هل يكرر الحوثيون باليمن تجربة حزب الله اللبناني؟

Shi'ite Houthi rebels gesture as they stand atop an army vehicle they took from the compound of the army's First Armoured Division in Sanaa September 22, 2014. Yemen's Shi'ite Muslim rebels signed an agreement with other political parties on Sunday to form a more inclusive government after rebels advanced on major state institutions in the capital Sanaa, largely unopposed by troops and security forces. REUTERS/Khaled Abdullah (YEMEN - Tags: POLITICS CIVIL UNREST MILITARY)
سيطرة الحوثيين على صنعاء أثارت مخاوف من تكرار تجربة حزب الله والضاحية الجنوبية لبيروت (رويترز)

سمير حسن-عدن

أثارت تحركات جماعة أنصار الله (الحوثيون) وتوسعاتها العسكرية في اليمن قلقا لدى الكثير من اليمنيين، من سعي الجماعة لإقامة ما يمكن تسميته بالضاحية الشمالية في صنعاء على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت، خصوصا بعد أن سيطروا على العاصمة صنعاء وسط انهيار كبير لمؤسسات الدولة العسكرية والسياسية.

وتسيطر الجماعة المتهمة بولائها لإيران على المشهد السياسي والعسكري في العاصمة اليمنية، إلى جانب سيطرتها على محافظتي صعدة وعمران في الشمال، وتسعى لبسط سيطرتها على محافظة الجوف النفطية المجاورة، بالتزامن مع اعتراضها على طريقة تقسيم البلاد إلى أقاليم وحرمان إقليم آزال الذي يضم صعدة وعمران وصنعاء وذمار من أي منفذ بحري.

وفيما يبدي محللون وخبراء مختصون في الشأن الأمني قلقا من استغلال الجماعة لتنامي قوتها العسكرية لاستنساخ تجربة حزب الله اللبناني، خاصة بعد عمليات نهب واسعة قامت بها لمخازن أسلحة الجيش في العاصمة صنعاء، يشكك آخرون في إمكانية تحقيق ذلك على الأرض وفي قدرة الحوثيين على الاستمرار في السيطرة.

‪الذهب: الحوثيون وحلفاؤهم يريدون السيطرة على السلطة برمتها‬ (الجزيرة)
‪الذهب: الحوثيون وحلفاؤهم يريدون السيطرة على السلطة برمتها‬ (الجزيرة)

التهام الدولة
ويرى الخبير العسكري والباحث في شؤون النزاعات المسلحة علي الذهب أن الحوثيين أصبحوا يسيطرون فعليا على الضاحية الشمالية الغربية من صنعاء، ولذلك فإنه لا يستبعد قيام الجماعة بتكرار سيناريو حزب الله في اليمن في حال تعثر تنفيذ الاتفاق الذي وقعته الأطراف السياسية مع الحوثيين.

وقال الذهب في حديث للجزيرة نت إن الحوثيين ومن يقف وراءهم يسعون لما هو أبعد من ذلك، وهو السيطرة على السلطة برمتها، مستفيدين من بسط نفوذهم على العاصمة وما حصلوا عليه من أسلحة استحوذوا عليها من معسكرات القوات المسلحة والأمن.

وأكد المتحدث أن بحوزة الحوثيين تسليح لواءين، هما اللواء 310 مدرع، الذي كان مرابطا في عمران، واللواء 314 الذي كان مكلفا بحماية أغلب المقار السيادية داخل العاصمة، وهو لواء مدرع، فضلا عن أسلحة قيادة المنطقة العسكرية السادسة التي كانت تتمركز في مقر ما كان يسمى "الفرقة الأولى مدرع" بالعاصمة.

وقدر حجم وأنواع السلاح الثقيل الذي تمتلكه جماعة الحوثي، بعد إضافة الأسلحة التي نهبتها في الحروب السابقة مع الدولة وما حصلت عليه إبان أحداث 2011 من الداخل والخارج، بأنه تسليح ثمانية ألوية كاملة ولا ينقصها سوى سلاح الطيران والسلاح البحري.

مستقبل ضبابي
من جانب آخر، اعتبر رئيس المنتدى العربي للدراسات الإستراتيجية نبيل البكيري أن الحديث عن إقامة جماعة الحوثي ضاحية شمالية في صنعاء لم يعد الآن بذلك القدر من الحديث عن أن الحوثيين التهموا الدولة بإسقاط عاصمة البلاد وقانونها ونظامها السياسي.

ورأى البكيري في حديث للجزيرة نت أن كل السيناريوهات المحتملة للمرحلة المقبلة تنبئ بمستقبل ضبابي وتداعيات خطيرة، قد تكون من أبرز ملامحها أن يتجه اليمن إلى حالة تشظٍّ، وفي أقل الاحتمالات سوءا أن يستمر مسلسل الاقتتال وإن تأجل لبعض الوقت نتيجة الاتفاقية التي وقعتها الأطراف السياسية.

‪المودع: اختلاف الظروف وهشاشة الوضع تحول دون استنساخ الحوثي لتجربة حزب الله‬ (الجزيرة)
‪المودع: اختلاف الظروف وهشاشة الوضع تحول دون استنساخ الحوثي لتجربة حزب الله‬ (الجزيرة)

وأضاف البكيري "هذا الاتفاقية الموقعة مع جماعة الحوثي تقضي على كل ما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني، وتنذر بحروب مؤجلة، وهي عبارة عن مباركة واعتراف رسمي بسقوط الدولة، وتسلم الحوثيين للشأن السياسي والأمني في العاصمة صنعاء ومحافظات شمال البلاد".

أمر مستبعد
غير أن الكاتب والمحلل السياسي عبد الناصر المودع استبعد إمكانية استنساخ جماعة الحوثيين نموذج حزب الله، مشيرا في تصريح للجزيرة نت إلى أن ذلك الأمر بعيد الاحتمال لسببين، هما اختلاف الظروف التي ساعدت حزب الله على إقامة مثل هذا المربع الخاص به في الضاحية الجنوبية، والشيء الآخر هو أن الأرضية التي يستند عليها الحوثيون هشة، ويصعب عليهم المحافظة على ما حققوه من انتصارات عسكرية على الأرض.

وقال المودع إن الحوثيين يسيطرون حاليا على معظم العاصمة عسكريا وسياسيا، لكن من غير الممكن حتى الآن التوقع بما يمكن أن تؤول إليه الأمور على المدى البعيد، مشيرا إلى أن السيناريوهات القادمة الأكثر ترجيحا ووضوحا على المدى القصير هو مزيد من العنف والفوضى وضعف سيطرة الدولة وتخلخل أجهزتها.

المصدر : الجزيرة