حي تشرين بدمشق.. عودة للنزوح والموت

يمتلئ حي تشرين بآلاف العائلات النازحة والهاربة من المعارك في ريف دمشق
حي تشرين من أفقر أحياء دمشق ويكتظ بالنازحين إليه من ريف دمشق وأحياء أخرى (الجزيرة نت)

سلافة جبور-دمشق

بات النزوح واقعا يوميا في سوريا، فلا يكاد المقام يستقر بالأهالي في حي أو بلدة حتى تشتعل المعارك مجددا لتخيرهم بين الرحيل أو البقاء لمواجهة الموت والحصار.

هذه المرة باتت خيارات النزوح أو البقاء تحت القصف والحصار والدمار تواجه سكان حي تشرين الدمشقي الذي تعيش فيه آلاف العائلات التي هربت من مناطق ريف دمشق بعد أن تعرضت مناطقها منذ مارس/آذار 2011 لحملات عسكرية، عاشت خلالها تحت الدمار والحصار، ونزح كثير من سكانها إلى داخل العاصمة دمشق، أو مناطق أخرى أكثر أمنا.

ويعد حي تشرين الواقع تحت سيطرة المعارضة المسلحة من أشد أحياء العاصمة فقرا، وقد شهد هدوءا نسبيا خلال الأشهر الأخيرة بعد أن دخل حي برزة المجاور له في هدنة مع النظام مطلع العام الحالي.

‪أحد مقاتلي لواء عاصمة الإسلام خلال المعركة الأخيرة بحي تشرين‬ (الجزيرة نت)
‪أحد مقاتلي لواء عاصمة الإسلام خلال المعركة الأخيرة بحي تشرين‬ (الجزيرة نت)

تصعيد مفاجئ
غير أن تصعيدا مفاجئا بدأ منذ صباح يوم الجمعة الماضي خرق هذا الهدوء فاستيقظ السكان على أصوات الاشتباكات وقذائف الهاون التي بدأت تنهال على حي تشرين وأطراف حي القابون القريب منه، مما دفع الكثير من الأهالي للخروج إلى برزة ومنه إلى وسط العاصمة.

ولتوضيح أسباب هذا التصعيد، قال قائد الجبهة العسكرية في الحي "الشيخ يوسف" إن عدة فصائل مقاتلة اتفقت على مهاجمة مقرات للشبيحة، وبعض نقاط الجيش لتخفيف الضغط على حي جوبر الذي قال إنه يتعرض لحملة عسكرية عنيفة جدا منذ حوالي أسبوع.

وأضاف للجزيرة نت أن عدة فصائل مسلحة -بينها جبهة النصرة– قررت توجيه ضربة استباقية للنظام بعد علمها بتخطيطه لقصف المنطقة "بسبب رفضنا عقد اتفاق للهدنة كما حصل في برزة".

وبحسب القائد العسكري، فإن المعركة بدأت في السادسة من صباح يوم الجمعة بهجوم قوي من الفصائل المقاتلة، تمكنت على إثره من السيطرة على عدة شوارع وبعض المتاريس الرئيسية، كما عثرت على ثلاثة أنفاق مجهزة للتلغيم تحت المقرات والنقاط العسكرية التابعة لها.

قتلى وجرحى
وقال إن الاشتباكات تسببت في سقوط عشرات القتلى من عناصر النظام والشبيحة، كما أقر بمقتل وجرح مسلحين من المعارضة.

وبشأن جدوى خوض معركة مع النظام داخل منطقة تعج بالمدنيين، قال يوسف إن حي تشرين مهدد بأن يصبح تحت سيطرة النظام بشكل كامل إذا لم يدافع عنه مقاتلو المعارضة.

وأضاف أن النظام تعمد أن يوجه آلاف النازحين إلى حي تشرين كي يحمّل المعارضة عبء تواجد المدنيين بين مسلحيها، ويشغلها عن مواجهته "فيما ينفرد بقصف وقتال إخوتنا في الغوطة وجوبر"، على حد تعبيره.

وحسب روايته، فإن الكثير من الأهالي حاولوا الخروج قبل بداية المعركة إلا أن النظام حجز معظمهم في حي برزة داخل بعض المدارس والمساجد كي يجبر المعارضة على قبول التهدئة تحت ضغط وجود المدنيين.

وأكد متابعة مقاتلي المعارضة معاركهم طالما استطاعوا إحراز مكاسب على الأرض وتكبيد النظام المزيد من الخسائر والتخفيف عن حي جوبر، لكنه قال إن المعارضة المسلحة قد تتجه للتهدئة عندما تتحول المعركة إلى استنزاف للقوة.

‪المعارضة بدأت المعركة بحي تشرين لتخفيف الضغط عن حي جوبر‬ (الجزيرة نت)
‪المعارضة بدأت المعركة بحي تشرين لتخفيف الضغط عن حي جوبر‬ (الجزيرة نت)

نزوح مرة أخرى
بيد أن نشطاء ومدنيين لهم وجهة نظر مخالفة لما ذهب إليه القائد الميداني من ضرورة توجيه ضربات للنظام.

قال أبو منذر -وهو ناشط من غوطة دمشق- إن آلاف العائلات أقامت في الحي، وافتتحت محلات تجارية فيه للحصول على قوتها اليومي، لكنها اضطرت للنزوح مرة أخرى هربا من الموت.

وأضاف للجزيرة نت أن معظم العائلات لم تتمكن من مغادرة المنطقة خلال اليومين الماضيين، لأن حواجز النظام منعت الكثيرين من الخروج، كما أن أغلب الشباب يخشون من الذهاب للعاصمة خوفا من الاعتقال.

وطالب أبو منذر المعارضة بتحييد المدنيين ومناطق سكنهم أو نزوحهم عن الصراع مع النظام، وعدم تحويلها لساحة معارك من جديد.

وقال إن المدنيين هم من يدفعون ثمن هذه المعارك رغم أنه لا ناقة لهم ولا جمل في كل ما يحدث، حسب تعبيره.

ويتعرض حيا تشرين والقابون للقصف بقذائف الهاون منذ بدء المعركة الأخيرة، مما تسبب في سقوط عشرات القتلى والجرحى.

المصدر : الجزيرة