مخاوف من تأخر إعادة إعمار غزة

تخوفات من تأخر إعادة إعمار غزة
أهل غزة بانتظار إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية بين الصيف والشتاء (الجزيرة نت)

أحمد فياض-غزة

ظهر الشاب رائد سليم حائرا قلقا وهو يقف أمام مدرسة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في قطاع غزة, لجأ إليها مع أفراد أسرته إثر تدمير إسرائيل منزلهم في عدوانها الأخير.

وتصر أسرة سليم ونحو 300 أسرة أخرى على البقاء في المدرسة حتى تتعهد السلطة الفلسطينية بإعادة إعمار منازلهم وتوفير مساكن بديلة تحميهم من برد الشتاء وحر الصيف.

يقول رائد "إن الخشية من ضياع فرصة إعادة الإعمار كما حصل في تجارب مريرة في اعتداءات إسرائيلية سابقة مثل حربي 2009 و2012، تهيمن على أذهان الأسر المشردة".

ويضيف في حديث للجزيرة نت أن "عدم اتخاذ خطوات للبدء بإعادة إعمار غزة أو تهيئة الأجواء لانطلاقها، وطغيان الخلافات الداخلية بشأن إدارة القطاع زاد من مخاوف الأسر المشردة".

فلسطينيون مشردون بعد حرب غزة يخشون من تأخر إعادةالإعمار (الجزيرة)
فلسطينيون مشردون بعد حرب غزة يخشون من تأخر إعادةالإعمار (الجزيرة)

زيادة المخاوف
وتعيش أكثر من عشرين ألف أسرة غزّية بلا مأوى حالة من الإحباط والخشية من تكرار سيناريو تأخر الإعمار، في ظل استمرار إغلاق المعابر وتسبب الخلافات الفلسطينية الداخلية في تخلي الدول العربية والمانحة عن الوفاء بتعهداتها والتزاماتها، واقتصار دورها على المجال الإغاثي الطارئ.

ويشارك أمين سر المجلس الثوري لحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) أمين مقبول المنكوبين خشيتهم من ضياع فرصة إعادة إعمار غزة بسبب الخلافات الفلسطينية.

يقول مقبول في اتصال هاتفي مع الجزيرة نت "إن هذا الأمر دفع اللجنة المركزية لحركة فتح إلى تشكيل لجنة للحوار مع حركة حماس لإنهاء الخلافات ووضع حد للتجاوزات، وتمكين حكومة الوفاق الوطني من بسط سلطتها على قطاع غزة ومتابعة شؤون إعادة الإعمار ومعالجة قضايا وهموم مواطنيه".

لكن المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) فوزي برهوم قال "إن الحركة لن تكون حجر عثرة أمام أي جهة تريد إعمار قطاع غزة بأمانة وصدق وشفافية".

وأضاف برهوم للجزيرة نت أن "ملف إعادة الإعمار هو التحدي الذي يواجه الناس، وهو ما يجب الاهتمام به من قبل رئيس السلطة الفلسطينية وحكومة التوافق الوطني، إضافة إلى مصر بصفتها راعية اتفاق وقف إطلاق النار".

وتابع بالقول "لا يمكن القبول بأن تكون مواد الإغاثة بديلا عن إعادة الإعمار, فهو أولوية كما هي مواد الإغاثة".

وحاولت الجزيرة نت الحصول على موقف حكومة التوافق الوطني بشأن مخاوف الناس من تأخر الإعمار، إلا أن وزير الأشغال فيها المقيم في غزة اعتذر أكثر من مرة بسبب انشغاله، ومرة بسبب مرضه، وأخيرا لسفره تحضيرا لمؤتمر إعادة الإعمار.

شعبان: لا نريد تكرار أزمة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على الحدود العربية (الجزيرة نت)
شعبان: لا نريد تكرار أزمة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على الحدود العربية (الجزيرة نت)

أزمة إنسانية
من جهته أعرب مدير مؤسسة "بال ثنك" للدراسات الإستراتيجية الخبير الاقتصادي عمر شعبان عن مخاوفه من تكرار مأساة أصحاب البيوت التي دمرت سابقا، وأن تصبح مسألة تقديم المواد الإغاثية هي القاعدة وإعادة الإعمار هو الاستثناء.

وأضاف أن "هذا السيناريو مرعب لأنه يعني آلاف العائلات الفلسطينية التي دمرت بيوتها، وهو ما سيشكل أزمة إنسانية دائمة تشبه أزمة مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على الحدود السورية الأردنية والعراقية المستمرة منذ سنوات، وقد نسيها العالم وبقي الناس في العراء".

وأوضح شعبان في حديثه للجزيرة نت أن الكثير من الدول الغربية والعربية استبدلت ضعف إراداتها السياسية بشأن الضغط على الحكومة الإسرائيلية لرفع الحصار عن غزة والسماح بإعادة إعمار، بمعالجة ظواهر المشكلة عبر تقديم مساعدات إنسانية أو طبية أو غذائية اولة لسد الفراغ الناجم عن عدم الفعل السياسي.

ورأى أن خلافات القطبين الفلسطينيين الكبيرين (فتح وحماس) ستنعكس بالضرورة على ملف إعادة الإعمار، لافتا إلى أن قضية إعادة الإعمار في ظل المعطيات الحالية ستسيّس مرة أخرى في ضوء محاولة كل طرف استخدام الإعمار لصالحه.

وأعرب شعبان عن تخوفه أيضا من أن إبطاء السلطة الفلسطينية في ملف إعادة الإعمار يهدف إلى إثارة غضب الناس ضد حركة حماس.

المصدر : الجزيرة