هدنة في قدسيا بين المعارضة والنظام السوري

قوات النظام السوري حاصرت بلدة قدسيا بشكل كامل ومنعت دخول وخروج المدنيين
حصار بلدة قدسيا حال دون جمع القمامة من شوارعها (الجزيرة)

سلافة جبور-ريف دمشق

تعرضت بلدة قدسيا الواقعة بريف دمشق الغربي لحصار من قبل قوات النظام دام بضعة أيام، وقد انتهى بتوقيع اتفاق جديد للهدنة أشرفت عليه لجنة المصالحة في البلدة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تحاصر فيها قوات النظام السوري البلدة، التي تعد من أوائل المناطق الواقعة في محيط دمشق التي وقعت فيها المعارضة المسلحة اتفاقا مع قوات النظام المنتشرة على أطرافها.

إلا أن اتفاق الهدنة المذكور تعرض للخرق مرات عدة العام الفائت والعام الحالي من قبل النظام السوري، وكانت قوات النظام حينئذ تفرض حصارا مشددا على البلدة، وتمنع دخول وخروج السكان منها، إضافة إلى منعها إدخال المواد الغذائية إليها.

محال الخضار ومرافق أخرى في بلدة قدسيا أغلقت أبوابها خلال الحصار (الجزيرة)
محال الخضار ومرافق أخرى في بلدة قدسيا أغلقت أبوابها خلال الحصار (الجزيرة)

موقع إستراتيجي
وتتمتع بلدة قدسيا التي تبعد عن دمشق نحو ثمانية كيلومترات من الجهة الغربية بموقع إستراتيجي مهم، إذ تحيط بها أحياء موالية للنظام كجبل الورد وحي الورود ومساكن الحرس الجمهوري، ويقطنها اليوم قرابة أربعمائة ألف نسمة، كثيرون منهم نزحوا من مناطق أخرى، حسب تقديرات ناشطين.

وفوجئ سكان قدسيا -الثلاثاء الماضي- بتصعيد من قوات النظام، إذ قامت بإغلاق جميع الطرق المؤدية إليها، ومنعت إدخال الطحين والمواد الغذائية والطبية، وسجلت حوادث إطلاق نار من قبل عناصر اللجان الشعبية المنتشرة على أطراف البلدة، الأمر الذي أثار الذعر والقلق لدى السكان.

واستمر الحصار حتى يوم السبت، الذي أعلنت فيه المعارضة المسلحة وكتائب الجيش الحر العاملة في البلدة التوصل إلى اتفاق هدنة جديد مع النظام.

التزام بالهدنة
وتتضمن بنود الاتفاق الذي نشر على صفحة المجلس المحلي لبلدة قدسيا على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، تسلم عناصر الجيش الحر مسؤولية حماية مداخل ومخارج البلدة والمدنيين داخلها، وضمان أمن البلدة واستقرار حياة الأهالي والسكان وعمل المؤسسات الحكومية، إضافة إلى منع أي مظاهر مسلحة داخل البلدة ومنع إدخال السلاح إليها.

وتلتزم كتائب الجيش الحر وفق الاتفاق بمحاسبة أي عنصر تابع لها يقوم بخرق الهدنة أو بأي عمليات لا أخلاقية، مثل الخطف والاتجار بالمخدرات، إلا أنها في الوقت نفسه تتعهد بالرد الفوري على أي اعتداء تتعرض له "من أي جهة كانت"، مع تأكيدها التزامها التام ببنود الهدنة كافة.

ويؤكد محمد علي -الناطق الإعلامي باسم المجلس المحلي لمدينة قدسيا- أن توقيع الاتفاق تم بشكل فعلي بإشراف لجنة المصالحة، وأعقبه فتح الطرقات والسماح بدخول وخروج الأهالي، إضافة إلى دخول سيارات البلدية الخاصة بالقمامة للعمل على تنظيف البلدة بعد خمسة أيام من الحصار، على حد قوله.

آثار دمار في بلدة قدسيا نتيجة غارة جوية عليها في وقت سابق (الجزيرة)
آثار دمار في بلدة قدسيا نتيجة غارة جوية عليها في وقت سابق (الجزيرة)

الشبيحة مستفيدون
ويضيف الناطق للجزيرة نت "بدأ الحصار بعد إلقاء القبض على ثلاثة عناصر تابعين للنظام ومتخفين بلباس مدني حاولوا الدخول للبلدة، ولدى معرفة النظام باعتقال الجيش الحر الأشخاص المذكورين قام بإغلاق الطرقات وفرض حصارا على البلدة مطالبا بإعادتهم.

ويتابع الناطق "المستفيد الأكبر من التصعيد في قدسيا هم الشبيحة الذين يريدون إظهار المنطقة على أنها منطقة ساخنة وذلك كي يتجنبوا الذهاب إلى جبهات مشتعلة مثل الغوطة أو جوبر أو الدخانية شرقي العاصمة، والتي يقتل لهم عناصر فيها بشكل يومي".

أما أهالي بلدة قدسيا، فيبدو أنهم اعتادوا الحصار وإغلاق الطرقات، ورغم تخوفهم من تصعيد أكبر من قبل عناصر الدفاع الوطني والشبيحة، فإنهم كانوا على ثقة بأن الحصار لن يستمر أكثر من بضعة أيام.

من جانبه، قال الناشط أبو أحمد للجزيرة نت "رغم أنني اضطررت للتغيب عن عملي في العاصمة فإنني وفي هذه المرة لم أشعر بالقلق كما في المرات السابقة، فأكثر ما كان يخيفني هو أن ينفد مخزوننا من الطعام وألا أتمكن من تأمين احتياجات عائلتي، لكن الأمر لم يستغرق سوى بضعة أيام والحمد لله".

المصدر : الجزيرة