سوريات يكافحن من أجل البقاء

تقام بعض المعارض للترويج لمنتجات السوريات والتسويق لهن
السوريات يُقمن معارض ترويجية لمنتجاتهن (الجزيرة نت)

ناريمان عثمان-عمان

لم تكن سناء تحب ساعة الانصراف من العمل، وكانت تفضل البقاء لأطول وقت ممكن في العيادة الطبية التي تعمل بها كسكرتيرة، ليس لأنها ستُحصِّلُ أجرًا إضافيًا، وإنما لأنه أفضل من العودة إلى بيت أسرتها المتهالك والمزدحم بأفراد عائلتها وعائلة أخرى من أقاربها.

سناء واحدة من سوريات كثيرات في الأردن اضطررن للبحث عن عمل لسد احتياجاتهن واحتياجات أسرهن.

بعض أولئك السوريات يعملن في تنظيف المنازل، وبعضهن يعملن في حياكة الملابس، وبعضهن يستعنّ ببناتهن لمساعدتهن في توفير احتياجات الأسرة، وأغلبهن يعانين كثيرا من المشكلات بسبب قوانين العمل.

سناء التي تحمل شهادة جامعية، كانت معلمة للمرحلة الثانوية في سوريا، ورغم ذلك لم يكن لديها مشكلة في أن تعمل سكرتيرة براتب يبلغ نحو 250 دولارًا شهريا. 

كانت سناء توزع راتبها بحرص شديد بين إيجار البيت ونفقات المواصلات العامة، إضافة إلى دينار أردني واحد (1.5 دولار تقريبًا) لشحن هاتفها المحمول، في حين يذهب القليل المتبقي إلى الأسرة التي تعولها بمفردها.

ولم يدم الحال طويلا بسناء، فقد طُردت من عملها لأن توظيفها يخالف قانون العمل الأردني الذي "لا يسمح للسوريين بمزاولة معظم المهن".

الأتاسي: وفرنا 30 فرصة عمل لسوريات ونسعى لإكساب أخريات مهارات جديدة(الجزيرة نت)
الأتاسي: وفرنا 30 فرصة عمل لسوريات ونسعى لإكساب أخريات مهارات جديدة(الجزيرة نت)

معاناة
أمَّا لينا التي تعيش مع ابنتيها الصغيرتين في أطراف عمان، فتقول إنها تعاني آلامًا في ظهرها تمنعها معظم الوقت من العمل، وهي تحاول كسب الرزق من الطبخ للعائلات الأردنية، وتساعدها ابنتها الصغرى (13 عاما) في العمل للإنفاق على الأسرة.

تقول لينا إن ابنتها الصغرى "أقوى من شقيقتها التي تكبرها، وهي تفعل كل شيء لمساعدتي في تأمين احتياجاتنا.. تذهب للعمل في منزل إحدى السيدات وتعود بمبلغ يومي".

ويثقل الحِمل على أم سعد التي قاربت الستين من عمرها ولها ابنتان تعانيان إعاقات جسدية بالغة.

وتقول السيدة الستينية للجزيرة نت "عندما وصلتُ إلى الأردن كان عليَّ البدء من الصفر، فلم يعد دوري يقتصر على الأمومة والرعاية الكبيرة التي تفرضها حالة بناتي المريضات وحسب، ولكني صرت مطالبة بتأمين أمور المعيشة بعد أن توفي زوجي في سوريا".

سعي للعمل
أم مازن ربة منزل تجاوزت الأربعين وهي أم لتسعة أبناء، تقول "لم يسبق لي أن مارست أي عمل، وبعد اللجوء إلى الأردن وجدت نفسي مسؤولة عن أسرتي، فبذلت جهدا كبيرا لتعلم حياكة الملابس في مركز سوريات عبر الحدود".

وفي تصريح للجزيرة نت تضيف أم مازن "عملت بداية في المطبخ، لكنه كان عملا مرهقا جدا، فاتجهت إلى تعلم الخياطة، فالمحتاج عليه أن يتعب أكثر".

أما زميلتها حسناء فتقول إنها أصبحت "معنية بنفقات الأولاد ودراستهم"، وأكدت للجزيرة نت أنها تشعر بالسعادة عندما تتمكن من تأمين بعض احتياجات أولادها، لأن هذا "يخفف عنها شعورها بالتعب ويشعرها بثقل المسؤولية التي كان زوجها يتحملها في سوريا".

من جهتها قالت مسؤولة بمركز "سوريات عبر الحدود" سمارة الأتاسي إن المركز في عمان "وفر حوالي ثلاثين فرصة عمل لسيدات سوريات، ويسعى لإكساب سيدات أخريات مهارات جديدة من خلال دورات تعليم الخياطة والتطريز وحلاقة الشعر وصناعة الصابون والشمع".

‪حسناء تعمل بالحياكة‬ حسناء تعمل بالحياكةلتأمين احتياجات أطفالها (الجزيرة نت)
‪حسناء تعمل بالحياكة‬ حسناء تعمل بالحياكةلتأمين احتياجات أطفالها (الجزيرة نت)

صراع
وقال تقرير صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن "عائلة من بين كل أربع عائلات تكفلها امرأة بمفردها من أجل البقاء على قيد الحياة".

وتحدث التقرير عن صراع يومي "تخوضه النساء من أجل تدبير الأمور المعيشية، بينما يناضلن للحفاظ على كرامتهن والاهتمام بعائلاتهن في منازل متداعية ومكتظة، وملاجئ مؤقتة وخيام غير آمنة".

وأوضح أن كثيرا من هؤلاء السيدات "يواجهن خطر العنف أو الاستغلال، ويواجه أطفالهن صدمات نفسية ومآسي متزايدة".

وخلص التقرير إلى أن نقص المال "يشكل العقبة الأولى التي أبلَغت عنها اللاجئات، حيث تكافح معظم النساء من أجل سداد إيجار المسكن وتأمين الغذاء وشراء المستلزمات الأساسية"، مشيرا إلى أن كثيرات منهن "أنفقن مدخراتهن كاملة وبعن حتى خاتم زواجهن".

المصدر : الجزيرة