وزير الداخلية بريس أرتفو للبحث عن صيغة تسمح بإيجاد إطار قانوني يواجه ظاهرة الخوف من الإسلام (إسلاموفوبيا) التي أصبحت وقتها بادية للعيان. وبعد تعثر، تأسس المرصد في يونيو/حزيران 2011، وتم انتخابي من طرف كل أعضاء المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

الجزيرة نت: كيف استفحلت "الإسلاموفوبيا" يومها؟

– استفحلت أولا بعد ما طغى الخطاب الإسلاموفوبي على ألسنة السياسيين التابعين لتيار الرئيس نيكولا ساركوزي، ويومها أصبحت الجالية المسلمة وسيلة لمحاربة اليمين المتطرف المعروف تاريخيا بعدائه للمسلمين والمهاجرين بوجه عام. واكتملت الصورة بالاعتداء على حرمة المساجد برمي رؤوس خنازير وكتابة عبارات عنصرية تسيء للإسلام ولنبيه الكريم، وتهديد الجالية المسلمة ومسؤوليها عبر البريد والمكالمات الهاتفية كما تم مؤخرا بحدة غير مسبوقة.

الجزيرة نت: كم عدد الاعتداءات التي تمت على المساجد، وما طبيعتها حتى اليوم؟

– بلغ عددها منذ حادثة الاعتداء على الصحيفة الفرنسية 54، وارتفع العدد إلى أكثر من ستين حتى هذه الساعة، والعدد مرشح للارتفاع بحسب وتيرة التهديدات التي تصلنا يوميا؛ علما بأنه قبل الاعتداء لم نسجل إلا 14 حالة اعتداء.

في تقديري، الخطر يأتي من الجماعات اليمينية المتطرفة التي تنضوي تحت تسمية الكتلة الهوياتية التي تدعو يوميا عبر الإنترنت إلى قتل المسلمين، وتمثلت طبيعة الاعتداءات حتى الآن في العبارات التي تلطخ جدران المساجد والشتم والسب والتحرش والاستفزاز والحرق. وأشير إلى أن عشرات الاعتداءات تتم ضد أناس يخافون من رد الفعل في حال تقدمهم بشكاوى.

الجزيرة نت: هل أنتم راضون على الحماية التي خصصت للمساجد، علما بأن الأولوية قد أعطيت للمعابد اليهودية نوعا وكما؟

– تم الأمر بهذه الطريقة في البداية، لكن بعد الرد على خطاب الرئيس هولاند وتنبيهه لعدم الخلط بين الإسلام والإرهاب بعدد من الاعتداءات على المساجد، تمّ تدارك الأمر بسرعة وضربت حراسة مشددة على المساجد الكبيرة والحساسة مثل مسجد باريس باعتباره رمزا للإسلام في أوروبا وليس في باريس فقط، وعمليا لا يمكن القيام بذلك أمام كل قاعة صلاة. وتم التأخر في حماية المساجد في تقديري بسبب عدم وقوع قتلى، وينسى المسؤولون المعنيون أنه تم إطلاق نار على مساجد خارج أوقات الصلاة.  

الجزيرة نت: هل ترون أنه كان من المعقول أن يقول فالز الوزير الأول تعقيبا على الهجومين الإرهابيين إن فرنسا ليست فرنسا دون اليهود، في إشارة سياسية واضحة المعنى والخلفية والبعد، في حين أنه تم قتل مصحح جزائري وشرطي من أصل جزائري وشرطية من أصل أفريقي؟

– لأن الكلام لم يكن معقولا في ظرف يفرض عدم الخلط والتهدئة وتجنب الاستفزاز، قمت بالرد على الوزير الأول قائلا إن فرنسا ليست فرنسا دون المسلمين، لأنهم هم الذين حاربوا خلال حربين ضد أعداء فرنسا وساهموا في بنائها وما زالوا يساهمون. إثرها تدارك الأمر الوزير الأول وكرم الجالية المسلمة وندد بالاعتداء عليها في خطابه أمام البرلمان.

الجزيرة نت: صرحتم بأن الصحيفة الفرنسية قد قامت بكسر روح مظاهرات 11 يناير/كانون الثاني التي شاركنا فيها كفرنسيين أولا ثم كمسلمين ثانيا -على حد تعبيركم- بإعادة نشر رسومات تسيء للرسول صلى الله عليه وسلم. هل تؤكدون ذلك "للجزيرة نت" اليوم؟

– بطبيعة الحال، وأكثر من أي قوت مضى.

الجزيرة نت: لكن القانون الفرنسي يسمح بذلك باسم العلمانية وحرية التعبير.

– لكن القانون نفسه لا يمنع المسلم الفرنسي أو المهاجر المسلم من التعبير عن حقه في رفض هذا النوع من الإساءة لمعتقداته ومشاعره سلميا دون نعته بالتطرف والانغلاق والتزمت، وكمسؤول أول في المرصد المناهض للإسلاموفوبيا تابعت عام 2008 صحيفة شارلي إيبدو قضائيا ولم أحمل رشاشا لقتل صحفييها. مسؤول سابق في الصحيفة نفسها قال إن الصحيفة تجاوزت كل الحدود.

الجزيرة نت: هل يمكن تصور مظاهرة يشارك فيها الرئيس هولاند تنديدا بالإسلاموفوبيا كما فعلت ميركيل إلى جانب الرئيس الألماني، أم أن تاريخ فرنسا الاستعماري مع الإسلام والمسلمين سيحول دون ذلك؟

– لا أعتقد أنه سيحدث ذلك للسبب الذي جاء في الشق الثاني من سؤالكم.

الجزيرة نت: هل تقولون إن ظاهرة تطرف الشبان الذين ولدوا وترعرعوا في فرنسا هي نتيجة لتهميش سياسي تاريخي، أم أن هناك أسبابا يتحملها المهاجرون أنفسهم تربويا ودينيا كما يقول الكثير من المثقفين الفرنسيين والعرب المقيمين في باريس؟

– إنها نتيجة وضع فرنسي خالص في المقام الأول، ولهذا أنا متشائم حيال مستقبل الجالية المسلمة. تنظير المثقفين بشقيهما الفرنسي والعربي والمعادين للإسلام لا يعنيني، وهم يخدمون أجندات سياسية صهيونية، وما يؤسفني أكثر هو سكوت السياسيين والمثقفين المسلمين.

الجزيرة نت: كلمة أخيرة عن خطاب هولاند في معهد العالم العربي؟

– نوع من التوبة والتكفير والاعتراف بمسؤولية فرنسا.

المصدر : الجزيرة