تشكيك في دوافع تحذيرات أميركا لرعاياها بالجزائر
بودهان ياسين-الجزائر
اعتبر خبراء أمن جزائريون تحذيرات السفارة الأميركية في الجزائر لرعاياها يوم الخميس الماضي من هجمات "إرهابية" محتملة "مبالغا فيها وتستهدف سمعة الجزائر".
وبررت السفارة الأميركية تحذير رعاياها من التردد على الفنادق الأميركية في الجزائر، أو التي يديرها أميركيون، بوجود مجموعة "إرهابية" غير معروفة قد تعد لشن هجمات، ورجحت أن تكون العملية في محيط سلسلة إحدى الفنادق الأميركية، لكن لم يصدر أي رد فعل رسمي من السلطات الجزائرية تجاه هذه التحذيرات، علما بأن الجزائر تؤكد أن الملف الأمني في البلاد يشهد تحسنا كبيرا منذ الأشهر الأخيرة.
ولم تكن تحذيرات الخميس الأولى التي تصدر عن السفارة الأميركية في الجزائر، فقد سبق أن حذرت من عمليات "إرهابية" وشيكة بالجزائر، أهمها بساحة البريد المركزي وسط العاصمة، لكن كل تلك التحذيرات كانت خاطئة ولم تقع أي عملية، الأمر الذي يجعل العقيد السابق في الجيش الجزائري أحمد عظيمي يصف هذا الأمر بـ"السلوك غير الأخلاقي، لأن كل التحذيرات خاطئة، وتستهدف سمعة الجزائر".
وحسب عظيمي فإن السفارة الأميركية "ما كان عليها أن تتعامل بهذه الطريقة مع السلطة ومع الشعب الجزائري، لأن فيها احتقارا لهذا الشعب ولهذه السلطة، خاصة وأن الجزائر تربطها اتفاقات تعاون أمني كثيرة مع الشريك الأميركي وفي العلاقات الدولية القائمة على الاحترام. كان يجب على السفارة أن تقدم هذه المعلومات إن كانت فعلا صحيحة سرا للأجهزة الأمنية الجزائرية حتى تقوم بالواجب".
دولة مارقة
وذكر عظيمي أن تحذير السفارة الأميركية عبر موقعها الإلكتروني يعني أنها تقول للمجموعة التي تريد تنفيذ العملية لا تنفذيها، لذلك هو يصف أميركا بـ"الدولة المارقة والخارجة عن القانون".
وفي تقديره فإن السلطات الأميركية "تتعامل بمكيالين مع الجزائر، فهي تتحدث خلال زيارة مسؤوليها للجزائر عن أن هذا البلد حليف هام لها في مكافحة الإرهاب، وتشيد بتجربتها في هذا المجال، وبالمقابل هي تعمل على تشويه صورتها وسمعتها من خلال الإيحاء بأنها بلد غير مستقر ويعاني من الإرهاب، والهدف من ذلك هو تخويف المستثمرين من القدوم للجزائر".
من جانبه اعتبر الخبير الأمني ورئيس تحرير يومية "الوطن" الناطقة بالفرنسية فيصل مطاوي التحذيرات الأميركية "مبالغا فيها كثيرا لأنه لا توجد أية إشارة لتهديدات إرهابية ضد المصالح الأميركية في الجزائر. فالوضع الأمني تحسّن كثيرا خلال الأشهر الأخيرة لذلك لا يوجد أي مبرر للتحذيرات".
والسؤال الذي يطرح نفسه -يقول مطاوي- هو لماذا هذه التحذيرات وفي هذا التوقيت بالذات؟ ولماذا لم تقدم السفارة الأميركية تفاصيل بشأن مصدر معلوماتها؟ هل هي من تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أم من تنظيم آخر؟
طبخة
وعبّر عن خشيته من "وجود مناورة أميركية جديدة أو طبخة سياسية داخلية أو خارجية من وراء هذه التحذيرات، لأنه سبق للسفارة أن حذرت رعاياها عدة مرات من تهديدات مماثلة، آخرها احتمال حدوث انفجار في ساحة البريد المركزي وسط العاصمة الجزائر، ولكن لا شيء حدث. والغريب في الأمر أن العلاقة بين البلدين جيدة، خاصة على مستوى التعاون الأمني".
وانتقد كل من عظيمي ومطاوي عدم صدور أي موقف رسمي جزائري تجاه هذا الأمر، واستعبد عظيمي صدور أي موقف رسمي، "وهو ما يتكرر دائما حينما يكون الأمر متعلقا بموقف صادر من أميركا أو فرنسا. وكان المفترض أن يتم استدعاء السفير الأميركي من طرف الخارجية الجزائرية وتطالبه بتوضيحات وبمعلومات إن كانت فعلا متوفرة، تطبيقا لاتفاقات أمنية مشتركة بين البلدين".
كما استغرب مطاوي الصمت الرسمي الجزائري، خاصة وأن الحكومة الجزائرية "تركز في خطاباتها مؤخرا على عودة الأمن والاستقرار في البلاد، وهو الملف الذي تم التسويق له بشكل واسع خلال الحملة الانتخابية للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في انتخابات 17 أبريل/نيسان السابقة".