محمد أبو خضير.. خطف وتعذيب وقتل
عوض الرجوب-الخليل
وتفيد روايات سكان الحي المقدسي، حيث منزل عائلة الشهيد، بأنه تعرض للخطف من قبل خمسة مستوطنين بعد مغادرته المنزل. وقالوا إن الخاطفين غادروا به الحي متوجهين للقدس الغربية، فتبعهم السكان إلا أن محاولات اللحاق بهم باءت بالفشل.
وفي ساعات الصباح أعلنت شرطة الاحتلال العثور على جثة محروقة عليها آثار تعذيب، وسرعان ما تبادر إلى ذهن الأهالي وعائلة أبو خضير أن الضحية هو الشاب الوسيم محمد، وهو ما كان.
وتظهر صور نشرت على الإنترنت وتداولتها مواقع التواصل الاجتماعي تمثيلا بشعا بالجثة، وآثار طعنات تنزف منها الدماء.
كله ذكرى
بحنان الأب الفياض، يستذكر الوالد حسين أبو خضير (أبو الرائد) الساعات الأخيرة التي أمضاها مع ابنه أمام شاشة التلفاز في الليلة التي سبقت استشهاده، مضيفا أنهما جلسا قرابة الساعة الحادية عشرة والنصف وتحدثا عن رمضان، ثم افترقا ليلتقيا مجددا على السحور.
وبعيد السحور، يضيف الوالد في حديثه عبر الهاتف للجزيرة نت أن محمد غادر متوجها إلى المسجد كعادته كل يوم، لكنه لم يصل المسجد، حيث شاهد بعض الأهالي حين كانوا متوجهين للصلاة عدة مستوطنين يخطفون ابنه من أمام المنزل.
ويقول والد الشهيد إن الأخبار السيئة توالت وإنه استدعي بعد العثور على الجثة للتعرف عليها، لكن شرطة الاحتلال منعته من رؤيتها، واكتفت بإجراء فحص الحمض النووي للتأكد من هوية محمد، وواصلت احتجاز الجثمان أمس واليوم بحجة إجراء التشريح.
الوالد المكلوم يقول بلسان يثقله الحزن إن "محمد كله ذكرى.. كان مؤدبا خلوقا مجتهدا في دراسته" واصفا استشهاده بأنه كانتزاع جزء من كبده لن يعوضه أي شيء، لكنه لا يجد عبارات مناسبة يصف بها الجريمة التي ألمت بابنه، مكتفيا بالقول إنه انتقام من طفل بريء لم يبلغ سن الرشد كان ذاهبا لأداء الصلاة.
ويبدي أبو خضير ارتياحه لحجم التضامن معه والهبة الشعبية والإدانة الواسعة لجريمة الخطف والقتل، وطالب شرطة الاحتلال باعتقال الجناة بأسرع وقت دون مماطلة وإيقاع أشد العقوبات بهم، والعمل على لجم المستوطنين واعتداءاتهم.
من جهته يعلق ناشط مقدسي على التمثيل بالشهيد وحرقه بالقول إن اليهود أتخموا العالم حديثا عن المحرقة ومعاناتهم، واليوم استخدموا أداة التعذيب نفسها بحق طفل لم يتجاوز سن البلوغ.
ومنذ العثور على جثامين ثلاثة مستوطنين اختفت آثارهم قبل ثلاثة أسابيع، تزايدت بشكل ملحوظ حدة التحريض على العرب والدعوات للقتل والانتقام والثأر من خلال شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، شارك فيها جنود وكتاب وحاخامات إسرائيليون، رغم عدم إعلان أي جهة فلسطينية مسؤوليتها عن قتلهم.
مماطلة مقصودة
وفي مؤتمر صحفي لعائلة الشهيد اتهم رئيس مجلس محلي شعفاط إسحق أبو خضير الشرطة الإسرائيلية بالمماطلة في التحقيق، مشيرا إلى أن كل التسجيلات في منطقة الخطف تظهر الخاطفين وسياراتهم، لكن الشرطة تعدها غير واضحة.
وأضاف أبو خضير أن والد الشهيد أبلغ الشرطة الإسرائيلية عن عملية الخطف فور وقوعها، وأن السيارة اتجهت نحو القدس الغربية، لكنها تقاعست عن متابعة المختطفين وبالتالي إنقاذ محمد من القتل.
وترفض الشرطة الإسرائيلية الإدلاء بأي معلومات حول الشهيد أبو خضير، متذرعة بأن التحقيقات في الموضوع تخضع حاليا لأمر "حظر النشر" المفروض على القضية.
وذكرت صحيفة "القدس" المقدسية أن الشرطة الإسرائيلية استدعت أمس شابين من الحي للتعرف على مستوطنين يعتقد أنهم خطفوا وقتلوا وحرقوا جثة الفتى محمد أبو خضير، وبالفعل فإن احد الشابين تعرف على اثنين منهم وأكد للشرطة أنهما من نفذا عملية الخطف.