انتخابات تونس.. مواجهة جديدة مع النظام القديم

أحد الاجتماعات السابقة للحركة الدستورية المليئة بالتجمعيين
رموز نظام بن علي شكلوا أحزابا وكيانات سياسية جديدة (الجزيرة نت)

خميس بن بريك-تونس

لا تزال عودة رموز نظام الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي للمشهد تخلق جدلا سياسيا كبيرا في تونس رغم حسم الأمر قانونيا ودستوريا بأحقيتهم في الترشح للانتخابات.

ومع ترشح أحزاب وقوائم ائتلافية ومستقلة تضم بعض رموز حزب التجمع التونسي المنحل للانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 26 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، بدأ البعض يتخوف من عودة رموز النظام القديم، ولا سيما في ظل تأخر المحاسبة السياسية.

وكانت هيئة الانتخابات أعلنت مؤخرا عن ترشح 1500 قائمة للانتخابات التشريعية بعضها لا يخلو من مرشحين كانت لهم ارتباطات وثيقة ومراكز متقدمة بالنظام السابق أو انتماءات قديمة لنظام الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة.

‪كريفة: العزل السياسي غير دستوري‬ كريفة: العزل السياسي غير دستوري (الجزيرة نت)
‪كريفة: العزل السياسي غير دستوري‬ كريفة: العزل السياسي غير دستوري (الجزيرة نت)

وجوه قديمة
وأبرز الأحزاب التي تضم في صفوفها رموزا من "الحرس القديم" حزب نداء تونس الذي يقوده رئيس الحكومة الأسبق الباجي قايد السبسي الذي كان عيّن الأمين العام للحزب المنحل محمد الغرياني مستشارا سياسيا له.

وتشكلت جبهات سياسية بعد الثورة من أحزاب صغيرة، مؤسسوها تقلدوا مناصب مهمة في النظام السابق كحزب "المبادرة الوطنية" الذي يرأسه كمال مرجان آخر وزير خارجية لنظام بن علي.

هذا إضافة إلى ائتلاف الحركة الدستورية التي يتزعمها حامد القروي الذي كان وزيرا أول إبان صعود بن علي للحكم بعد انتخابات 1989 وبقي في ذلك المنصب طوال عشر سنوات في فترة عرفت قمعا شديدا ضد الإسلاميين واليساريين معا.

وقبل التصديق على الدستور التونسي الجديد في يناير/كانون الثاني الماضي شهدت الساحة السياسية تجاذبات بشأن مصير رموز النظام السابق، فبينما دعت بعض الأحزاب إلى ضرورة عزلهم لمدة زمنية طالبت أحزاب أخرى بالتصالح معهم.

ومن بين الأحزاب التي دافعت عن تمكين رموز النظام السابق من المشاركة في الحياة السياسية حزب المبادرة الذي يرى ممثله بالمجلس التأسيسي للدستور محمد كريم كريفة أن الإقصاء السياسي إجراء "غير دستوري وعقاب جماعي".

كريفة قال في حديث للجزيرة نت إن حزبه رفض الإقصاء السياسي من حيث المبدأ، معتبرا أن الناخبين التونسيين هم أصحاب الكلمة الفصل في ترشيح من يمثلهم بالبرلمان، مؤكدا أن عودة التجمعيين "لن تهدد مسار الانتقال الديمقراطي".

ويختلف النائب عن حزب حركة النهضة الإسلامي الهادي بن إبراهيم مع هذا الرأي السابق قائلا إن مساعي رموز النظام السابق للعودة إلى المشهد تنم عن "قلة حياء من الشعب الذي ثار ضدهم جراء تفشي مظاهر الفساد والاستبداد والتهميش".

وفي حديث للجزيرة نت أضاف بن إبراهيم أن حزبه اختار أن يترك القرار الأخير للشعب التونسي حتى يحسم في أمر رموز النظام السابق عبر صناديق الاقتراع، لافتا إلى أن "رموز النظام السابق "كانوا مزورين للانتخابات واضطهدوا الناس، ولا اعتقد أن الشعب التونسي سينتخبهم".

بن إبراهيم: النظام السابق لن يحكم مجددا(الجزيرة نت)
بن إبراهيم: النظام السابق لن يحكم مجددا(الجزيرة نت)

مستحيل
ورغم اعتقاد بن إبراهيم بإمكانية صعود بعض الوجوه القديمة للبرلمان المقبل فإنه يؤكد أن الشخصيات السابقة "ليس بإمكانها أن تعتلي الحكم من جديد"، وهو موقف يوافقه فيه النائب عن حزب التكتل المولدي الرياحي الذي اعتبر ذلك "أمرا مستحيلا".

ويقول الرياحي للجزيرة نت إن التونسيين "لن يفقدوا ذاكرتهم عند التصويت"، ولن ينسوا الدوافع التي اضطرتهم للقيام بالثورة على النظام السابق، مضيفا أن "المال السياسي الفاسد الذي يستعمله رموز النظام القديم لن ينجح في شراء ذمم وكرامة الناخبين".

لكن هشام بن جامع القيادي بحزب التيار الديمقراطي -أحد الأحزاب الرافضة لعودة المنظومة السابقة- يقول للجزيرة نت إن هناك مخاوف من عودة رموز النظام السابق إلى البرلمان عن طريق "ضخ المال السياسي والدعاية الإعلامية".

وأضاف بن جامع أن فوز رموز المنظومة السابقة بأغلبية بالبرلمان المقبل "سيطرح إشكالا حقيقيا أمام استكمال تحقيق أهداف الثورة"، غير أنه يعتقد أن البلاد "لن تعود للوراء" بفضل دفاع قوى الثورة عن مكاسب الحقوق والحريات التي تحققت في الدستور الجديد.

وتابع "أن يكونوا أقلية أو أغلبية في البرلمان القادم فهذا بيد الشعب الذي عليه أن يتحمل مسؤوليته عند الاختيار والتصويت حتى تكون هناك قوى تسعى للعودة بالبلاد للوراء لإرجاع الأساليب القديمة ومصادرة الحريات العامة والحقوق".

المصدر : الجزيرة